الحمد لله مبدأ كل خير ومنتهاه والصلاة والسلام على فاتح كل خير ومأواه المصطفى محمد وعلى آله اعرف الخلق بمنهجه وحفظة سنته الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ... اعزاءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في تاسع حلقات هذا البرنامج الذي يعنى اساساً بشرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد المروية عن مولانا الصادق عليه السلام.
نفتتح هذه الحلقة اعزاءنا تبركاً بهذا الحديث الشريف المروي عن مولانا الباقر عليه السلام في ترغيب زيارة خاتم الرسل صلى الله عليه وآله من بعيد فقد جاء فيه: (ليس احد من المؤمنين يقول صلى الله على محمد وآله وسلم الا قال الملك الموكل بسمع العباد وعليكم، ثم يقول: الملك يا رسول الله ان فلاناً يقرئك السلام، فيقول: رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه السلام). ونحن نقول معاً اعزاءنا صلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.
ايها الاخوة والاخوات .. نرجع الى الزيارة المروية عن مولانا الامام الصادق عليه السلام لزيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم من بعيد فبعد ان امر عليه السلام بالتوجه اليه صلى الله عليه وآله امر ان تبدأ الزيارة بهذه الفقرة وهي: (اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد ان محمداً عبده ورسوله، وانه سيد الاولين والاخرين وانه سيد الانبياء والمرسلين اللهم صل على محمد وأهل بيته الائمة الطيبين).
وكما تلاحظون ـ احباءنا ـ فالزيارة تبدأ بشهادات ثلاث مع دعاء الشهادة الاولى هي شهادة بالتوحيد وان لا اله الا الله مع التأكيد على نفي أي شريك له تبارك وتعالى.
وهذه من القواسم المشتركة بين جميع نصوص زيارات اولياء الله المقربين سلام الله عليهم، المروية عن اهل بيت النبوة تكشف عن شدة اهتمامهم عليهم السلام بان تكون زيارة الاولياء وسيلة للتقرب من الله عز وجل وترسيخ توحيده الخالص في القلوب، ولذلك كانت زيارتهم من اسمى وسائل القرب من الله عز وجل.
اما الشهادة الثانية فهي اعلان عن الايمان بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورسالتهم ولكن مع تقديم كونه عبداً لله على كونه رسوله فما السر في ذلك؟ لعل في تقديم صفة العبودية على الرسالة رغم ان مقام الرسالة من اسمى مقامات اولياء الله عليهم السلام هو التنبيه الى كون العبودية مفتاح الوصول الى جميع المقامات السامية فمحمد صلى الله عليه وآله هو سيد الرسل لكونه سيد عباد الله واشهدهم تفانياً في العبودية لله عز وجل.
وفي هذا التنبيه اعزاءنا المستمعين ترغيب للزائرين بتقديم العبودية لله عز وجل على كل كمال لانها الجامعة لكل كمال، وحث غير مباشر لنا على ان نسعى الى ترسيخ العبودية الخالصة لله عز وجل ونحن نزور سيد عباد الله الشكورين محمداً صلى الله عليه وآله.

*******

نتابع مستمعينا الاكارم الحديث عن مطلع الزيارة ولكن بعد الاستماع لتوضيحات ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي بهذا الخصوص في الحوار الهاتفي التالي الذي اجراه معه زميلنا نستمع معاً.
المحاور: من الملاحظ في زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد في نصها المروي عن الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه ورود الشهادة لله تبارك وتعالى بالواحدانية وبنفي الشريك، كذلك الشهادة للنبي صلى الله عليه وآله بالرسالة مع تقديم العبودية عبده ورسوله ما هو السر في هذه الفاتحة او المقدمة لهذه الزيارة؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بالنسبة الى الابتداء بالشهادة لله بالوحدانية ربما فيها استبطان لمن يحاول ان يرمي او يرفض او ان يصف زيارة النبي بدعة والسبب في ذلك لان الزيارة يفهمها اشبه بالعبادة يعني انه يزور يعني يعبد النبي في الحقيقة وهذا في الحقيقة فيه رد خفي على انه الزائر حينما يزور النبي هو في بداية هذه الزيارة يقر لله عز وجل ويشهد لله بالوحدانية وانه وحده لا شريك له، وفيها رد على فرقة ضالة مضلة نهت من زيارة قبر النبي والا اكثر المسلمين قالوا بالاستحباب من اقرب القربات لله عز وجل زيارة قبر النبي الا فرقة ضالة مضلة هذه في الحقيقة قالت ان زيارة النبي معصية، وقد تحدثنا في حلقة سابقة واجبنا عن ذلك بالتفصيل ولكن هنا فيها في الحقيقة في بداية الزيارة بالشهادة لله للوحدانية تنفي مزاعم هؤلاء الذين مثلاً يقولون انهم يعبدون النبي او مثلاً يشركون بالله تبارك وتعالى فائمتنا يعلموننا في بداية الزيارة ان نشهد لله بالوحدانية واضف الى ذلك اعتراف هناك ثانياً واشهد ان محمد عبده ورسوله، هنا اثبات العبودية للنبي والعبودية في الحقيقة كان يفتخر النبي بذلك العبودية جوهرة كنهها الربوبية امير المؤمنين يقول: (اللهي كفاني فخراً بان تكون لي رباً وكفاني عزاً ان اكون لك عبداًَ)، فالعبودية في الحقيقة وسام للنبي صلى الله عليه وآله وعلامة قربة من الله عز وجل قرب العبد هو بالانصياع وبالطاعة والبذلة لله عز وجل، فالزائر حينما يقف ويزور حتى لو كان من بعيد ويقر ويقول اشهد ان محمداً عبده ورسوله، فيه تصريح ظاهر بان النبي عبد من عبيد الله لكن انا امرنا بطاعته ومحبته باعتبار هو يربطنا بالله عز وجل وامرنا الله عز وجل بطاعته يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول، اذن حب النبي وزيارة النبي والاعتراف بانه عبد من عبيد الله هذه من جملة الامور التي ركز عليها الائمة في بداية الزيارة لكي يدفعوا عن المغرضين الذين لا يقرون او يقولون زيارة النبي لا تشرع وان السفر الى زيارة النبي سفر معصية هذه في الحقيقة فيها رد باطن.

*******

اهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الاعزاء مرة اخرى وانتم تتابعون الاستماع لبرنامج فاتح الخير من اذاعة طهران ونرجع الى مطلع النص المروي لزيارة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله من بعيد.
وقد لاحظنا انه يبدأ بشهادتين الاولى بان لا اله الا الله وحده لا شريك له تأكيداً للتوحيد الخالص وتحصيناً للزائر من الغفلة عن ان هدفه الاسمى من زيارة اولياء الله عليهم السلام هو التقرب لمولاهم الحق الله تبارك وتعالى.
والثانية الشهادة لنبي الاسلام بانه عبد الله ورسوله تكريماً لمقام العبودية وترغيباً وحثاً للزائر بان يتأسى بالنبي الاكرم صلى الله عليه وآله في تعميق صدق العبودية لله عز وجل فهي مفتاح كل خير.
اما الشهادة الثالثة فهي التي يشتمل عليها قوله عليه السلام: (وانه سيد الاولين والاخرين وسيد الانبياء والمرسلين).
وفي هذه الشهادة ترسيخ للتوجه الى النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وتعميق لمودته في قلب الزائر لانها تعني انه جامع لجميع كمالات ومقامات اولياء الله المقربين وفي مراتبها العليا فهو الاجدر بكل حب ومودة لانه الجامع لكل كمال وجمال صلى الله عليه وآله وسلم.
ويختتم مطلع الزيارة بدعاء هو: (اللهم صل على محمد وأهل بيته الائمة الطيبين) وفي هذا الدعاء تعريف للزائر باحد مظاهر التعبير عن حبه ومودته للنبي الاكرم صلى الله عليه وآله وهو دوام الصلاة عليه والصلاة عليه من اهم قنوات نزول البركات على جميع الخلائق لانه صلى الله عليه وآله فاتح كل خير كما ان في هذا الدعاء دلالات اخرى نشير اليها بعون الله في حلقات البرنامج القادمة فكونوا معنا. والى اللقاء المقبل نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******