الحمد لله المؤمن المهيمن والصلاة والسلام على قائد الخلق الى وادي الامن وسبل السلام محمد وعلى آله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم في الحلقة الحادية عشرة من حلقات هذا البرنامج الذي يعنى بشرح نص الزيارة المروية عن مولانا الصادق عليه السلام التي يزار بها خاتم الانبياء حبيبنا محمد صلى الله عليه وآله من بعيد.
نتناول في هذه الحلقة ـ احباءنا ـ اولاً معنى السلام الذي نخاطب به المصطفى ونحن نزوره ولنا حوار مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي عن مظاهر الرحمة المحمدية كما ننقل لكم رواية بشأن اثر زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله من بعيد في زيارة الرزق المادي والمعنوي ضمن عمل عبادي مأثور فكونوا معنا وهذه الحلقة من برنامج فاتح الخير.
اعزاءنا المستمعين نبدأ في بيان معنى السلام بنقل مطلع الدعاء المأثور في تعقيب ركعات صلاة الهدية للمعصومين الاربعة عشر عليهم السلام.
يقول مطلع هذا الدعاء: (اللهم انت السلام ومنك السلام واليك يعود السلام حيناً ربنا منك بالسلام).
الله تبارك وتعالى هو السلام أي انه منشأ كل سلام، ولذلك يطلب منه عز وجل كل سلام، ولذلك ايضاً جعلت تحية اهل الاسلام السلام بحكم صبغة التوحيد الاصيلة في الدين الالهي فكل شيء يطلب من الله وحده في منتهى الامر أي بصورة مباشرة او غير مباشرة.
من هنا نعلم ان حقيقة تحية السلام هي دعاء لله تبارك وتعالى بانزال السلام على من نسلم عليه.
وحيث ان تحية السلام هي دعاء في حقيقتها فهذا يعني ان التوجه فيها هو اولاً لله تبارك وتعالى ثم الى من نسلم عليه.
كما ان الدعاء ينبغي ان يكون متناسباً مع خصوصيات من ندعو الله له ما يناسبه وما يحتاجه من السلام، واعلى مراتب السلام هو ما نطلبه لاسمى الخلائق نبينا الاكرم صلى الله عليه وآله وهو بالغ لاعلى المراتب في الامن والسلام ولذلك فان السلام عليه من هذه الجهة الدعائية انما يعني دعاء لجميع المستعدين لتلقي حقيقة السلام والامن منه صلى الله عليه وآله كما هو حال الصلاة عليه في "له" وكذلك "لاله" شرف وكرامة ولجميع المستعدين لتلقي الفيض منه رحمة وبركة وهذا من مصاديق كونه وآله صلى الله عليه وآله رحمة الله الكبرى للعالمين.

*******

وثمة بعد آخر في السلام نتحدث عنه بعون الله عز وجل بعد الاستماع الى ما يقوله ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي عن بعض مظاهر كون النبي الاكرم صلى الله عليه وآله رحمة الله الكبرى للعالمين، نستمع معاً لهذا الاتصال الهاتفي الذي اجراه زميلنا معه.
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم احباءنا شكراً لكم على طيب متابعتكم لهذا البرنامج معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ من الاوصاف الاساسية التي ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وآله في هذه الزيارة المعتبرة المروية عن مولانا الامام الصادق عليه السلام وصفه بانه رحمة الله صلى الله عليه واله ما هي مظاهر صلى الله عليه وآله كونه اكبر مصاديق الرحمة الالهية سواءاً كان في حياته او بعد وفاته صلى الله عليه وآله؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، ورد في الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وآلله انما انا رحمة مهداة يعني هذا تأكيد لكونه وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ، بلا شك ولا ريب ان وجود النبي صلى الله عليه وآله رحمة وجوده رحمة رسالته التي جاء بها من قبل الله عز وجل رحمة وهي الرسالة التي جاءت تنسجم مع ما يحتاجه هذا الانسان على دار الدنيا هناك مظاهر لهذه الرحمة مظاهر كثيرة منها ما ترتبط بالانسان منها ما يرتبط بالمجتمع منها ما يرتبط بخلقه فيما يرتبط بالتعاليم التي جاء بها من كل النواحي في الحقيقة هو رحمة وهو مفتاح البركة كما عبر عنه الامام زين العابدين في دعاءه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولعل من ابرز مظاهر هذه الرحمة، فنشير الى الرحمة في الاخرة الان مثلاً تشير بعض النصوص ان جميع الانبياء في يوم القيامة ينادون نفسي نفسي الا ان النبي صلى الله عليه وآله ينادي اللهم سلم امتي امتي فهذه في الحقيقة مصداق بارز وواضح للرحمة.
المحاور: هذا في يوم القيامة كان هنالك حديث شريف عنه صلى الله عليه وآله: انا خير لكم في حياتي وبعد مماتي عندما يذكر بعد مماتي. يسألونه كيف بعد مماتك يا رسول يقول صلى الله عليه وآله: تعرض عليَّ اعمالكم فاستغفر لكم بهذا المضمون.
الشيخ باقر الصادقي: نعم صحيح هذه واردة وبنفس الوقت بالنسبة الى دار الدنيا يعني الكل يعرف حتى اعداء النبي صلى الله عليه وآله كان يشعرون برحمته يعني مثل هذا واضح اقبل النبي ذات يوم في غزوة من الغزوات وكان يتوضأ من غدير من الماء يتوضأ عنده واذا برجل من الاعداء الظاهر انه تخطى واقبل واحمل السيف على رأس النبي صلى الله عليه وآله يريد ان يضربه فقال: من يخلصك مني يا محمد النبي. 
رفع رأسه صلى الله عليه وآله وقال: الله العظيم. 
فسقط السيف من يده فأخذ السيف النبي قال: من يخلصك مني؟ 
قال: عفوك. 
قال له: اذهب، فذهب الى قومه ورجع وقال جئتكم من عند احلم الناس، العفو عند المقدرة يعني النبي كان عند قدرة ان يقتص منه ان يضربه ان يعاقبه لكن عفا عنه.
المحاور: ولكن سماحة الشيخ المظاهر كثيرة لا تحصى ولكن منها قضية الاستسقاء هل يمكن ان تشكل الاستسقاء به رحمة؟
الشيخ باقر الصادقي: بلا شك ان هذه من مظاهر الرحمة الاستسقاء به وطلب الرحمة الالهية بواسطته بلا شك ولا ريب هذه من المظاهر، لكن انا مقصودي اقول لم يجرؤ على قومه هذا مظهر من المظاهر يعني لما هبط الامين جبرائيل وقال له: اتأمرني ان اخسف بهم. 
قال: لا يا حبيبي جبرائيل. 
ثم قال: اللهم اهدي قومي فانهم لا يعلمون، في الحقيقة هنا كمال الرحمة وكمال العفو حتى في قضية القصاص لو فرضنا هذه الشريعة التي تعنى والبعض يقول ماذا هذا القصاص يتصورون منه خصوصاً بعض المستشرقين وبعض الكتاب يحاولون يسيئون الى الاسلام والى الرسالة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وآله فيقولون فان هذه ليس من مظاهر الرحمة في الحقيقة لو دققنا النظر لوجدنا ان هذا ملئه الرحمة ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب نفس الوقت التشريع الذي جاء حتى بالنسبة الى الحيوانات البهائم يعني عندنا في الروايات انه الانسان كان عنده بهيمة او دابة فهناك بعض الامور وهذا نستشف منها الرحمة مثلاً ان لا يحملها اكثر من طاقتها اذا مر على الماء مثلاً يعرضها على الماء.
المحاور: يعني هي وصاياها صلى الله عليه وآله ايضاً من مظاهر رحمة السماء، جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ لما تفضلتوا به وهناك سؤال آخر حول معنى خاتميته بالنبيين ان شاء الله نعرضها على سماحتكم في الحلقة المقبلة.

*******

نعود معكم اعزاءنا المستمعين وتقديم هذه الحلقة من برناج (فاتح الخير) وقد خصصناها للحديث عن معنى السلام وعرفنا ان الجهة الاولى فيه هو دعاء من الله لانزال السلام منه عز وجل بما يناسب من نسلم عليه، اما البعد الثاني للسلام فهو الان من المسلم بنفي توجيه الاذى منه الى من يسلم عليه.
وهذا الاذى ايضاً يكون مناسباً لمن نسلم عليه، والمستفاد من الاحاديث الشريفة هو مستمعينا الافاضل ان ما يؤذي نبينا الرؤوف صلى الله عليه وآله هو سيئات الاعمال وعموم ما لا يحبه لنا صلى الله عليه وآله ولذلك فلا يمكن ان يتحقق هذا البعد من السلام اذا كنا نسلم على النبي ونحن نلقاه في حالة لا يرضاها صلى الله عليه وآله لنا.
ومع اتضاح حقيقة السلام ننتقل الى المقطع الاول من الزيارة بعد التشهد حيث نخاطبه صلى الله عليه وآله قائلين: (السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا خليل الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا صفي الله السلام عليك يا رحمة الله).
هذا المقطع يشتمل على السلام عليه صلى الله عليه وآله بذكر خمس من امهات صفاته هي اولاً كونه رسول الله، لكنه ليس رسولاً عادياً بل هو خليله من بين رسله جميعاً من الاولين والاخرين.
وهذه ميزته صلى لله عليه وآله عن ابراهيم خليل الرحمان عليه السلام فهو خليل الله ايضاً ولكن من بين الخلق ومحمد صلى الله عليه وآله هو خليل الله من بين صفوة الخلق أي الانبياء والمرسلين.
ثم نسلم عليه صلى الله عليه وآله بذكر كونه نبي الله ثم صفيه جل جلاله فهو نبي الله لكنه ليس نبياً عادياً بل هو صفوة الله من بين انبيائه جميعاً من الاولين والآخرين، وبهذا يمتاز عن ابينا آدم عليه السلام فهو الصفوة من صفوة الخلائق وبذلك كان رحمة الله الكبرى للعالمين كما تقدم.
الى موعد لقاءنا المقبل نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******