الحمد لله مبدأ كلّ خير ومنتهاه والصلاة والسّلام على مخازن خيره وعطاه محمد وآله أعلام هداه.
السّلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله، تحية مباركة طيبة وأهلاً بكم في حلقة أخرى من حلقات برنامج فاتح الخير نفتتحها تبرّكاً بالرواية التالية التي سجّلتها المصادر المعتبرة عند الفريقين فقد روت هذه المصادر ان ابا جهل اشترى من رجل غريب طارئ على مكة إبلاً فبخسه ثمنها ولم يؤدّ الحق اليه، فأتى نادي مشركي قريش وناشدهم بحرمة البيت الحرام أن يأخذوا له حقه، لكنهم خذلوه وإمعاناً في الاستهزاء به احالوه على محمد (صلى الله عليه وآله) لقلة منعته وقلة ناصريه يومذاك.
فجاء الرجل الغريب الى نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) وأخبره بظلامته، فمظى معه الى دار ابي جهل طاغية قريش ودقّ بابه، فخرج ابو جهل ولّما رآهما قال للنبي (صلى الله عليه وآله) بمنطق الذليل وهو متخوف القلب: اهلاً يا ابا قاسم.
فقال (صلى الله عليه وآله) له: إعط هذا الرجل حقه فأعطاه في الحال!
ولمّا عرف زعماء المشركين بما جرى عيّروا ابا جهل وأنكروا انصياعه لأمر محمد (صلى الله عليه وآله) فأجابهم: رأيت ما لم تروا... رأيت فالجاً (وهو الثعبان الضخم) لو ابيت الانصياع لأبتلعني.
ولم يشكّ المشركون بصدق قول ابي جهل لعلمهم ببغضه للنبي (صلى الله عليه وآله). وعاد الرجل الغريب مستبشراً بعودة الحق اليه ببركة نخوة فاتح الخير الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله).
اعزاءنا وصل بنا الحديث في الاستضاءة بنص الزيارة المروية عن امامنا الصادق (عليه السّلام) لزيارة نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) من بعيد الى الفقرة التالية التي يخاطب فيها الزائر رسول الله قائلاً: يا محمد يا رسول الله بأبي انت وامي يا نبي الله يا سيد خلق الله أنّي اتوجّه بك الى الله ربك وربي ليغفر لي ذنوبي ويتقبّل عملي ويقضي لي حوائجي فكن لي شفيعاً عند ربك وربي فنعم المسئول ربي ونعم الشفيع انت، يا محمد عليك وعلى اهل بيتك السّلام.
في هذا المقطع يتوجّه الزائر ونتوجّه معه ايها الافاضل الى الله عزّ وجلّ بنبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) مقدماً على بساط هذا التوجّه مودّته الصادقة لأحب الخلق الى الله عزّ وجلّ.
أجل تقديم هذه المودة هي المعبّر عنها اعزاءنا بتفدّي الزائر لرسول الله بأعز الناس اليه وهما والداه، وفي ذلك تعبيرٌ دقيقٌ عن عمق هذه المحبة.
ثم يذكر الزائر بترتيب دقيق يعلّمه الامام الصادق (عليه السّلام) للمؤمنين ما يطلبه من الله عزّ وجلّ وهو يتوجّه اليهم كلٌ حسب اهميته وهذه المطالب هي:
اولاً: غفران الذنوب.
وثانياً: تقبّل الاعمال.
وثالثاً: الحاجات المشروعة الاخرى.
*******
ثم يخصّص فقرة اخرى لمطلب محوري آخر هو الشفاعة وعن هذا المطلب يدور حوار زميلنا مع خبير البرنامج:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا وعلى خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، سؤالنا في هذه الحلقة سماحة الشيخ عن قضية ما ورد في الاحاديث الشريفة من ان الجميع من الاولين والاخرين بحاجة لشفاعة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله، ما المقصود بذلك وهل فيه اشارة الى ان للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله مراتب من الشفاعة تشمل حتى غير المذنبين العموم باعتبار يشمل حتى الانبياء وغيرهم؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك ولا ريب ان مقام النبي الاكرم صلى الله عليه وآله هو المقام الرفيع ونحن نسأل بالدعاء ان يؤتي محمد الوسيلة، وهي من الدرجات الرفيعة والعالية عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا كما في سورة الاسراء، وبالتالي هناك نص عن الامام الباقر صلوات الله وسلامه عليه اذ دخل عليه احد اصحابه والمقربين عنه فقال: يا سيدي يا مولاي انا عندي صلاة وعندي صوم فلا احتاج الى شفاعة جدك الرسول صلى الله عليه وآله في يوم القيامة.
فلما سمع الامام تبين الغضب في وجهه وعدم الارتياح وقال: يا فلان اغررت ان عصمت بطنك وفرجك انكرت شفاعة جدي فاذا نظرت الى اهوال يوم القيامة والى ذلك اليوم الرهيب ذلك اليوم الذي يتحدث عنه القرآن «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ»، فقال له اذا نظرت الى اهوال ذلك اليوم ما من مخلوق "الامام دقيق في التعبير" لا نبي مرسل ولا ملك الا وهو محتاج شفاعة جدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بلا شك ان للنبي الاكرم شفاعة وهذه الشفاعة لها مراتب كل بحسبه، يعني شفاعة الانسان المؤمن العادي تختلف عن شفاعته لنبي مثلاً وشفاعته للنبي تختلف لشفاعته عن نبي مرسل، وهكذا لها مراتب ولها درجات وهذا ان دل على شيء انما يدل على المقام والمكان الرفيع الذي اعطاه الله لنبينا الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن ان يقال انها بالنسبة للانبياء وللاتقياء وللمؤمنين تكون شفاعة غير الشفاعة المألوفة في الانقاذ مثلاً من النار او من الذنوب وتكون شفاعة في رفع الدرجات مثلاً؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم هناك شفاعة تختلف عن شفاعة المذنبين واصحاب الذنوب، بلا شك ولا ريب بانها تختلف باختلاف المقام والدرجة، ربما عند البعض لرفع المقام ولرفع الدرجة وعند البعض للخلاص من الذنوب.
المحاور: سماحة الشيخ باقر الصادقي رزقنا الله واياكم ما شاء من مراتب هذه الشفاعة المباركة، وكذلك الاخوة والاخوات، وشكراً جزيلاً الافاضل وانتم تتابعون ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير.
*******
نتابع احباءنا هذه الحلقة من برنامج (فاتح الخير) بالعودة الى المقطع الذي انتهينا إليه فيها من الزيارة المروية عن الامام الصادق (عليه السّلام) لزيارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) من بعيد.
وقد لاحظنا ان الزائر يطلب فيه الشفاعة المحمدية مؤكداً على ان نعم المسئول هو الله تبارك وتعالى ونعم الشفيع هو محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله).
وفي العبارة الاولى تأكيدٌ مشدّدٌ على التوحيد الخالص، امّا العبارة الثانية ففيها تأكيدٌ لعظمة بركات الشفاعة المحمدية التي لا يستغني عنها احدٌ كما لاحظنا في حديث خبير البرنامج والحديث عن هذه الشفاعة المباركة يحتاج الى مزيد من التفصيل نوكله الى الحلقة المقبلة بأذن الله تعالى.
*******