البث المباشر

أبيات في الاستشفاع بنبي الخاتم(ص) الاستعاذة بالنبي الاكرم(ص) حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول التوجه القلبي في زيارة رسول الله(ص) من بعيد

الثلاثاء 9 إبريل 2019 - 09:50 بتوقيت طهران

الحلقة 48

الحمد لله منتهى علمه ومبلغ رضاه والصلاة والسّلام على عيون رحمته وأعلام هداه المصطفى محمد وآله النجباء.
السّلام عليكم ايها الاكارم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة، اهلاً بكم في لقاء آخر من هذا البرنامج نستهله بهذه الابيات في الاستشفاع الى الله بفاتح الخير الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله)، وهي:

يا راحم الخلق يوم الحشر والندم

ارحم عبيدك ياذا الطول والنعم

اني توسلت بالمختار ملجئنا

الطاهر المجتبى من خيرة الامم

اليك من سيئاتي انها عظمت

يا واحداً لم يزل فرداً ولم يقم

عليه من صلاة كلما طلعت

شمس وما خطّ في الاوراق بالقلم

فهو الشفيع الذي نرجو النجاة به

من الجحيم إذ الكفار كالحمم

اما المقطع الذي انتهينا اليه من النص المروي عن مولانا الامام الصادق (عليه السّلام) لزيارة سيد الانبياء محمد (صلى الله عليه وآله) من بعيد فهو ان يقول الزائر ضمن الدعاء بعد صلاة الزيارة: اللهم وقد أملتك ورجوتك وقمت بين يديك ورغبت اليك عمن سواك وقد املت جزيل ثوابك وإني لمقر غير منكر وتائب اليك مما اقترفت وعائذ بك في هذا المقام مما قدمت من الاعمال التي تقدمت الىّ فيها ونهيتني عنها وأوعدت عليها العقاب.
يشتمل هذا المقطع على ثلاث فقرات رئيسة، الاولى تقرر حقيقة ان التوجه والاستعاذة بالنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) من الذنوب والاستغفار به انما هو رجاء وتأميل ولجوء الى الله عزّ وجلّ ورغبة اليه عما سواه.
فهذه الفقرة تأتي مباشرة بعد فقرة سابقة يصرح فيها النص بان الزائر للنبي من بعد ولو بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) يحظى بالمغفرة الالهية وبأستغفار الرسول له.
والتأميل والرجاء يأتي في مقام إستمطار الرحمة الالهية وينبغي ان يكون مقدماً على الخوف من عقاب الله عزّ وجلّ لان رحمة الله قد سبقت غضبه.
ولكن مع ذلك ينبغي حفظ حالة من التوازن بين الخوف والرجاء ولذلك نجد في الفقرة اللاحقة اشارة الى بعث الخوف من العقاب الالهي ولكنه الخوف المؤدي الى اللجوء الى الله لا الى سواه اي ان يكون باعثاً للفرار من الله الى الله مثلما ان الرجاء هو رغبة الى الله لا الى سواه.
اما القيام بين يدي الله عزّ وجلّ فالمراد منه هو التوجه القلبي اليه جل جلاله بنية مناجاته، وفي هذا التعبير اشارة الى لزوم حضور القلب اثناء الدعاء وهذا الحضور هو ثمرة الاستشعار الوجداني لاطللاع الله على العبد وكلامه وهو شرط صدق تحقق حالة الدعاء.

*******

وعن السبيل لتحصيل حضور القلب يدور حديث خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا شكراً لكم على جميل المتابعة لهذه الحلقة من برنامج فاتح الخير معنا مشكوراً على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ سؤالنا في هذه الحلقة عن كيفية الفوز والحصول على حضور القلب سواء في الصلاة او في الدعاء وهو شروط استجابة الدعاء؟ 
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، اما بالنسبة الى حضور القلب في الدعاء فقد اشارت الروايات الواردة عن اهل بيت العصمة والطهارة ان الله عز وجل لا يستجيب دعاء احد بقلب ساه يعني اذا كان يدعو وهو غير متوجه بقلبه في هذا الدعاء الى الله عز وجل، الله عز وجل لا يستجيب هكذا دعاء، اما بالنسبة الى الصلاة وحضور القلب في الصلاة فهي قضية مهمة ووصف القرآن الكريم المصلي في حالة الخشوع بالفلاح والفوز، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، ولكيفية حضور القلب هناك بعض الامور: 
اول امر: هو المراقبة، المراقبة مهمة تلعب دورها في حضور القلب وقد سئل العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان عن كيفية حضور القلب في الصلاة فقال: المراقبة، المراقبة. 
ويشير امير المؤمنين عليه السلام: اعلموا عباد الله ان عليكم رصداً من انفسكم عيوناً من جوارحكم وحفاظ صدق يحفظون اعمالكم وعدد انفاسكم، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج الى اخر كلام الامام.
ثانياً: الاكثار من ذكر الله، "يعني الابتعاد عن الغفلة عن الله" بلا شك تلعب دورها في حضور القلب.
ثالثاً: التدبر في معاني واسرار اجزاء الصلاة الاذكار الواردة في الصلاة في الركوع في السجود كذلك التدبر في قراءة السور، هذا يلعب دوره في حضور الخشوع، القيام ببعض الاعمال مثلاً التي تهيء حالة الخشوع منها مثلاً يجعل له محراب في البيت، ابتعاده عن الضوضاء والمشاغل والاصوات التي تؤثر او تسلب الخشوع، الزهد في الدنيا بلا شك يؤثر في حالة الخشوع. 
دخل الرسول صلى الله عليه وآله ذات يوم لحجرة من حجرات زوجاته ورأى صورة معلقة قال: ابعدوا هذه الصورة فانها تذكرني الدنيا، بلا شك الزهد في الدنيا يلعب دوره في فراغ القلب الى الله عز وجل، تكرار بعض الآيات كما وردت بعض الروايات عن الائمة كان يكرر الآية يكرر إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .
رابعاً: التدبر في حالات الائمة الانسان يتدبر في حالات الائمة والاولياء في خشوعهم في الصلاة. 
كان امير المؤمنين يقع مغشياً عليه كالخشبة اليابسة، الامام زين العابدين كان يصلي وحدث حريق في داره فقالوا له: النار النار يا بن رسول الله، فخرج بعض الجيران اطفأو النار، فسألوه فيما بعد قال اشغلتني النار الكبرى عن هذه النار، كذلك يتدبر العبد انه لا يرفع من الصلاة ولا يقبل منها الا بمقدار ما اقبل العبد بقلبه على الله عز وجل، فمقدار ما يتوجه بقلبه الى الله يقبل منه الصلاة، أسأل الله تعالى ان يوفقنا واياكم وجميع المستمعين لان نعيش الحضور والخشوع في الصلاة لكي تؤثر هذه الصلاة على سلوكنا وعلى اعمالنا وعلى دور الصلاة في حياة الانسان المؤمن، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
المحاور: صلوات الله عليهم اجمعين سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً لكم، وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير.

*******

نعود اعزاءنا الى الاستنارة بمقطع هذه الحلقة من نص زيارة جبيبنا المصطفى (صلى الله عليه وآله) من بعيد، وهو من الدعاء المأمور بتلاوته بعد صلاة الزيارة، وفي الفقرة الرئيسة الثانية منه يقول الزائر: (اللهم وقد أملت جزيل ثوابك)، ونلاحظ في هذه الفقرة ان الامام الصادق (سلام الله عليه) يعلم الزائر ان يأمل ويرجو من ربه تبارك وتعالى جزيل ثوابه اي كثيره، وهذا من الطمع المحمود لأنه: 
اولاً: في امر معنوي. 
وثانياً: لأنه يعبر عن حسن الظن بالله عزّ وجلّ وعظيم كرمه. 
وثالثاً: لأنه يعبر عن الاعتقاد الصادق بعظمة الوسيلة التي يتوسل بها العبد الى ربه وهي زيارة احب الخلق اليه والتوجه بصفوته المصطفى (صلى الله عليه وآله).
ونصل الان احباءنا الى الفقرة الرئيسية الثالثة من المقطع الدعائي المتقدم، وفي تطبيق لقوله عزّ وجلّ (وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ) من آية زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) طلباً للمغفرة الالهية ولكي يجدوا الله تواباً رحيماً بعد ان يستغفر لهم رسول الله.
ويفهم من الفقرة المتقدمة ان استغفار الله المطلوب في الاية يتحقق بالامور التالية:
اولاً: الاقرار بالذنب في المحضر الالهي وإجتناب المكابرة وتسويغ ارتكاب الذنوب بأي ذريعة كانت.
ثانياً: الاستعاذة بالله عزّ وجلّ من سخطه وعقابه الذي اوعد به على ارتكاب ما نهى عنه عزّ وجلّ، فلا يؤدي الاقرار بالذنب الى ايجاد حالة من الاحباط النفسي او الكآبة او فقدان الثقة بالنفس وغير ذلك من الامراض الخطيرة المتفرعة عن كبيرة اليأس من رحمة الله عزّ وجلّ. بل ينبغي ان يكون الاقرار بالذنوب مقدمة للتوبة اليه والفرار من الذنوب وعواقبها والاستعاذة بالرحمة والعفو الالهيين رزقنا الله واياكم ايها الاعزاء ما شاء منها.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة