البث المباشر

شرح فقرة: "وأديت الحق الذي عليك..." حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول سرّ تفضيل محمد وآله على الخلائق أجمعين

الإثنين 8 إبريل 2019 - 09:39 بتوقيت طهران

الحلقة 25

بسم الله مبدأ كل خير ومنتهاه والصلاة والسلام على حملة النور الالهي للخلائق المصطفى محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله واهلاً بكم في الحلقة اخرى من هذا البرنامج الذي يعنى بشرح النص المبارك المروي عن مولانا الامام الصادق عليه السلام لزيارة نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد.
نفتتح هذه الحلقة احباءنا بالرواية التالية المروية في مصادر الفريقين حاملة عبرة مهمة في الاهتمام بزيارة مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله، وهي مسندة الى الصحابي المعروف ابي الدرداء انه قال: 
ان بلالاً مؤذن النبي رأى في منامه رسول الله (وكان ذلك بعد ذلك اعزاءنا بعد وفاته صلى الله عليه وآله حيث رحل بلال الى الشام)، فقال له صلى الله عليه وآله: ما هذه الجفوة يا بلال؟ اما آن لك ان تزورني يا بلال؟ فانتبه بلال حزيناً وجلاً خائفاً، فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه فأقبل الحسن والحسين، فجعل يضمهما ويقبلهما.
ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة المباركة نستضيء بالمقطع التالي من تلك الزيارة المباركة حيث يخاطب الزائر نبيه المعظم صلى الله عليه وآله شاهداً لها بقوله:
(وأديت الحق الذي كان عليك وانك رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين وعبدت الله مخلصاً حتى اتاك اليقين فبلغ الله بك اشرف محل المكرمين واعلى منازل المقربين وارفع درجات المرسلين حيث لا يلحقك لاحق ولا يفوقك فائق ولا يسبقك سابق ولا يطمع في ادراكك طامع).
هذا المقطع المبارك يشير الى عدة دلالات تقدم الحديث عن بعضها اجمالاً في الحلقة السابقة ونستكمل هنا تثبيت دلالات اخرى ضمن النقاط التالية: 
اولاً: ان اقرار الزائر بان رسول الله صلى الله عليه وآله قد ادى حق الله عز وجل عليه ينبغي ان يكون دافعاً للمؤمن للتأسي بنبيه فيؤدي حق الله عز وجل عليه بمعنى تعريف الناس بما عرفه من مظاهر الرحمة والجمال والجلال الالهي وعبادته وشكره وغير ذلك.
وهذه قاعدة عامة تصدق على باقي الخصال المحمدية المذكورة في الزيارة، بل ان من اهم اهداف ذكر محاسن المعصومين واولياء الله عليهم السلام في نصوص زياراتهم هو ترغيب الزوار بالتأسي بفعالهم الكريمة والتخلق باخلاقهم الفاضلة.
ثانياً: ينص المقطع المتقدم من زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد على ان الله جلت قدرته قد بلغ بنبيه المصطفى الذروة في جميع مراتب الكمال ونلاحظ هنا ان النص قد نسب الابلاغ الى الله عز وجل، وفي ذلك اشارة مهمة الى احدى كبريات حقائق التوحيد الخالص هي: 
ان بلوغ مراتب الكمال محال لكثرة عقباته بغير الاستعانة بالله عز وجل وطلب توفيق الطاعة منه جل جلاله فهو مبدأ كل خير ومنتهاه.
نعم على الانسان ان يسعى لطلب الخير والكمال ولكن الوصول اليه محال دون توفيق الله عز وجل وعونه وهذا هو المضمون المحوري لآية «اياك نعبد واياك نستعين»، ومضمون ذكر (لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

*******

اعزاءنا المستمعين ثمة شبهة تتكرر عند ذكر الحقيقة المتقدمة يعرضها زميلنا على سماحة الشيخ باقر الصادقي في الاتصال الهاتفي له نستمع معاً ...
المحاور:بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احباءنا شكراً لكم على طيب متابعتكم لهذا البرنامج ونحن نتابع الاستضاء والاستهداء بنص زيارة نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد، وضيفنا الكريم في هذه الحلقة سماحة الشيخ باقر الصادقي يتفضل مشكوراً بالاجابة عن سؤالنا بشأن سر تفضيل الله عز وجل لمحمد وآل محمد على الخلائق اجمعين واختصاصهم باعلى المراتب، سماحة الشيخ تفضلوا مشكورين بالاجابة عن سؤالنا؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك ولا ريب ان الله عز وجل اختار واصطفى من خلقه واجتبى من خلقه محمد وآل محمد وفضلهم على جميع الخلق بان الله عز وجل بدأ الخلق وخلق الخلق بانوارهم خلقكم الله انواراً فجعلكم بعرشه محدقين، وورد في الحديث الشريف عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وهو يتحدث مع جابر قال: اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ثم خلق منه كل خير، والسيد الامام يعبر عن هذا المعنى بالحقيقة المحمدية فالنبي واهل البيت عليهم السلام نورهم واحد وطينتهم واحدة وحقيقتهم واحدة نعم لرسول الله ولامير المؤمنين عليه السلام فضلهما كما في الروايات وورد عن امير المؤمنين في الحديث الشريف ما برأ الله نسمة خير من محمد اللهم صل على محمد وآل محمد، وورد كذلك لا تفضلوا على رسول الله احداً فان الله قد فضله وعظمه، بلا شك ولا ريب لسابق علم الله عز وجل ان اهل البيت هم صفوة الخلق وهم اعبد الناس لله عز وجل واطوعهم له واقربهم منه فلذلك اصطفاهم واجتباهم وفضلهم على جميع الخلق وعلى جميع الكائنات بل ما خلق الله الوجود الا لاجلهم كما في نص حديث الكساء الذي رواه المحدث البحراني شيخ عبد الله في كتاب العوالم ما خلقت سماء مبنية ولا ارض مدحية ولا شمس مضيئة ولا قمر منيراً ولا بحر يجري ولا فلك يسري الا لاجل هؤلاء الخمسة الذين هم تحت الكساء، نعم بلا شك ولا ريب الله عز وجل اصطفاهم وطهرهم واجتباهم وجعلهم سادة الخلق والملائكة كما في الروايات وبقية الانبياء بالمقدار ما يكون، هناك تعلق ومحبة للنبي وآله يزداد شرفاً عند الله عز وجل وعند الملأ الاعلى بحبهم وبطاعتهم لهذه الذوات الطاهرة، لان الله عز وجل فرض طاعتهم على جميع الكائنات بما فيهم مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، كما يشير له حديث الامام الباقر قال ولقد كانت مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله وبلا شك هذه لها اسرار وهذه الاسرار لا يعرف كنهها الا من امتحن الله قلبه للايمان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان، وفي بعض النصوص انه لفضلهم ولمقامهم الشامخ السامي لا يحتمله الا من شئنا، يقول الامام سلام الله عليه اذا عرفنا من العبد التحمل والانصياع والطاعة، فلذلك يفيضون عليه من شأنهم ومن فضلهم بلا شك وان كان الامام الصادق عليه السلام يقول ما عسيتم ان ترووا في فضلنا الا الفاً غير معطوفة وفي بعض النصوص اجعلوا رباً نأووب اليه ثم قولوا في فضلنا ما شئتم ولن تبلغوا نزهونا في بعض النصوص وقولوا في فضلنا خلاصة ما يمكن ان نقوله هي نفس العبارة التي صدرت عن الامام الهادي موالي لا احصي ثنائكم ولا ابلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وانتم نور الاخيار وهداة الابرار واين الثرى واين الثرية، ما عسانا ان نعرف او ان نصف هذه الذوات الطاهرة كما ورد في الحديث عن الامام الرضا مثل الامام بمنزلة الشمس الان يمكن الانسان العادي ان ينظر الى الشمس يدقق كثيراً لا يتحمل هكذا بالنسبة الى مقام الائمة صلوات الله وسلامه عليهم، وانما نتحدث لما ورد عنهم وهم نور واحد "اولنا محمد اوسطنا محمد آخرنا محمد بل كلنا محمد".
المحاور:صلوات الله على محمد وآل محمد سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراًَ لكم مستمعينا الافاضل وانتم تتابعون مشكورين ما تبقى من البرنامج.

*******

نتابع مستمعينا الاكارم معاً تقديم هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير من اذاعة طهران بالعودة الى الفقرة المتقدمة من زيارة نبينا الاعظم صلى الله عليه وآله من بعيد فنلاحظ انها تصرح بان الله تبارك وتعالى قد بلغ بحبيبه المصطفى اشرف محل المكرمين واعلى منازل المقربين وارفع درجات المرسلين.
ونجد ان ثمة ترتيباً لطيفاً في ذكر طوائف اهل الحق جميعاً ينبه الى اشرفية وعلو ورفعة مقامات المصطفى محمد صلى الله عليه وآله على جميع الخلائق ومن جميع الجهات بحيث لا يدانيه من الاولين والاخرين كما تصرح بذلك العبارات اللاحقة من المقطع.
يبقى هنا ان نشير الى حقيقة ان المؤمن كلما تحلى بمرتبة اعلى واشمل وبأي من الاخلاق والفعال المحمدية كلما اقترب منه صلى الله عليه وآله وبالتالي من ربه الاعلى تبارك وتعالى.
كونوا معنا في الحلقة المقبلة التي تأتيكم في مثل هذا الوقت من الاسبوع القادم الى حينها نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة