وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ ** وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ ** لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي ** وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ ** وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً ** مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت ** وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبراءُ
يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ ** وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ
يوحى إِلَيكَ النّورُ في ظُلُماتِهِ ** مُتَتابِعًا تُجلى بِهِ الظَلماءُ
وَالآيُ تَترى وَالخَوارِقُ جَمَّةٌ ** جِبريلُ رَوّاحٌ بِها غَدّاءُ
يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا ** مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ ** يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ
يأَيُّها الأُمِيُّ حَسبُكَ رُتبَةً ** في العِلمِ أَن دانَت بِكَ العُلَماءُ
يا مَن لَهُ عِزُّ الشَفاعَةِ وَحدَهُ ** وَهوَ المُنَزَّهُ ما لَهُ شُفَعاءُ
عَرشُ القِيامَةِ أَنتَ تَحتَ لِوائِهِ ** وَالحَوضُ أَنتَ حِيالَهُ السَقاءُ
تَروي وَتَسقي الصالِحينَ ثَوابَهُمْ ** وَالصالِحاتُ ذَخائِرٌ وَجَزاءُ
صَلّى عَلَيكَ اللهُ ما صَحِبَ الدُجى ** حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ
وَاستَقبَلَ الرِضوانَ في غُرُفاتِهِمْ ** بِجِنانِ عَدنٍ آلُكَ السُمَحاءُ
خَيرُ الوَسائِلِ مَن يَقَع مِنهُم عَلى ** سَبَبٍ إِلَيكَ فَحَسبِيَ الزَهراءُ
====
ميلادُ طه أكرم الأعياد ** وبشير كل الخير والإسعاد
يا أفضلَ الرسلِ الكرام جميعهم ** أنت الشفيعُ لنا لِيومِ معادِ
فضياكَ عمَّ المشرقين بنوره ** منذ استنار الكَونُ بالميلادِ
بِحِراءَ حقاً كنت تخلو عابداً ** ربّاً كريماً واسعَ الإمداد
وأتاك جِبريلُ الأمينُ مبلغاً ** قرآنَ ربِّك داعياً لرشاد
وإلى رحابِ القُدسِ سِرتَ مُكَرَّماً ** وعَرَجت يصحَبُك دليلُ الهادي
صلى عليك الله يا خيرَ الورى ** ما سبَّحَ المولى الحمامُ الشادي
وتركتَ مكةَ للمدينةِ رافعاً ** عَلَمَ الهدايةِ والتُّقى وسداد
وفتحتَ مكةَ ما أسأتَ مُسيئَها ** وعفوتَ عمَّن حاربوا بعنادِ
حَرَّرتَ كلَّ العالمينَ من الرَّدَى ** ومن الضَّلالِ وذُلِّ الاستعبادِ
====
وافى ربيع فمرحباً بهلالهِ.. قد أقبل الإسعادُ في إقبالهِ
شهرٌ به سعِدَ الزمان فحَقُّهُ.. أن يزدهي شرفاً على أمثالهِ
ما ازدانت الأعيادُ إلا أنها.. جَمَعت لزينتها بديعَ جَمالهِ
لمّا بدا في الأفقِ نورُ محمدٍ.. كالبدرِ في الإشراقِ عندَ كمالهِ
نشرَ السَّلامَ على البريةِ كلها.. وأعادَ فيها الأمنَ بعد زوالهِ
====
أهــــــلاً بمَولدِ سيّدِ الأكوانِ* عينِ الحَقائقِ نُقطةِ الفرقانِ
بحرُ المكارمِ شمسُ أعلامِ الهدى* مفتاحُ كنزِ خزائنِ الرحمنِ
تتـــزاحم التيجان في أعتـــابه* شرفاً وترجو الفوز بالرضوانِ
ثِق فـيهِ فــهُوَ السَّيدُ المبعوثُ * في التوارةِ والإنجيلِ والقرآنِ
جلَّ الذي منح الحبيب خصائصاً* لا تنقضي أبداً مدى الأزمانِ
حارَ الأنام بوصف أربعِ أحرفٍ* حاءُ الحياء والدّالُ والميمانِ
خيرُ النّبيينَ الكرامِ وتاجُهـــم* ذو المجد ذو البرهان عالِ الشانِ
مهما أجادَ المـــادحونَ وأطنبوا* فثناكَ فوقَ مكانةِ الإمكانِ
نورَ الورى نَوِّر جميعَ سرائري* طُرّاً وأطلِق في المديحِ لساني
صلى عليك اللهُ يا عَلَم الهُدى* ما ناحَ قُمريٌّ على الأغصانِ
====
هو في الجسم بَشَر
وهو نورٌ في البصيرة والبصر
أوَلمْ يُدعى سِراجاً في السُوَرْ
يا نبياً مُرسَلا قد عَلا
كيف صافحتَ الملائكَ في المَلأ
كيف حيَّاكَ السَّلام بالسلام
في مَقامٍ دونه كلُّ مَقام
حيث جبريلُ تَنحَّى وتَقدَّمتَ لها
قاب قوسينِ لدى السدرةِ حيثُ المُنتهى
====
أقول وآنست بالليل نارا ** لعل سراج الهدى قد أنارا
وإلّا فما بال أفق الدجى ** كأن سنا البرق فيه استطارا
وهذا نسيم شذا المسك قد ** أعير أم المسك منه استعارا
بشائر صبح السُّرى آذنت ** بأن الحبيب تدانى مزارا
جرى ذكر طيبة ما بيننا ** فلا قلب في الركب إلا وطارا
حنيناً إلى أحمدَ المصطفى ** وشوقاً يهيج الضلوع استعارا
ولمّا حللنا فناءَ الرسول ** نزلنا بأكرم خلقٍ جوارا
وقفنا بروضةِ دارِ السلام ** نعيدُ السلامَ عليها مِرارا
إليكَ إليكَ نبيَّ الهدى ** ركبنا البحارَ وجُبنا القفارَ
دعانا إليك هوىً كامنٌ ** أثارَ من الشوقِ ما قد أثارَ
عسى لحظةٌ منك لي في غد ** تُمهِّدُ لي في الجنان القرارا
فما ضَلَّ من بِهُداك اهتَدى ** ولا ذَلَّ مَن بذُراكَ استجَارا
====
فجرٌ أطلّ على الوجود فأطلعا ... شمسين: شمسَ سناً، وشمس هدىً معا
ظلَّتْ مطالعُ كلِّ شمسٍ لا ترَى ... من بعدِه شيئاً كمكةَ مطلَعا
قبسٌ من الرحمنِ لاح فلم يَدعْ ... لألاؤه فوقَ البسيطةِ مَوضِعا
ما كان ميلادُ الرسولِ المصطفى ... إلّا الربيعَ نضارةً وتَضوُّعا
يومٌ أغرّ كفاكَ منه أنه ... يومٌ كأنَّ الدهرَ فيه تجمَّعا
دينُ المساواةِ الصحيحة دِينه ... يرعاهمُ في الله أشفق من رعى
يا مصطفى أدعوكَ دعوة عاجز ... وأفي إليك بعجزه متشفعا
هب لي من النفحات ما أشفي به ... نفساً معذبة وقلباً موجعاً
فلعلَّ صدراً أن تزول همومه ... وعليلَ قومٍ أن يصح وينفعا
ولعل ذابلة الرجاء ينالها ... بلل من الغيث العميم فتينعا
صلى عليك الله جل جلاله ... دنيا وأخرى شافعاً ومشفّعا