سلامٌ من الله عليكم أحباءنا وتقبل الله أعمالكم، علي بركة الله نلتقيكم مع آيات للصائمين، ولنا في هذا اللقاء وقفة أخري عند قوله عزّ من قائل (سورة البقرة 45-46): «وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ، الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ».
فما الذي نستلهمه من هاتين الآيتين الشريفتين فيما يرتبط بالصورة الفضلي لأداء عبادة الصوم المباركة؟!
صرحت الأحاديث الشريفة أن (الصَّبْرِ) الذي تذكره الآية الأولي هو عبادة الصيام، ولعل ذلك بأعتبار أن الصيام يشتمل علي أوضح المصاديق العبادية لفضيلة الصَّبْرِ.
وبذلك يتضح أن القرآن الكريم يأمرنا بأن نستعين بعبادة الصوم في مواجهة الشدائد والصعاب وكذلك من إجل تقوية روح الإستقامة علي الصراط المستقيم والتغلب علي أشكال المغريات والوساوس الشيطانية.
ويلاحظ في الآيات الكريمة أنها تأمر بالإستعانة بالصيام والصلاة معاً، مشيرة بذلك الي تكامل آثار هاتين العبادتين في إيصال الإنسان الي المراتب الكمالية السامية.
من هنا نستلهم درساً مهماً هو أن علينا أن نهتم بأمر الصلاة عموماً وفي أيام الصيام خصوصاً، وهذا الأمر يشمل الصلوات الواجبة حيث ينبغي للصائمين أن يجتهدوا في إقامتها بخشوع ٍ أكمل مستفيدين من حالة الخشوع والتوجه الروحي التي توجدها عبادة الصوم؛ كما ينبغي لنا إجتناب حالة الكسل خاصة في الصلوات النهارية.
والأمر نفسه يصدق علي الصلوات المستحبة سواء النوافل اليومية أو الصلوات الخاصة بأيام ٍ وليالي شهر رمضان وهي كثيرة تنبهنا أحاديث أهل بيت النبوة (عليهم السلام) الي الثمرات المباركة الدنيوية والأخروية لهذه الصلوات وعظمة ثوابها وكثرة آثارها الإيجابية في إكمال ثمرات فريضة الصيام.
والشواهد التأريخية علي الحقيقة المتقدمة كثيرة نختار منها النموذج التالي، فقد روي عن إسماعيل بن الأرقط: وهو ابن السيدة العابدة الجليلة أم سلمة أخت مولانا الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: مرضت في شهر رمضان مرضاً شديداً حتي ثقلت [يعني بلوغ الإحتضار وسكرات الموت، قال]: وإجتمعت بنو هاشم ليلاً للجنازة وهم يرون أني ميت، فجزعت أمي عليّ، فقال لها أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) خالي: إصعدي الي فوق البيت، فإبرزي الي السماء وصلي ركعتين، فاذا سلمت ِ فقولي: اللهم إنك وهبته لي ولم يك شيئاً، اللهم وإني إستوهبه مبتدئاً فأعرنيه.
قال: ففعلت، فأقفت وقعدت ودعوا بسحورٍ لهم هريسة فتسحروا بها فتسحرت معهم.
*******