طبعا لانقول ذلك جزافا ولا ندعي تحقيق النصر للمقاومة دون دليل. فعندما يفشل العدو الغاصب في تحقيق أي من أهدافه الخمسة فهو الطرف المنكسر والمنهزم إذن.
يمكننا القول أن لطغمة تل أبيب خمسة أهداف لم يتمكنوا من تحقيقها ألبتة، وهي:
1- تدمير حماس واجتثاثها باستخدام القوة المفرطة والوحشية القصوى، وهذا لم يتحقق حتى الان رغم مضي 24 يوما على شن العدوان البربري ضد مدينة غزة المحاصرة بالكامل، ومازلنا نرى أن عنصر المبادرة و المبادأة العسكرية هي بيد حماس والجهاد الاسلامي، ولم تندحر قواتهما مطلقاً ومازالت تخوض المعركة بمعنويات جيدة و لها اليد العليا والذراع الضاربة في الميدان.
وشهد العالم كله اليوم عبر الفضائيات ما جرى في ثكنة ومعبر إيريز من هجوم مباغت وصاعق و ملحمة بطولية قام بها مقاتلو القسام ودمروا خلالها 12 دبابة وقتلوا 60 ضابطاً وجندياً بعد هجوم مركب لتطويق القوات المتقدمة وإبادتها.
2- إعادة احتلال غزة و الاستيلاء على عرين الأسود وهذا هدف ثانٍ فشلت في تحقيقه طغمة تل ابيب حتى الآن، و شاهد العالم كيف أن خامس أقوى جيش في العالم (كما يزعمون)شن ثلاث هجمات مركّزة بالدبابات والمدرعات من ثلاثة محاور بعد أن مهد لها بكل ما لديه من قصف مدفعي بربري وحزام ناري وقصف جوي بأحدث انواع الطائرات الامريكية والسمتيات و المسيّرات فضلا عن القصف البحري، و مع ذلك نجحت ثلة مؤمنة من شباب غزة في منعه من اقتحام المدينة و كبدوه خسائر فادحة في الأفراد والمعدات.وانكفأت قوات العدو إلى الخلف تجر أذيال الخيبة وتنقل جرحاها وقتلاها بالطائرات العمودية.
3- العجز عن إعادة الأسرى وتحرير المحتجزين اليهود لدى المقاومة، و هذا هدف مهم ثالث عجزت عن تحقيقه طغمة تل ابيب و فشلت في تحريرحتى و لو فرد واحد من أيدي المقاومين،بل بادرت المقاومة لإطلاق سراح 4 نساء مسنّآت محتجزات، لأسباب إنسانيةمما شكل ضغطا كبيرا على النتن ياهو للاهتمام بمطالب أهالي الاسرى بالسعي لإطلاق سراحهم عبر تقديم امتياز كبير للفلسطينيين يتمثل بإطلاق أكثر من 6000 أسير فلسطيني و أسيرة، من الضفة الغربية و قطاع غزة وتبييض السجون من أي سجين فلسطيني، و هذا بحد ذاته رضوخ كبير من العدو الصهيوني بقبوله أهم شروط المقاومة بعد أن كان يمتنع عن إطلاق سراح أي أسير حتى لو أضرب عن الطعام 100يوم أو أكثر ووصل إلى مشارف الموت.إذن؛فشل العدو في نيل هدفه الثالث بتحرير أسراه و نجحت المقاومة بإرغامه على تحرير أسراها، بالقوة.
4- الهدف الرابع للعدو يتمثل في ضرب الهيكل التنظيمي و القدرات العسكرية والعقيدة القتالية لحماس والجهاد الاسلامي، وفي هذا فشل العدو أيضا فشلا ذريعا على الرغم من استشهاد كوكبة من قياديي الفصيلين،وهم أساسا استشهاديون وليس طلاب راحة ومناصب بل يسكنون في منازل متهالكة بالمخيمات جنبا إلى جنب مع أبناء شعبهم و يترقبون الفوز بنيل الشهادة ويرونها أسمى غاياتهم وقمة امنياتهم،ومعظمهم إما أبناء شهداء أو إخوة شهداء.
وبمجرد استشهاد قيادي في الفصيلين يحل محله البديل دون أن يؤثّر ذلك في الهرم التنظيمي والتشكيل العسكري. و يكفي أن نعرف فشل العدو في بلوغ هدفه الرابع عندما نرى أن صواريخ المقاومة مازالت حتى الان تنهال على رؤوس الصهاينة العفنة في تل أبيب وكل المدن والمستوطنات و تجبر كل وفد يزورهم على الانبطاح على أرضية مطار بن غوريون أثناء مغادرته وكر الوحوش الصهاينة مسرعاً،ونرى الرعب والهلع باديا على وجوه الوفد الأجنبي وهو يضطر للانبطاح المذل مرعوبا خوفا من الهلاك .بل يركب الطائرة ببدلةمتسخة مبهدلة و شعور بالذعر من الموت الزؤام .
لقد فشل نظام القبة الحديدية أمام زخات صواريخ المقاومة بل فشل حتى امام أسراب البجع "اللبنانية" وفشل مجدداً أمام "يمامة" قادمة من جهة سوريا، وحمامة قادمة من جهة الأردن.
5- الفشل الخامس للصهاينة يتجسد في عدم تمكّن العدو الصهيوني من إجبار سكان غزةعلى الرضوخ ورفع الراية البيضاء واخماد انتفاضة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، رغم مارأيناه من ذروة التوحش وممارسة الهولوكست وارتكابه الابادة البشرية وجرائم الحرب ومحو أحياء كاملة من الخريطة و إلقاء ما يعادل القنبلة الذرية الملقاة على هيروشيما،ورغم الدمار الواسع وغيرالمسبوق في مدينة واحدة بعد قطع الماء والكهرباء عنها لمدة شهر وقطع الانترنت ومنع الغذاء عن أهلها و الحليب عن الرضع و الدواء عن الجرحى و المرضى لكن بحمد الله مازال الشموخ الفلسطيني لأهالي غزة هو الابرز والصمود الاسطوري للغزاويين مستمراً وسيكون مضرب الأمثال في كل زمان و مكان وقدم الجمهور الفلسطيني حتى الان أكثر من 8.500شهيد و 25.000 جريح لكن لم يقع في الأسر حتى مقاتل غزاوي واحد!!!! ولم يتبرأ أهل غزة من أبنائهم في حماس والجهاد الاسلامي، ولم يلوموهم في كل المآسي المروعة التي عانوا منها الأمرين على يد العدو المحتل الوحشي.
فيما تكبدت إسرائيل لأول مرة في تاريخها هذا العدد الهائل من القتلى و الجرحى الذي لم يسبق له مثيل في أي حرب من الحروب، حيث ارتفع عدد الهالكين الإسرائيليين إلى أكثر من 1600 قتيل.واعترفت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الاثنين إنه تم التعرف حتى الآن على جثث 823 قتيلا من غير الجنود، وتم نقل 715 جثة للدفن. واعترف الجنرال دانيال هاغاري المتحدث الرسمي للصهاينة أمس أن عدد الجنود القتلى منذ بدء الحرب وصل إلى 311، وعدد الأسرى الإسرائيليين لدى حما.س بلغ 230 أسيرا.فيماأعلن الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة قبل يومين أن القصف العشوائي الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى مقتل نحو 50 أسيرا إسرائيليا حتى الآن.وأفادت وزارة الصحة الإسرائيلية -في وقت سابق- بأن حوالي6000 إسرائيليا أصيبوا منذ بداية الحرب.
إن قناعتنا الراسخة هي أن النصر حليف غزة بعد أن تحطمت أسطورة الجيش الذي قيل أنه لايقهر، ورأيناه يقهر ويقبر، وشاهدنا كيف وقع 3جنرالات من كبار قادة جيش العدو والعشرات من ضباطه أسرى يجرونهم كالخراف و بدأت الهجرةالعكسية للمستوطنين إلى بلدانهم الاصلية، ومساء الامس بمجرد أن هبطت طائرة صهيونية في داغستان هجم عليها الناس في هبة عارمة ورد فعل تلقائية غير مخطط لها مسبقا ورأى الصهاينة أنهم بعد أن هربوا من المحرقة صاروا منبوذين غير مرحّب بعودتهم لديارهم التي فارقوها لكنهم خابوا وخسروا وخسئوا.
ولهذا نؤكد بوضوح وثقة بالله أن النصر مسبقا لأبطال غزة ويكفي أن الكيان الصهيوني لحقت به خسائر لم تلحق به في كل حروبه السابقة وفاق عدد قتلاه عدة آلاف من المستوطنين والعسكريين هلكوا باستحقاق فضلا عن آلاف الجرحى والأسرى وعشرات الألوف من المستوطنين الذين فروا على وجوههم {أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّـهُ مُوتُوا} [البقرة - ٢٤٣].
هذا كله رغم عدم انفتاح جبهة جنوب لبنان والجولان بالكامل لكن مع ذلك نزح آلاف المستوطنين الغاصبين من المناطق الشمالية لفلسطين المحتلة وقتل العديد من العسكريين الصهاينة ودمرت عشرات الآليات والدبابات على يد أبطال المقاومة الإسلامية اللبنانية تضامنا مع غزة ودعما لفلسطين وارباكاً للقوات الصهيونية.
ختاما؛ نردد ماقاله كتاب الله من دعاء نوح ع: { رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً (27) } [سورة نوح]
بقلم: د. رعدهادي جبارة
رئيس تحرير مجلة الكلمة الحرة