البث المباشر

السيرة الرضوية في مواجهة انحراف الخواص

الإثنين 25 أغسطس 2025 - 16:48 بتوقيت طهران
السيرة الرضوية في مواجهة انحراف الخواص

لم يتسامح الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قط مع المصالح الظاهرية على حساب التغاضي عن الانحراف. وحول بتنويره العام، معيار الحق والباطل من "القرابة العائلية" إلى "الطاعة والالتزام الديني".

إن من أخطر التحديات التي واجهت المجتمع الإسلامي عبر التاريخ هو انحراف بعض الخواص، بل وحتى أقرباء أهل البيت (عليهم السلام)، وهو انحراف أدى أحيانًا إلى الانقسام والضلال في مسار الأمة.

وواجه الإمام الرضا (عليه السلام) هذه الظاهرة بجدية خلال إمامته، واتخذ موقفًا واضحًا منها؛ موقف لم يُسهم في إصلاح مجتمع ذلك العصر فحسب، بل ترك أيضًا نموذجا خالدا على مر العصور.

ومن الأمثلة الواضحة على هذه القضية سلوك الإمام الرضا (عليه السلام) مع أخيه "زيد". ولكنه لم يقبل، تحت تأثير طموحات وإغراءات من حوله، إمامة الإمام الرضا (عليه السلام)، ودعا الناس إلى نفسه. وفي هذه الحالة، قال له الإمام الثامن (عليه السلام) بصراحة:

"لا تغرّك أقوال جهلاء الكوفة الذين يقولون إن نار جهنم محرمة على أبناء فاطمة (عليها السلام). واعلم أنه لا يدخل الجنة أحد إلا بطاعة الله".

وقد أظهر هذا الموقف أن حتى الروابط العائلية مع أهل البي (ع) لا قيمة لها دون الالتزام بالولاية والطاعة الإلهية.

تحمل السيرة السياسية للإمام الرضا (ع) في هذه الحادثة عدة رسائل مهمة:

أولًا، لم يتسامح الإمام الرضا (ع) قط مع المصالح الظاهرية على حساب التغاضي عن الانحراف. ورغم أن زيدًا كان شقيق الإمام (ع) من ذوي القربى، إلا أن الإمام الثامن (ع)، بتوعية عامة، حوّل معيار الحق والباطل من "الروابط العائلية" إلى "الطاعة والالتزام الديني".

ثانيًا، منع الإمام الرضا (ع)، بهذا النهج، ظهور تيار منحرف في المجتمع الشيعي، تيار كان من شأنه أن يُفرّق الأمة ويُضعفها في مواجهة الخلافة العباسية.

ولهذا السلوك الاجتماعي والسياسي للإمام الرضا (عليه السلام) درسٌ مهمٌّ لنا اليوم. ففي زمنٍ يُعاني فيه أبناء وأقارب بعض الشخصيات الدينية أو السياسية أحيانًا من انحرافاتٍ فكرية وعملية، يجب على المجتمع أن يُدرك أن الأحقية والشرعية لا تعني "النسب" بل "العمل بالحق". فلا لقبٌ ولا منصبٌ ولا قرابةٌ تُغني عن معيار طاعة الله والسعي إلى طلب الحق.

وبهذا النهج، أرسى الإمام الرضا (عليه السلام) ثقافة "المسؤولية الفردية" في مواجهة "التبعية العائلية والطبقية".

هذا هو النموذج الذي تحتاجه الأمة الإسلامية دائمًا للحفاظ على سلامتها الفكرية والسياسية.

نموذجٌ لا يجب على المجتمع السكوت عليه أمام أي انحراف - حتى من أقرب القادة الدينيين والسياسيين - وأن يكون معياره القائم على محور " الحق" فقط.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة