الحمد لله نور النور والصلاة والسلام على نوره ونبيه المحبور المصطفى محمد وآله الشموس والكواكب والبدور.
السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في الحلقة اخرى من حلقات برنامج فاتح الخير نفتتحها بابيات لاحد محبي سيد المرسلين في التشوق لزيارة قبره (ص) حيث قال:

يا دار خير المرسلين ومن به

هدي الانام وخص بالآيات

عندي لاجلك لوعة وصبابة

وتشوق متوقد الجمرات

وعلى عهدي ان ملأت محاجري

من تلكم الجدران والعرصات

لاعفرن مصون شيبي بينها

من كثرة التقبيل والرشفات

لولا العوادي والاعادي زرتها

ابداً ولو سحباً على الوجنات

لكن شاهدي من بعيد تحيتى

لقطين تلك الدار والحجرات

مستمعينا الاكارم اما المقطع الذي نحاول الاستنارة به في هذه الحلقة من زيارة النبي الاكرم (ص) من بعيد فهو ما يعلمه الامام الصادق عليه السلام ان يقوله الزائر وهو يدعوا الله بالصلاة على نبيه واصفاً اياه صلى الله عليه وآله بجملة من الصفات منها ما يلي: (صفيك وصفوتك وخاصتك وخالصتك ورحمتك وخير خيرتك من خلقك وخازن المغفرة وقائد الخير والبركة)، اذن النبي الاكرم(ص) هو صفي الله وصفوته فما معنى هاتين الصفتين وما الفرق بينهما؟
اما بالنسبة لكونه (ص) صفي الله فمعناها انه قد اخلص المودة لله تبارك وتعالى فهو محب الله بكل وجوده وبصورة تخلو من كل شائبة من شوائب المحبة لاغراض غير خالص التوحيد الشكري النقي سواء كانت اغراضاً دنيوية او اخروية، اما كونه (ص)صفوة الله فهي تعني الاصطفاء أي ان الله جل جلاله قد اختاره لمحبته الكاملة من بين جميع الخلائق.
ننتقل الان مستمعينا الاكارم الى الصفتين الاخريين اللتين يذكرهما هذا المقطع من زيارة النبي الاكرم (ص) من بعيد المروية عن مولانا الامام الصادق عليه السلام.
وهما صفتا خاصة الله وخالصته جل جلاله والاولى تشير الى شدة قربه (ص) من الله عز وجل واختصاصه به بحيث لا يبعده عنه عز وجل شيء وهذا من مراتب مقام الوسيلة وبالحضوة المحمدية التامة في الحضرة الالهية وذلك لان المصطفى الامجد (ص) منزه بالكامل من كل عيب يبعده عن ربه الاعلى تبارك وتعالى.
اما كونه (ص) خالصة الله عز وجل فيستفاد منه العناية الالهية الخاصة بالنبي الاكرم وهي العناية التي عصم الله بها رسوله الاعظم من كل رين واذهب عنه الرجس وطهره تطهيراً كما هو المستفاد من آية التطهير المباركة.
ثم تذكر العبارات الاخرى من هذا المقطع مستمعينا الاعزاء مظاهر متعددة لكون الهادي المختار (ص) هو اعظم وسائط نزل الفيض والبركات الالهية الى الخلائق ولكن بترتيب جميل وبليغ للغاية.
فهو (ص) رحمة الله الكبرى للعالمين أي به يرحم عباده وعن طريقه تنزل اليهم رحماته ولكن بتوسط خيرة الله عز وجل لان النبي الاعظم (ص) هو خير الخيرة فمنه تنتقل الرحمات الالهية الى الخيرة ومن هؤلاء عليهم السلام تشمل الخلائق وهذا من معاني حديث الثقلين التواتر.

*******

وثمة نكتة دقيقة تشتمل عليها صفة خازن الرحمة المذكورة في المقطع المتقدم ولها جذور قرآنية تفيد ان من يطلب المغفرة الالهية فعليه ان يتوجه الى خازنها (ص) المزيد لهذا التوضيح نتلمسه في حديث خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في الاتصال الهاتفي الذي اجراه زميلنا نستمع معاً:
المحاور: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، السلام عليكم احباءنا أهلاًََ بكم ومرحباً وانتم تتابعون برنامج فاتح الخير في هذه الفقرة ومعنا خبير البرنامج سماح الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ ما هي الدلالات المستفادة من وصف النبي صلى الله عليه وآله في نص زيارته من بعيد بانه خازن المغفرة الالهية وما معنى ان يكون الرسول خازن لمغفرة الله تبارك وتعالى وغفرانه لعباده؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، ربما نستوحي من خلال هذا النص ما ورد في القرآن الكريم من جعل النبي صلى الله عليه وآله مورد من موارد المغفرة، هناك مجموعة موارد من جملة هذه الموارد بل من ابرز مصاديقها هو قصد زيارة الرسول والحضور عند قبره حتى ورد قوله سبحانه وتعالى «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا»، فبلا شك ولا ريب الله عز وجل هو الغفور الرحيم وجعل لرحمته ولمغفرته ابواباً وسبلاً ومن اوسع هذه الابواب بل من اهم المصاديق لهذه ابواب المغفرة هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم اولاً لقربه من الله عز وجل الوجيه الجاه عند الله عز وجل الله عز وجل احب ان يرحمنا بالنبي صلى الله عليه وآله، لذلك ورد في بعض النصوص بل في القرآن الكريم وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم، لاجل عينك بلا شك ولا ريب ان وجود النبي رحمة وجود النبي صلى الله عليه وآله بهذا الوصف لانه خازن المغفرة فالانسان المؤمن حينما يقصد النبي ويستغفر الله عنده يجد الله تواباً رحيماً الله عز وجل يغفر له لبركة حضوره عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهو خازن المغفرة لما له من الجاه الوجيه عند الله عز وجل ولما اعطاه الله عز وجل من درجات القرب من الله عز وجل لعل هناك نص وهذا النص وارد حتى كتب القوم ان رجلاً من الاعراب اقبل عند وفات النبي صلى الله عليه وآله وحضر عند قبره وأخذ يبكي ثم خاطب النبي قال: يا رسول الله انت امرتنا عن طريق الوحي وعلمتنا وقلت فيما انزل الله «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا»، وانا نادم وانا قصدتك الان، تنقل الكتب الخاصة والعامة انه سمع من داخل القبر يا عبد الله استأنف العمل لقد غفر الله لك ذنوبك لحضورك عند قبر النبي واستغفارك الله عز وجل في ذلك المكان، بلا شك هذه الرواية موجودة في جميع الكتب الخاصة والعامة وهذه بها اشارة الى ان النبي صلى الله عليه وآله هو خازن المغفرة.
وفقنا الله لزيارته في الدنيا والسير على نهجه وعلى منهاجه وعلى ما امرنا به من التوسل والعروج والقرب من الله عز وجل الارتباط الوثيق بالنبي وبالامتداد الطبيعي بالنبي وهم الائمة عليهم السلام والحمد لله رب العالمين.
المحاور: الحمد لله رب العالمين، سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لاحبائنا وهم يتفضلون بمتابعة ما تبقى من هذه الحلقة من شرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد ضمن برنامج فاتح الخير.

*******

اما الصفة الاخيرة مستمعينا الاعزاء المذكورة في هذا المقطع فهي كون رسول الله (ص) هو قائد الخير والبركة ومعناها واضح فمن يطلب الخير والبركة فعليه الاقتداء بالمصطفى المبارك (ص) ورزقنا واياكم صادق اتباعه.
والى هنا ينتهي احبائنا هذا اللقاء ضمن برنامج فاتح الخير الى لقائنا المقبل نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******