الحمد لله نور السموات والارض والصلاة والسلام على اهل بيوت نوره التي اذن ان ترفع ويذكر فيها اسمه المصطفى الاحمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله اهلاً بكم في الحلقة اخرى من هذا البرنامج الخاص بشرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد نفتتح هذه الحلقة احباءنا برواية جليلة تعلمنا سلاماً صلواتياً مختصراً مباركاً على حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله، فقد روي عن اسحق بن عمار انه قال للامام الصادق عليه السلام علمني تسليماً خفيفاً على النبي صلى الله عليه وآله فقال: قل (مخاطباً له صلى الله عليه وآله): أسأل الذي انتجبك واصطفاك واختارك وهداك وهدى بك ان يصلي عليك صلاة كثيرة طيبة.
مستمعينا الاعزاء انتهى بنا الحديث في الحلقة السابقة من البرنامج الى الفقرة التالية من فقرات زيارة رسول الله الاعظم صلى الله عليه وآله من بعيد المروية عن مولانا الصادق عليه السلام وفيها يعلمنا ان نخاطب نبينا جزاه الله عنا افضل ما جزى نبياً عن امته قائلين: (اشهد يا رسول الله مع كل شاهد واتحملها عن كل جاحد انك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل ربك وصدعت بامره واحتملت الاذى في جنبه).
بشأن هذه الفقرة تثار اعزاءنا المستمعين الاسئلة التالية:
الاول: ما هي اهمية شهادة الزائر بمقامات المزار وفضله وما هي آثارها الروحية وثمارها المعنوية.
الثاني: ما معنى تحمل هذه الشهادة عن الجاحدين لها.
الثالث: ما هي العلاقة بين اجزاء هذه الشهادة؟
*******
الاجابة عن السؤال الاول نتركها لخبير البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه معه زميلنا نستمع معاً ...
المحاور:بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا شكراً لكم على طيب متابعتكم للبرنامج وشكراً لضيفنا الكريم في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي وهو يجيب عن اسئلتنا فيما يرتبط بموضوع هذه الحلقة، سماحة السيد من الظواهر المشتركة في نصوص الزيارات المروية عن اهل البيت عليهم السلام لزيارة النبي صلى الله عليه وآله من قريب ومن بعيد وزيارة باقي اولياء الله تبارك وتعالى قضية ان يقر الزائر بفضل المزار ومقاماته في تبليغ الرسالة والجهاد في سبيل الله واقامة الصلاة وايتاء الزكاة وغير ذلك ماهو السر في تأكيد هذه الشهادة؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وآل ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد، الحقيقة ان ظاهرة الشهادة والاقرار والاشهاد في نصوص الزيارات ظاهرة واضحة وهذه الظاهرة وهذه الشهادة وهذا الاقرار تارة يرتبط بنفس الولي وتارة يرتبط بنفس الانسان المؤمن يعني تارة الانسان يشهد بما يملكه من عقائد حقة في تلك المزارات الشريفة وفي اداء عملية الزيارة وتارة يشهد لهم بالفضل وبالمقام وما شابه ذلك من امور اخرى وتارة يتشهد الشهادتين يعني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمداً رسول الله هذه ايضاً واردة في نصوص الزيارات الرابط والجامع بين هذه الامور هو ابراز هذه العقائد الحقة واستحضار هذه المعاني عند زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام، لان الهدف من الزيارة هو احياء هذه المفاهيم، الزيارة مظهر من مظاهر الارتباط ومظهر من مظاهر الاحياء لامر النبي واهل البيت عليهم السلام، فاحياء امرهم فهو من خلال هذه العقائد التي يؤمن بها الانسان، فعندما يبرز هذا الانسان العقائد في زياراته سواء كان من بعيد او من قريب الحقيقة يريد ان يبرز هذا المعنى المكنون في نفسه وخصوصاً انه في بعض الفقرات يشهد الله عز وجل وملائكته ويشهد النبي واهل البيت سلام الله عليهم على هذه العقائد التي يحملها حتى يشهدون له يوم القيامة لان النبي واهل البيت هم سادة الشهداء يوم القيامة اعني شهداء الاعمال كما انهم ايضاً الشهداء بالمعنى الفقهي قتلوا في سبيل الله فهم شهداء الاعمال يشهدهم على عقائده حتى يشهدون له يوم القيامة في عرصات القيامة، ثم انه استحضار هذه المعاني والتكلم بها والتلفظ بها يؤدي الى تثبيتها، يعني نلاحظ في مسألة العديلة، العديلة عند الموت وان بعض الناس يعدلون عن الحق في ساعة الموت يذكر العلماء ان من جملة الامور التي تؤدي بالانسان الا ان لا يعدل عن الحق في ساعة الموت وفي ساعة الاحتضار استحضار العقائد دائماً يتلفظ بها، فهو هذا المعنى ابرازنا الذي جاء من اجل الانسان وزار من اجله الانسان، كأنه يريد ان يبين الانسان سبب زيارته سبب علاقته سبب ارتباطه بالنبي الذي يزوره فهو نبي او امام مقيم للصلاة مؤت للزكاة فانما جاء لاحياء هذه المعاني وليظهر ولاؤه الى هذه المعاني النبيلة بالاضافة الى ما ذكرت.
المحاور:سماحة السيد محمد الشوكي شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احباءنا تفضلوا مشكورين بمتابعة ما تبقى من البرنامج.
*******
نرجع مستمعينا الاكارم الى فقرة هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير وشرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد، فنجيب عن السؤال الثاني الذي عرضناه آنفاً وهو عن معنى تحمل الزائر للشهادة بفضل النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله، وعظمة ما قام به للامة، فنقول ان في ذلك اشارة لطيفة الى ان حتى الجاحدين بفضل النبي الخاتم وعظمة خدماته صلى الله عليه وآله للامة، انما يجحدون بلسانهم فنفوسهم مستيقنة بمضمون تلك الشهادة فهي من الحقائق الثابتة من نوع وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم حسب التعبير القرآني.
وثمرة تقرير الزائر لهذه الحقيقة هي ترسيخها في القلب ونفي كل الشكوك عنها الامر الذي يفعل دورها وتأثيرها في تفجير ينابيع الحب الفطرية للحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله في القلب لعظمة خدماته للبشرية لان النفوس مجبولة على حب من احسن اليها.
اما بالنسبة للسؤال الثالث اعزاءنا المستمعين وهو عن العلاقة بين مضامين شهادات الزائر في هذه الفقرة، فنقول: انها تكمن في بيان مصاديق مترابطة لما قام به نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه وآله في سبيل خدمة الامة وهدايتها الى سبيل السلام والحياة الكريمة في الدنيا والاخرة.
فهي تقرر اولاً انه صلى الله عليه وآله قد بلغ رسالات الله عز وجل أي انه لم يأت بشيء من عنده، وكل ما جاء به هو لصالح امته ولم يسألها اجراً منها لنفسه فاجره على الله عز وجل فحتى طلبه اجر مودة اهل بيته عليهم السلام، تعود فائدته للامة نفسها اولاً كما انه في ذلك مبلغ لامر ربه ورسالات ربه وبذلك فهو صلى الله عليه وآله يكون في ذلك ناصحاً لامته مطالباً لصالحها حريصاً على تعريفها بما فيه سعادتها وهذا اعلى مراتب النصح الصادق.
اما علاقة ما تقدم بالعبارات اللاحقة أي قول الزائر: (وجاهدت في سبيل ربك وصدعت بامره واحتملت الاذى في جنبه)، فهي تتضح من خلال ما تشتمل عليه هذه العبارات من بيان حقيقة ان تبليغ النبي صلى الله عليه وآله لرسالات ربه ونصحه لامته انما ينطلق من جهاده في سبيل ربه وابتغاء مرضاته وفي ذلك درس عظيم من دروس الاخلاص اذ ان الاخلاص لله هو الذي يجعل العبد المخلص يصدع بما امره ربه نصحاً لخلقه مهما كانت الصعوبات والاذى الذي يلحقه بسبب ذلك.
وهذا ما تجلى باسمى صوره في نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله الذي لم يؤذ نبي قط مثلما اوذي في الله ونصحاً للامة جزاه الله عنا افضل ما جزى نبياً عن امته.
والى لقاء مقبل من برنامج فاتح الخير الذي استمعتم اليه من اذاعة طهران نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******