ويُعتبر العنوان العريض لقراءة الكاتب سيد علي علوي التاريخية للعلاقات الإيرانية – الفلسطينية أن الجمهورية الإسلامية ترى في دعمها للقضية الفلسطينية قطعاً تاريخياً وسياسياً وفكرياً مع النظام القديم للشاه محمد رضا بهلوي الذي ربطته علاقات وثيقة مع الكيان المحتل.
وقد تم الإفراج في 2019 عن وثائق تابعة لخارجية الكيان المُحتل تخصّ العلاقات مع إيران البهلوية منذ عام 1953 حتى الإطاحة بالشاه عام 1979. وكُشف أن تل أبيب ساعدت “الشاه” في قمع معارضيه، وقدمت له العديد من المعلومات المخابراتية حول سخط الشعب على طبيعة حكمه، وتوضح الوثائق أن العلاقات التي جمعت الدولتين آنذاك وصلت إلى مرحلة استراتيجية على الأصعدة السياسية والدبلوماسية كافة.
وخصّص المؤلف الفصل الأول لعرض موقف المعارضة الايرانية لحكم الشاه، اليسارية والإسلامية، المؤيدة للقضية الفلسطينية، في حين كان نظام الشاه يعتبر من أهم أنظمة المنطقة الداعمة للكيان الصهيوني. وبالنسبة للقوى اليسارية المناهضة للنظام الشاهنشاهي وللإمبريالية، شكّل التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته مسألة مبدئية، لارتباط الصهيونية والامبريالية والرجعية.
ويورد الكاتب أمثلة للتعاون بين حركات المقاومة الفلسطينية وحركات المقاومة الإيرانية (تدريب هذه القوى في معسكرات الثورة في الأردن ولبنان) والنضال المشترك في الدول الغربية ضد التحالف الصهيوني الأميركي الشاهنشاهي ضد شعوب المنطقة.
وفي الفصل الثاني، يدرس المؤلف علاقات إيران مع فلسطين في العقد الأول من الثورة الإسلامية، من خلال حدثين: أزمة الرهائن والحرب الايرانية العراقية، حين انكشف التمايز الايديولوجي بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة الثورة. لكن رغم ذلك، استمرت الثورة الإيرانية في دعمها للقضية الفلسطينية.
ويدرس المؤلف في الفصل الثالث من كتابه علاقة إيران بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، متوقفاً في البداية عند نشأة الحركة في بداية الثمانينيات في مصر وتأليف الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي لكتاب “الخميني، الحل الإسلامي والبديل”، وهو أول كتاب يصدر باللغة العربية عن الثورة الإسلامية في ايران.
وخصّص المؤلف الفصل الرابع للعلاقة بين حركة حماس وايران ما بين 1987 و2011، ويتناول الفصل الخامس علاقة ايران بالمقاومة الإسلامية الفلسطينية بعد ما سمي بالربيع العربي في 2011، وخاصةً في سوريا.
وتقع أهمية هذا الكتاب كونه يوثّق لأول مرة، بإحدى اللغات الأجنبية، علاقة الجمهورية الإسلامية في إيران بالقضية الفلسطينية، عبر النصوص الرسمية والمقابلات (مع ممثلي حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس في طهران) وتصريحات شخصيات إيرانية أو فلسطينية، والتقارير الصحافية، إضافة الى اعتماده على المراجع الإيرانية والإنكليزية للحديث عن حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين.