البث المباشر

شرح فقرة: "غير منكر ما إنتهى اليه من فضلك" حوار مع الشيخ محمد السند حول معنى أحاديث إن محمداً وآله لا يقاس بهم أحد

الإثنين 8 إبريل 2019 - 09:24 بتوقيت طهران

الحلقة 21

الحمد لله مبدأ الخير وخالقه والصلاة والسلام على فاتح الخير الرباني محمد وعلى آله الطاهرين.
السلام عليكم ـ مستمعينا الاكارم ـ ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج نتابع فهيا وقفات الاستضاءة بفقرات زيارة سيد البشر المصطفى صلى الله عليه وآله المروية عن مولانا الصادق عليه السلام وقد انتهى بنا الحديث الى الفقرة التالية من هذه الزيارة المسنون زيارة النبي الاكرم من بعيد في اي وقت من الاوقات، والفقرة يصف فيها سلامه عليه صلى الله عليه وآله بالاوصاف التالية: (تسليم عارف بحقك معترف بالتقصير في قيامه بواجبك غير منكر ما انتهى اليه من فضلك موقن بالمزيدات من ربك مؤمن بالكتاب المنزل عليك محلل حلالك، محرم حرامك ...).
العبارة الاولى من الفقرة المتقدمة سبق الحديث عنها ـ مستمعينا الاكارم ـ في الحلقة السابقة من البرنامج، وبقيت نقطة محورية مهمة تستبطنها عبارة (غير منكر ما انتهى اليه من فضلك)، فما هي هذه النقطة؟
للأجابة عن هذا السؤال نذكركم ـ ايها الاخوة والاخوات ـ بوصية كان العارف الخميني ـ رضوان الله عليه ـ كثيراً ما يهتم بتأكيدها في كتبه العرفانية والسلوكية وسائر رسائله ووصاياه للمقربين منه.
كان (رحمه الله) يوصي المؤمنين الحذر كل الحذر من انكار ما قد لا يطيقون فهمه او استيعابه من مقامات الاوليات ويعتبر انكاره من مكائد الشيطان لايقاف حركة الانسان التكاملية كما ورد في رسائله العرفانية لولده السيد احمد (رضوان الله عليهما) فما هي العلاقة بين انكار مقامات الاولياء وخاصة سيدهم المختار (صلى الله عليه وآله) وبين طي معارج الكمال؟
في الاجابة عن هذا السؤال الفرعي نقول: ان هذا الانكار يعني تحديد الفضل والعطاء الالهي للاولياء، وفي ذلك تحديد للقدرة والكرم الالهي يخالف عقيدة الاسلام بالسعة الالهية التي لا حد لها من جهة او انه يعني تحديد استعداد الاولياء لتلقي العطاء والفيض الالهي بحدود ما يمكن لنا تصوره حسبما نطيق نحن.
وفي ذلك انزال لهم عليهم السلام الى مرتبة ما يطيق البشر العاديون ومقايسه لهم عليهم السلام بغيرهم وهذا خلاف ما نصت عليه النصوص من ان محمداً وآله لا يقاس بهم احد، فهم لا يقاس بهم احد حتى في مرتبة استعدادهم لتلقي اسنى مراتب العطاء والفيض الالهي.

*******

ولكن ما علاقة كل هذا بمسيرة الانسان التكاملية؟ نجيب بعون الله على هذا التساؤل بعد الاستماع لمزيد من التوضيح للحقيقة المتقدمة في الحوار التالي الذي اجراه زميلنا عبر الهاتف مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند:
المحاور:بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته معنا في هذه الفقرة من البرنامج ضيفنا الكريم سماحة الشيخ محمد السند، سماحة الشيخ سؤال هذه الحلقة ايضاً ورد من مجموعة من الاخوة عن معنى الاحاديث القائلة بان محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين لا يقاس بهم احد؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، فان القرآن الكريم قد اشاد بشخصية سيد الرسل كأعظم شخصية بشرية يحفل بها القرآن الكريم ويحفل بها الباري تعالى فان في سورة آل عمران الآية ۸۰ تشير الآية الكريمة الى ان الانبياء انما نالوا النبوة والرسالة ونالوا ما نالوا من المقامات الغيبية بتوسط اقرارهم وايمانهم بنبوة الرسول وان ما اعطاهم الله ما اعطاهم لتسليمهم وايمانهم بنبوة النبي الخاتم صلوات الله عليه وآله، فكأنما الايمان بنبوة النبي كان ذلك شفيعاً لهم ووسيلة لهم ليرتقوا ابلغ مراقي الكمال البشري وهي النبوة، حيث تقول الآية وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ عقد ميثاق بين الطرفين بين الله وبين الانبياء لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ اذن شرط اعطاءه الكتاب والنبوة وما شابه ذلك هو ايمان بخاتم الرسل لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ، قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ، قَالُواْ أَقْرَرْنَا فقالوَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا، اذن علاوة على انه واثقهم بهذا العقد ثم سل منهم الاقرار ثم غلظ عليهم الاصر قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ، اذن توكيدات عظيمة على الانبياء ينيلهم الله عز وجل النبوة والحكمة والمقامات الغيبية من ببركات سيد الرسل، هذه الآية تحمل من الظرائف والنكات اللطيفة التي تبين فوقية مقام الرسول.
المحاور:يعني جريان هذا الحكم على آله كيف يسري هذا الحكم؟
الشيخ محمد السند: تبين هذه الآية وعشرات الآيات نفس القرآن الكريم انه مهيمن على كل الكتب يدل على ان الرسول صلى الله عليه وآله اذن افضل من بقية كل الرسل، هذا القرآن وهذا المقام للنبي قد بين القرآن الكريم ان اهل بيته يشاركونه تبعاً له وهو سيدهم، كيف؟ مثلاً في آية التطهير تبين هذه الآية ان أهل البيت يشاركون النبي في هذه الطهارة تبعاً له ولم يشرك الله عن طهارته عن العصمة ولم يشرك الله في العصمة وفي مقامات النبي احد من الانبياء مع سيد الرسل وانما اشرك معه فقط اهل بيته الخاصة، كما في آية التطهير آية المباهلة وآيات اخرى، مع ان الله عز وجل لم يشرك مع سيد الانبياء في الحجية في الطهارة في مواد اخرى في هذه المقامات غير اهل بيته ويزيد ذلك وضوحاً ما في سورة الواقعة ان الله اشرك في علم الكتاب المهيمن على كل الكتب اهل بيته حيث قال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ، لّا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ، وهم المطهرون الذين شهد لهم القرآن ليست المتطهرون بالوضوء والتوبة والاعمال الصالحة وانما مطهرون من قبل الله، الذين شهدت لهم آية التطهير وهم اهل البيت عليهم السلام، اذن كان اهل البيت شاركوا رسول الله تبعاً له في العلم بالكتاب المهيمن الذي لم يعلم به انبياء الله من قبل، فهذا ما يدلل على ان اهل البيت عليهم السلام تبعاً لسيدهم رسول الله قد فاقوا البشرية ولا يقاس بهم احد بنص القرآن الكريم.
المحاور:سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احباءنا المستمعين وتفضلوا بمتابعة ما تبقى من البرنامج.

*******

ونرجع ايها الاخوة والاخوات الى السؤال الذي عرضنا قبل حوارنا مع ضيف البرنامج، عن العلاقة بين انكار ما لا يمكننا فهمه واستيعابه من مقامات ومراتب النبي الاعظم صلى الله عليه وآله الكمالية وكذلك سائر اولياء الله عليهم السلام وبين استمرار حركة الانسان التكاملية نحو الآفاق العالية.
في الاجابة عن هذا التساؤل نقول: ان انزال المثل الاعلى لحركة الانسان المؤمن وهم النبي وآله عليه وعليهم السلام الى حدود ما نفهمه ونستوعبه من مراتب الكمال يضف همة الانسان عن السعي للاقتراب من مراتبهم الكمالية من جهة ويحددها بتلك الحدود وبالتالي يحرمه من الحصول على ما لا يخطر بذهنه من اشكال العطاء والفيض الالهي النازل اليهم عليهم السلام والمكلفون بنقله الى طالبيه من احباب الله كل حسب سعته.
ولا يخفى ان هذه قضية محورية في حركة الانسان المؤمن لطي معارج الكمال والقرب الالهي، ولذلك اكدتها زيارة النبي الاعظم صلى الله عليه وآله من بعيد بتحفيزها المؤمن الى ترسيخها في قلبه الى درجة اليقين، ولذلك جاء في العبارة التالية من خطاب الزائر لسيده المصطفى صلى الله عليه وآله وهو يصف العطاء الالهي له بقوله: (موقن بالمزيدات من ربك).
نتابع الحديث عن الفقرة اللاحقة من هذه الزيارة المباركة في الحلقة المقبلة من البرنامج باذن الله وعونه فكونوا معنا. نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة