نلتقيكم في حلقة أخري من هذا البرنامج الرمضاني، نخصصها لوقفة تأملية عند سورة القدر المباركة.
تشتمل سورة القدر المباركة وعلي قلة آياتها وألفاظها علي بيان أمهات حقائق التوحيد والنبوة والإمامة والتوسل الي الله جل جلاله بأوليائه المقربين (عليهم الصلاة والسلام).
وما نعرضه هنا هو بعض الدروس المناسبة لموضوع البرنامج وأهمها تعريف المؤمنين بأهمية ليلة القدر لكي يتوجهوا فيها الي الله عزوجل بما يتناسب مع أهميتها ويتوجهوا اليه بالكيفية التي تهديهم اليها هذه السورة المباركة.
نشير أولاً الي أن مطلع السورة يحدد زمان نزول القرآن الكريم الذي ذكرته مجملاً آية «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ»، فسورة القدر تصرح بأن نزول كتاب الله هو في ليلة القدر فهي من ليالي شهر الله الأكبر، بل وأعظم هذه الليالي علي الأطلاق لأنها الليلة التي جعلها الله عزوجل خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ولأنها ليلة نزول القرآن علي قلب النبي الخاتم (صلي الله عليه وآله) ولأنها الليلة التي تتنزل الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ علي قلب حجته في أرضه وفي كل عام والي يوم القيامة، وكذلك لأنها الليلة التي جعلها الله عزوجل سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ وكل واحد من هذه الإسباب يتضمن درساً عملياً للصائمين نشير اليها إجمالاً في هذا اللقاء.
القرآن الكريم يصرح بأن ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر وأحاديث أهل بيت النبوة (عليهم السلام) تبشر المؤمنين بأن ذلك يتضمن أن الله جلت آلاؤه يضاعف في ليلة القدر آثار الأعمال الصالحة التي تؤدي فيها وأجرها بهذه النسبة نفسها مقارنة بآثار وأجر الأعمال الصالحة التي تؤدي في غيرها من الليالي.
ولا يخفي عليكم أن المستفاد من ذلك أن هذا الأمر يعني أن العمل الصالح فيها تفوق قيمته قيمة العمل المماثل له الذي يؤدي في ألف شهر مع تشابه صورة وكيفية العمل الظاهرية في كلا الحالتين.
وعلي ضوء هذه الحقيقة نفهم ما ورد في بعض الروايات من أن الصالحين كانوا يستعدون لليلة القدر منذ بداية شهر رمضان المبارك لكي يتأهلوا لإقامة الأعمال الصالحة فيها بما يتناسب مع أهميتها. ومازالت سنة أولياء الله قائمة علي ذلك، كما نجد في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) دعوات مشددة بالإستعداد لهذه الليلة المباركة وإجتناب كل ما يحرم الإنسان من بركاتها.
*******