السّلام عليكم أحباءنا ورحمة الله أهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج، نفتتحها بأبيات لرجل من كنانة سجّل فيها ما رواه المؤرخّون من سرعة استجابة دعوة نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) إذ جاءه بعض أهل البادية يشكون قلّة المطر فدعالهم مستسقياً فسرعان ما نزل المطر، فسأل (صلى الله عليه وآله) الحاضرين عن أبيات عمّه أبي طالب (عليه السّلام) التي ورد فيها قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
ثمال اليتامى عصمة للأرامل
فأنشدها له أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثم قام رجل من كنانة فقال شعراً:
لك الحمد والحمد ممن شكر
سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة
إليه وأشخص منه البصر
فلم يك إلاّ كما ساعة
وأسرع حتى رأينا الدرر
فكان كما قاله عمّه
ابوطالب أبيض ذو غرر
أما المقطع الذي إنتهينا إليه من زيارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) من بعيد، فهو الذي يدعو فيه الزائر بعد ذكر مقامات رسول الله وما تحمّله في سبيل تبليغ الرسالة وإنقاذ الخلق من الضلالة والجهالة:
اللهمّ صلّ عليه وعلى أهل بيته صلاة ترضاها لهم وبلّغهم منّا تحيّة كثيرة وسلاما وآتنا من لدنك في موالاتهم فضلاً وإحساناً ورحمة وغفرانا، إنك ذو الفضل العظيم.
وقد عرفنا في الحلقة السابقة أعزاءنا أنّ في إشراك أهل بيته معه (صلى الله عليه وآله) في هذا المقطع بالذات إشارة الى إستمرار رسالته ونهجه بهم (عليهم السّلام).
وهذا ما تؤكده بوضوح الفقرة اللاحقة حيث يطلب الزائر ان يؤتيه في موالاتهم فضلاً وإحساناً ورحمة وغفرانا، أي أنّ موالاتهم عليهم السّلام هي السبب الالهّي للفوز بهذه النعم الالهية الخاصة.
كما أنّ في ختم المقطع بوصف الله تبارك وتعالى بأنه ذو الفضل العظيم، أنّ في ذلك إشارة الى عظمة النعم الالهية التي تشتمل عليها موالاة أهل بيت النبوة (عليهم السّلام) بحيث لا يمكن تصور صدورها إلاّ عن ذي الفضل العظيم.
وبعد المقطع المتقدم يبدأ الشطر الثاني من نصّ زيارة النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) من بعيد، ومفتتحه صلاة الزيارة فقد جاء نص الرواية قول الامام الصادق (عليه السّلام) مخاطباً الزائر: ثم صلّ صلاة الزيارة وهي أربع ركعات تقرأ فيها ما شئت فاذا فرغت فسبّح تسبيح الزهراء عليها السّلام.
*******
وعن هذا المقطع نبدأ أولاً بتسبيح الصديقة الزهراء سلام الله عليها الذي يعدّ من أهمّ الأذكار الشرعية كما يفصّل الحديث عنه خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي.
المحاور: السلام عليكم احبائنا شكراً لكم على طيب متابعتكم لبرنامج فاتح الخير، معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ في وسط زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد وقبل الدعاء ورد فيها انه يعقب المصلي بتسبيحات الزهراء سلام الله عليها، حبذا لو تعرفونا بهذه المناسبة عن فضيلة هذه التسبيحات وسر كثرة التأكيدات عليها؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، وردت في النصوص الشريفة روايات كثيرة تؤكد على تسبيح السيدة الزهراء عليها السلام وهناك فوائد جليلة:
الفائدة الاولى: ان هي مئة في اللسان ولكن الف في الميزان كما يقول الامام يعني ألف حسنة، وفيها مرغمة للشيطان وتباعد من النيران وفيها رضا الرحمن تبارك وتعالى، ورضا الرحمن هو في فوق كل شيء هذه النقطة الاولى.
النقطة الثانية: الالتزام والتأكيد على تسبيح الزهراء سلام الله عليها والعبد الذي يوفق دائماً بهذا التسبيح تكون عاقبته عاقبة حسنة ان شاء الله، يقول الامام الباقر لاحد اصحابه فأنه ما لزمه عبد فشقي، فاذن تكون الملازمة خصوصاً بعد كل فريضة وقبل النوم بعد افضل، فالتزام هذا التسبيح كما ورد في بعض النصوص قول للامام الباقر عليه السلام انا لنأمر صبياننا التزام تسبيح فاطمة كما نأمرهم بقراءة القرآن.
الفائدة الثالثة: كما في حديث الامام الصادق عليه السلام يقول ثوابه يعدل عند الله ألف ركعة تسبيح جدتي فاطمة احب الى الله من ألف ركعة يعني مستحبة يعني ثواب الف ركعة مندوبة مستحبة، الرابع من آثار تسبيح الزهراء ان هذا التسبيح في الحقيقة يؤثر على كمال الصلاة، وهناك نصوص تقول ان افضل التعقيبات للصلاة هو تسبيح السيدة الزهراء سلام الله عليها، بحيث انا رأيت بعض النصوص ان الذي يستخف بهذا التسبيح ربما يكون نوع من رد الصلاة عليه، اذا كان بعنوان الاستخفاف وعدم الاهتمام بشأن تسبيح الزهراء سلام الله عليها.
رابعاً: حسب الظاهر انه يزيل التعب من الانسان "هذا كما ورد في سر التشريع" لانه نظر امير المؤمنين وقد دكنت ثيابها وجلت يداها قال لها هلا اتيتي اباكي فتسألين خادمة، فلما ذهبت استحت رأت عنده حداثاً ورجعت الى دارها، اليوم الثاني اقبل النبي وكلم الزهراء استحت فقال امير المؤمنين: يا رسول الله اني لما نظرت الى فاطمة وقد دكنت ثيابها وجلت يداها فقلت لها هلا تأتين أباكي تسألين خادمة، فلما سمع النبي قال الا اعلمكما شيئاً خير لكما من الدنيا وما فيها فعلمهم هذا التسبيح تسبيح الزهراء سلام الله عليها، فالظاهر ان الخادم يعيل في ازالة التعب، وهو سيد العارفين النبي حينما علّم السيدة الزهراء وامير المؤمنين في هذا المورد حسب الظاهر انه له دور في ازالة التعب، وليس بعيد أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
المحاور: يعني للبدن ايضاً فيه نوع من التقوية ولو غير مباشر، جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ باقر الصادقي، وحياكم الله وانتم تتابعون ما تبقى من هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير وشرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد.
*******
نتابع أعزاءنا هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير فنتطرق الى قضية صلاة الزيارة التي تشكّل ركناً أساسياً في زيارة المعصومين (عليهم السّلام) من قرب بالخصوص، أما في نصوص زيارتهم من بعد فقد ورد التأكيد عليها في زيارة رسول الله من بعيد أيضاً كإحدى خصوصيات زيارته (صلى الله عليه وآله). ولصلاة الزيارة آثار روحية مباركة على قلب الزائر ومن جوانب عدّة:
فهي تؤكّد في قلبه التوحيد الخالص ونية أن يزور المعصوم (عليه السّلام) بأعتبار كونه ولياً لله جل جلاله.
كما أنها ترسّخ في قلب الزائر محبّة المعصوم الذي يزوره، لأنه يقوم بإهداء ثواب هذه الصلاة الى المعصوم (عليه السّلام) ومعلوم أنّ الهدية والتهادي من أهم وسائل تعميق المحبة والمودة.
كما أنها سبب للفوز بمزيد من توجّه المزور للزائر لأنّ المعصومين (عليهم السّلام) وسيدهم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) هم أهل الجود والكرم والجزاء الأوفى لا يرجع من أهدى لهم شيئاً مهما كان بسيطاً إلاّ بجزيل الانعام والاحسان منهم (عليهم السّلام).
*******