وبعد أكثر من شهر على اندلاع الحرب في فلسطين المحتلة وبدء القصف العنيف على قطاع غزة، وبعد 11 يوماً على بدء التوغلات البرية وإعلان الاحتلال توسعة عملياته البرية في غزة، ما تزال قوات الاحتلال عاجزة عن اقتحام المناطق العمرانية في القاطع الشمالي من قطاع غزة، وتقف في المجمل عند حدود توغلاتها في الأيام الأولى في المناطق المفتوحة، وذلك بعدما تلقت ضربات قاسية من المقاومين في مختلف محاور القتال، طيلة الأيام الماضية.
الاحتلال ينسحب من مناطق توغلاته الأخيرة تحت وطأة الخسائر
انسحبت قوات الاحتلال من عدة مناطق كانت سعت للتوغل فيها بالمدرعات والدبابات، لا سيما في شرقي حي الزيتون وجنوبه، وفي الأطراف الشمالية لمخيم الشاطئ، وفي شرقي بيت حانون.
وبعد أن صوّر الاحتلال تقدمه البري خلال الأيام الماضية في أطراف بعض المناطق العمرانية، لم يتمكن من نشر أي مشاهد إضافية خلال 24 ساعة لتوغلات جديدة في داخل الأحياء السكنية في بيت حانون أو بيت لاهيا أو ضواحي مدينة غزة الشرقية والغربية، وعادت قواته لمحاولة التثبيت في مناطق مفتوحة سيطرت عليها في الأيام الأولى للتوغل البري.
فقد أعلن الاحتلال حتى مساء اليوم الاثنين سقوط 35 جندياً قتيلاً في المعارك في غزة، وذلك على الرغم من التضييق الإعلامي الشديد والرقابة المفروضة على وسائل الإعلام الإسرائيلية وإحصائيات خسائر المعركة، حيث يكتفي الجيش بإعلان الأرقام للإعلام.
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أنّه بالإضافة إلى القتلى، فإنّ عدد الجنود المصابين في المعارك بدرجات إصابة مختلفة، من الحروق والشظايا والإصابات المباشرة بالقصف الصاروخي والاستهدافات بواسطة الأسلحة المضادة للدروع والعبوات، فاق الـ 350 جندياً، تمّ إخلاء أكثر من 150 منهم من ميدان المعركة بواسطة المروحيات لصعوبة نقلهم براً، وهو ما يوازي خروج نصف كتيبة من المشاة من المعركة.
وتسعى قيادة جيش الاحتلال، بسبب صعوبة التوغل في المحاور السابقة، إلى استحداث محاور فرعية جديدة، لا سيما في العطاطرة في المحور الغربي شمالاً، لتجاوز عقدة مخيم الشاطئ وحي الكرامة، كما أظهرت شاهد نشرها الاحتلال.
كذلك، حاول الاحتلال التقدم نحو منطقة الشاطئ والميناء من الناحية الجنوبية، مستفيداً من الخاصرة التي تقدم منها خلال الأيام الأولى للاجتياح عبر محور شارع صلاح الدين نحو مفرق نيتسيريم ومنها إلى شارع الرشيد على الساحل الغربي للقطاع.
الليل والنهار: المقاومة لا تنام
لا يعرف ليل غزة ولا نهارها أي نوع من أنواع الهدوء أو الراحة من القصف، ولكنّ نمطاً معيناً من العمليات القتالية بات يمكن لحظه بعد أكثر من 10 أيام على المعركة.
فالمقاومة نشرت عمليات عدة نفذتها في وضح النهار، كما سعى الاحتلال أكثر من مرة للتقدم في وضح النهار نحو المناطق العمرانية، ولكنّ الأسبوع الثاني للعملية البرية شهد أكثر من ليلة قصف فيها الاحتلال القطاع بشكل مكثف في أول الليل، ليحاول التقدم نحو المناطق المقصوفة تحت غطاء القنابل المضيئة والقصف المدفعي للمناطق المتاخمة لمنطقة التقدم، مع قطع لشبكة الانترنت.
ولكنّ المقاومة بدورها تستفيد من الليل، بعد أن أظهرت أجهزة المراقبة والرصد المزودة بها آليات الاحتلال، محدودية في نطاق الرؤيا مع غياب العنصر البشري، في النهار والليل على سواء. وأظهرت مشاهد جديدة نشرت استهدافات لقوات الاحتلال في ظلام الليل، حيث يرجّح أنّ المقاومين كانوا يستعملون وسائط رؤية ليلية، مستفيدين من إحاطتهم بتفاصيل المناطق والشوارع والأحياء.
وأظهرت المشاهد التي حرصت المقاومة على بثها استهدافاً لدبابة إسرائيلية بشكل دقيق في ظلام الليل الدامس، ما يشير إلى رسالة قد تكون القسام أرادت إيصالها وهي أنّ جنود الاحتلال لا يمكن لهم أن يرتاحوا في الليل أو يظنوا أن المقاومين عاجزون عن استهدافهم، مما يجعلهم عرضة للضغط الشديد.
تصعيد في عمليات المقاومة كماً ونوعاً
أعلن الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، استهداف وتدمير نحو 27 آلية ودبابة وجرافة للاحتلال، وهو ما يوازي نحو كتيبة كاملة من سلاح المدرعات، وذلك خلال الـ 48 ساعة الأخيرة.
واستهدفت المقاومة، ضمن مبدأ العمليات الواسعة والمكثفة ضد الاحتلال، 6 دبابات في المحور الشمالي الغربي، في عملية إغارة بواسطة قذائف "الياسين 105" الخارقة للدروع.
كما استهدفت 7 دبابات وآليات في مناطق مختلفة من مناطق الاشتباكات، لا سيما في منطقة جحر الديك وشرقي حي الزيتون في الجنوب.
تزايد أهمية سلاح المدفعية القريبة "الهاون"
وأعلنت القسام وسرايا القدس اليوم استهدافات عدة بواسطة عشرات قذائف الهاون لمناطق تحشّد الاحتلال ونقاط تمركز آلياته ومدرعاته، والتي استحدث معظمها في المناطق المفتوحة التي سيطر عليها بالقرب من السياج.
واستهدف المقاومون تجمعات في موقع إيرز شمالي شرقي القطاع، وفي المقوسي غربي حي الشيخ رضوان في المحور الغربي، وفي مناطق جحر الديك والسموني و الشاطئ في المحور الجنوبي. كما دكّت مواقع الاحتلال المحاذية للقطاع في صوفا وراعيم ومارس.
ومع تزايد التماس مع الاحتلال، وإدخال المزيد من القوات الإسرائيلية في القطاع من المدرعات والمشاة، تتصاعد أهمية سلاح الهاون في المعركة، لا سيما وأنّ قوات الاحتلال اقتربت من المناطق المركزية وأصبحت في مرمى صواريخ المقاومة القريبة المدى وقذائف الهاون، في مختلف محاور القتال.
وتستعمل المقاومة عدة عيارات من قذائف الهاون، أبرزها تأثيراً وفعالية اليوم القذائف من عيار 120 ملم، وهي تمتاز بفعالية كبيرة ضد الأفراد الحشود وبدائرة تأثير واسعة، ويمكن أن تسبب أضراراً كبيرة في الآليات المصفحة، كما يمكن أن تسبب أضراراً للدبابات والمدرعات في حال أصابتها بشكل مباشر.
كما استخدم المقاومون اليوم عبوات لاصقة مضادة للدروع في استهداف جرافة ودبابة للاحتلال، واستخدموا كذلك قذائف الضغط الحراري TBG، أو القذائف الفراغية، في استهداف المنازل التي يتحصن فيها جنود العدو، وكذلك آلياتهم ومدرعاتهم.