البث المباشر

شهادات السباع بالنبوة المحمدية حوار مع السيد محمد الشوكي حول زيارة النبي(ص) من بعيد والفوز بشفاعة المودة المحمدية والنجاة من أهوال القيامة

الثلاثاء 9 إبريل 2019 - 10:01 بتوقيت طهران

الحلقة 52

الحمد لله مبدأ كل خير ومنتهاه وأزكى السلام على منقذ عباده من غياهب الضلالة الى انوار الهداية محمد المختار وآله الاطهار.
وأهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج، رويت في المصادر المعتبرة عند مختلف المذاهب الاسلامية كثير من الروايات المتحدثة عن نطق السباع وغيرهم بالشهدادة للتبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) بالنبوة إتماماً للحجة على الناس. 
وقد جمع طائفة من هذه الروايات الحافظ ابراهيم اليهقي من أعلام محدثي أهل السنة في كتابه المشهور المحاسن والمساوئ تحت عنوان محاسن شهادات السباع له (صلى الله عليه وآله) بالنبوة، ومنها ما رواه أن أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية خرجا يوماً من مكة فشاهدا ذئباً يطارد ضبية حتى كاد أن يقتنصها، فدخلت أرض الحرم أي عبرت حدوده فرجع الذئب؛ فقال ابو سفيان: ما أرض سكنها قوم أفضل من أرض أسكنها الله إيانا؛ أما رأيت ما صنه الذئب؟ أعجب منه حين رجع! 
فأنطق الله عزوجل الذئب لكي يقول: أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم الى الجنة وتدعونه الى النار! 
فلما سمع أبو سفيان ما نطق به الذئب إمتلأ غيظاً وقال لصاحبه صفوان بن أمية محذراً: واللات والعزى لئن ذكرت ذلك بمكة لنتركها خلواً!! 
أما المقطع الذي انتهينا اليه من نص زيارة سيدنا المختار (صلى الله عليه وآله) من بعيد فهو الذي يستعيذ فيه الزائر في الدعاء بعد صلاة الزيارة بالنبي الاكرم من أهوال يوم القيامة، ويذكر مولانا الصادق (عليه السلام) في نص هذا الدعاء الزائر بالاوصاف التي ذكرها القرآن الكريم لهذا اليوم ومنها: «يوم الافكة، يوم الازفة، يوم التغابن، يوم الفصل، يوم الجزاء، يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة، يوم النفخة، يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة...».
وكما تلاحظون فجميع هذه الاوصاف وما قبلها وما بعدها وردت في كتاب الله المجيد، والتذكير بها يدفع الزائر الى الالتجاء الى رحمة الله الكبرى (صلى الله عليه وآله) طالباً شفاعته للنجاة منها؛ خاصة ً وأن هذه الاوصاف بليغة بالكامل في بيان شدة اهوال يوم القيامة وكثرة صعوباتها، والتذكير بذلك يعزز في الزائر الشعور بشدة حاجته في المقابل للالتجاء الى صاحب المقام المحمود والشفاعة الكبرى (صلى الله عليه وآله) للنجاة منها؛ كما ان تذكير الزائر باهوال وشدائد يوم القيامة من شانه ان يبعث فيه روح الاجتهاد في العمل استعدادا لها وتاهيلا للفوز بالشفاعة المحمدية؛ وهذا من اسرار الاهتمام القراني بتفصيل الحديث عن المعاد والدار الاخرة ويوم القيامة وصعوباتها. 

*******

المزيد من التوضيح للحقيقة المتقدمة نستمع اليه من ضيف البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا: 
المحاور: السلام عليكم احبائنا اهلاً بكم ومرحباً، واهلاً بضيفنا الكريم في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد سؤالنا في هذه الحلقة عن سر تذكير القرآن باوصاف يوم القيامة وشدائده وسر ورود مقطع طويل في زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد فيها ذكر لهذه الاوصاف القرآنية ودعوة للالتجاء للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله للنجاة منها؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلي على محمد وآل محمد، الحقيقة كما اشرتم ان هناك كثرة روائية وكثرة الآيات القرآنية حول قضية المعاد، ربما احصاها بعض العلماء الى ۱٤۰۰ آية تناولت قضية المعاد من زوايا مختلفة فضلاً عن الروايات الكثيرة الواردة في هذا المجال، وطبعاً هذه الآيات القرآنية بعضها تبني بناءاً عقائدياً وبعضها تخبر عن تفاصيل غيبية والبعض الاخر داخلة في اطار التربية الاخلاقية، هناك آيات تؤسس لقضية المعاد سواء الادلة على قضية المعاد بما هو عقيدة، وهناك آيات ايضاً تحدثت عن قضية المعاد عن بعض التفاصيل التي لا سبيل للعقل البشري الا من خلالها، لان القضايا الغيبية وخصوصاً فيما يرتبط بعالم ما بعد الموت بصورة عامة الذي يبتدأ بالموت والبرزخ ومن ثم القيامة، لا سبيل لنا للوصول اليه ومعرفة تفاصيله الا من طريق الوحي، سواء في القرآن الكريم او من خلال احاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فاذن اهداف الآيات القرآنية: 
اولاً: البناء العقيدي. 
ثانياً: ذكر التفاصيل التي لا سبيل للانسان الى معرفته الا من طريق الوحي، ولو لم يذكرها الوحي لما عرفنا عنها شيئاً. 
ثالثاً: الآيات التي تدخل مباشرة في اطار التربية الدينية والتربية الاخلاقية، نعرف ان الاعتقاد بيوم القيامة له اثر تربوي كبير جداً في الحياة الدنيا فرق بين الانسان وبين سلوك الانسان الذي يؤمن بمعاد يؤمن بحساب يؤمن بعقاب يؤمن بثواب وبين ذلك الانسان الذي لا يؤمن بآخرة ولا يؤمن بقيامة ولا يؤمن بغير ذلك، طبيعي الانسان عندما يؤمن بالمعاد وحقائق المعاد سوف يلتزم لانه يعلم ان ورائه يوم ثقيل ان ورائه يوم يجعل الولدان شيبا، ان ورائه حساباً طويلاً وما الى ذلك، فيحاول ان يضبط سلوكه لما يرضي الله عز وجل ولما يؤدي الى نجاته يوم القيامة، بخلاف ذلك فالانسان الذي لا يؤمن بالمعاد اصلاً فانه سوف لا يلتزم باي رابطة سلوكية لانه لا يرجو حساب، إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا، وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا، كما يقول القرآن الكريم، ونرى ان القرآن الكريم يرسم لنا مشاهد حسية عن ذلك اليوم، سواء كانت في اتجاه الترغيب او في اتجاه الترهيب، وان من اهم الاساليب الاخلاقية واهم الاساليب التربوية في التربية الدينية وغيرها هو اسلوب الترغيب والترهيب، فنجد القرآن الكريم يحاول ان يرسم لنا مشاهد حسية بحيث تشعرنا بالخوف والرهبة والقلق فنخاف ذلك اليوم فلا نفعل عملاً ولا نعمل عملاً يمكن ان يؤدي بنا ويوقعنا في مشاكل يوم القيامة، وكذلك يصور لنا النعيم والجنة تصويراً يشد نفوسنا اليه بحيث يدفعنا الى العمل الذي سوف يجعلنا نحصل على تلك المكاسب يوم القيامة، اذن هذا يدخل في اطار التربية الدينية وهو عامل مهم جداً، التأكيد على هذه المسائل في زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن ثم للايحاء لنا بان هذه الشدائد تنتظرنا يوم القيامة وهي شدائد لا يستهان بها وهي شدائد كبيرة، ربما يعجز الانسان عن بيانها، فلابد ان نتخذ العدة لها والعدة هو العمل الصالح، العمل من اجل النجاة من يوم القيامة والعدة الثانية هو الولاء للنبي واهل البيت سلام الله عليهم، هذا هو الذخر الثاني الذي يذخره الانسان ليوم المعاد.
واخيراً اذكر هذه القضية ان رجلاً جاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسأله عن الساعة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما اعددت لها؟ 
يعني انت الذي تسأل عن وقت الساعة هل اعددت لها شيئاً فقال: يا رسول الله ما اعددت لها كثير صلاة ولا صيام، يعني صلاتي المفروضة اصليها والصيام المفروض اصومه غير هذا ما عندي شيء استثنائي، ما اعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولكني اعددت لها حب الله وحب رسوله، فقال النبي صلى الله عليه وآله المرء مع من احب، يعني نعم الذخر الذي ذخرته وادخرته ليوم القيامة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم له مواقف كبيرة يوم القيامة وما احد من الاولين والاخرين الا وهو محتاج الى شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم، فربما ذكر هذه التفاصيل في زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي للدعوة الى التمسك بهذا النبي وبحب هذا النبي واهل بيته والسير على منهاجه للنجاة من تلك الشدائد والاهوال العظيمة.
المحاور: سماحة السيد محمد الشوكي شكراً جزيلاً وانجانا الله واياكم من تلك الشدائد وسائر الاخوة والاخوات المستمعين ببركة التمسك بالولاية المحمدية، وشكراً لكم احبائنا وتابعوا ما تبقى من البرنامج.

*******

نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير؛ فنشير باشارات اجمالية الى الاوصاف ذات الجذور القرانية ليوم القيامة التي ورد ذكرها في الدعاء الذي يلي صلاة الزيارة من نص زيارة نبينا الاكرم (صلى الله عليه وآله) من بعيد. 
فالزائر يستعيذ برسول الله وحبيبه من اهوال يوم القيامة لانه يوم الافكة ويوم الازفة؛ اي يوم ظهور السلطنة الالهية الذي ياتي فجاة ويوم الجدب الذي لا يكون للانسان فيه سوى ما قدمه وما امله من الشفاعة المحمدية والرحمة الربانية؛ ويوم التغابن الذي يظهر فيه غبن وخسران الكافر بتركه الايمان وغبن كل من غفل عن التمسك باذيال الشفاعة المحمدية.
وكذلك لانه يوم الفصل واتضاح الحقائق وفرز الصفوف وظهور ان النجاة من تمسك بالعروة المحمدية ويوم الحساب الذي يحتاج فيه الانسان المؤمن للعفو الالهي عن تقصيراته ببركة الشفاعة المحمدية وكذلك لانه يوم طويل كثير المشتاق والصعوبات تقع فيه الرجفة الرهيبة نتيجة للتغيرات الكونية في النفخة الاولى ثم في النفخة الثانية الرادفة.
ففي كل ذلك فزع شديد لا يامن منه الا من جاء بحسنة موالاة ومودة النبي الاكرم وعترته الطاهرة (عليهم افضل الصلاة والسلام). 
انتهى احباءنا الوقت المخصص لهذه الحلقة من برنامج فاتح الخير، الى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة