خلال الحقبة الاستعمارية، كانت ألمانيا واحدة من القوى البارزة والقاسية التي لا يعرف تاريخها مثل الإمبرياليين الآخرين. يتناول الكتاب الجديد "الظل الطويل للاستعمار الألماني: فقدان الذاكرة والإنكار والتحريف" تاريخ الاستعمار الألماني وتأثيراته على المجتمع والسياسة والإعلام الألماني.
ويصف هينينج ميلبر، مؤلف هذا الكتاب، هذا التاريخ وإرثه. وبهذه المناسبة، وفي هذا المقال نلقي نظرة سريعة على هذا الاستعمار:
ممارسة القتل
وباعتبارها قوة استعمارية، دخلت ألمانيا المنافسة الاستعمارية في أفريقيا في وقت لاحق. بدأ دخول هذا البلد في الاستعمار باتفاقيات مشكوك فيها، ونهبت ألمانيا المناطق الجنوبية الغربية من أفريقيا (ناميبيا الحالية) والكاميرون وتوغو في عام 1884.
وكان الاستعمار الألماني مصحوبًا بالتدمير والعنف. وأظهرت الحرب الوحشية ضد شعوب شرق أفريقيا (1898-1890) وحشية هذا المستعمر. كما وفرت الحرب أيضًا ساحة تدريب لجيل جديد من ضباط الجيش الاستعماري الألماني الذين طبقوا مهاراتهم الوحشية في مناطق أخرى أيضًا.
أدت الحرب الألمانية ضد شعب الهيريرو (أوتجيهيريرو: Ovaherero) وشعب الناما في جنوب غرب أفريقيا (1904-1908) إلى أول إبادة جماعية في القرن العشرين. وفي هذه الحرب بلغ عدد الضحايا الأفارقة نحو 75 ألف شخص.
كانت العقوبات العقابية التي فرضها الألمان شائعة أيضًا في الكاميرون وتوغو، بما في ذلك العقوبة البدنية والإعدام والاعتداء الجنسي والسخرة. خلال الثلاثين عامًا من الاستعمار (1884-1914)، كان عدد الألمان في المستعمرات أقل من 50 ألفًا، لكن مئات الآلاف من الأفارقة قُتلوا بشكل مباشر بسبب العنف الاستعماري الألماني.
عدم القدرة على إدارة الأراضي المستعمرة
بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، تم التعرف على الإمبراطورية الألمانية لعدم قدرتها على الاستعمار وتم نقل أراضيها إلى الحلفاء. ومع ذلك، لم تكن هذه نهاية الطموحات الاستعمارية الألمانية.
انتشرت الدعاية الاستعمارية على نطاق واسع في جمهورية فايمار (1919-1933) واستمرت بأشكال جديدة في ظل النظام النازي (1933-1945).
إرث الاستعمار في ألمانيا اليوم
حتى بداية القرن الحادي والعشرين، لم تكن آثار الاستعمار مثل المباني وأسماء الشوارع محل شك في ألمانيا. ولكن بفضل جيل جديد من الباحثين وأنشطة المجتمع الأفريقي الألماني، بدأ الوعي العام بهذه الأفعال الناجمة عن الجرائم الألمانية يتغير.
لا تزال المتاحف الألمانية والمجموعات الألمانية الخاصة تحتوي على قطع أثرية ثقافية منهوبة من الحقبة الاستعمارية، ولم تبدأ الأبحاث المنهجية لتحديد مصادر هذه القطع إلا مؤخرًا.
واعترفت الحكومة الألمانية في عام 2015 بأن الحرب ضد شعب أوهاريرو وناما في ناميبيا الحالية ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. ومنذ ذلك الحين، لا تزال المفاوضات جارية بين ألمانيا وناميبيا، لكن مبلغ التعويض لا يزال موضوعًا مثيرًا للجدل.
ضرورة دفع التعويضات
إن الاستعمار الألماني ليس مجرد فصل مغلق في التاريخ، بل هو أيضا قضية لم يتم حلها. وكما كتب الكاتب الأمريكي "ويليام فولكنر": "إن الماضي لا يموت". إنه ليس حتى الماضي.
لذلك، وبالنظر إلى التحديات التي سببها الاستعمار ومطالبات حقوق الإنسان الغربية، وكذلك عواقب تخلف الدول المستعمرة عن التنمية على العالم، يجب على ألمانيا دفع التعويضات الاستعمارية بشكل أسرع وبمسؤولية كاملة.
المصدر : Pars Today