سلام من الله عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله.
تحية مباركة طيبة نهديها لكم شاكرين في مستهل لقاء اليوم من هذا البرنامج العقائدي.
والسؤال الذي نتناوله في هذا اللقاء هو:
لماذا أمر الله تبارك وتعالى أنبياءه بالتبشير بالنبي الخاتم – صلى الله عليه وآله - ؟
نبحث معاً – أيها الأكارم – في نصوص الثقلين فتابعونا مشكورين.
نجد في القرآن الكريم عدة آيات تبين أن أحد أهداف الأمر الإلهي للأنبياء بالبشارة بسيد الأنبياء – صلى الله عليه وآله – هو إتمام الحجة على أتباعهم وخاصة الأجيال اللاحقة منهم بلزوم إتباع النبي الأكرم عندما يبعثه الله لكي يتبعوا رسالته الخاتمة التي هي أكمل الأديان الإلهية، وإلى هذا المعنى يشير إليه القرآن الكريم في آيات عدة منها الآية ۱٥۷ من سورة الأعراف حيث يقول عزوجل؛
"الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
ونلاحظ في هذه الآية إشارة إلى أن الأنبياء السابقين – عليهم السلام – قد أخبروا أممهم بصفات النبي الخاتم، وقد نقل القرآن الكريم على لسان عيسى – عليه السلام – التصريح باسمه الشريف – صلى الله عليه وآله – كما جاء في الآية السادسة من سورة الصف؛
وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ"
أيها الإخوة والأخوات، وقد أخبرنا ورثة الأنبياء من أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – ببعض ما ذكرته الكتب النبوية من صفات النبي الخاتم – صلى الله عليه وآله – منها ما وراه الشيخ الصدوق في كتاب (من لا يحضره الفقيه) عن مولانا الإمام باقر علوم النبيين – صلوات الله عليه – قال: "إن إسم النبي – عليه السلام – في صحف إبراهيم الماحي، وفي توراة موسى الحاد، وفي إنجيل عيسى أحمد، وفي الفرقان محمد".
قال الراوي: فما تأويل الماحي؟
أجاب – عليه السلام – قائلاً: "ماحي صورة الأصنام وماحي الأوثان والأزلام وكل معبود دون الرحمان".
فسئل: فما تأويل الحاد؟
قال الباقر – عليه السلام - : "يحاد – أي يعادي – من حاد الله ودينه قريباً كان أو بعيداً".
ثم سئل: فما تأويل أحمد؟
أجاب – عليه السلام - : [معناه] حسن ثناء الله عليه في الكتب [يعني السماوية] بما حمد من أفعاله.
ثم سئل – عليه السلام - : فما تأويل محمد؟
فقال – عليه السلام - : "إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه، وإن إسمه المكتوب على العرش محمد رسول الله".
مستمعينا الأفاضل، ونجد في القرآن الكريم الآية المعروفة بآية الميثاق التي تصرح بأن الله عزوجل قد أخذ من جميع أنبيائه ميثاقاً بالإيمان بالرسول الخاتم بل ونصرته، قال عزوجل في الآية ۸۱ من سورة آل عمران؛ "وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ"
وقد ذكر المفسرون أن من مصاديق نصرة الأنبياء السابقين لخاتمهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – هو البشارة به، قال العلامة الطبرسي في تفسير (مجمع البيان): (روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام وقتادة، أن الله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبينا – صلى الله عليه وآله – أن يخبروا أممهم بمبعثه ونعته – أي صفاته – ويبشروهم به ويأمروهم بتصديقه،.. وقال الصادق – عليه السلام – تقديره [يعني منطوق آية الميثاق] هو: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين بتصديق نبيها والعمل بما جاءهم به...".
ثم قال العلامة الطبرسي: (أو أن [المعنى هو] أن الميثاق أخذ على الأنبياء ليأخذوه على أممهم بتصديق محمد – صلى الله عليه وآله – إذا بعث ويأمروهم بنصره على أعدائه إن أدركوه وهذا هو المروي عن الإمام علي -عليه السلام-).
أعزاءنا الأطائب، إذن خلاصة ما نستفيده من النصوص الشريفة المتقدمة هو أن الله عزوجل أمر أنبياءه السابقين – عليهم السلام – بالبشارة بالنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – رحمة منه عزوجل باتباع الأنبياء السابقين لكي يعينهم على الإيمان بالنبي الخاتم ونصرته – صلى الله عليه وآله – وبالتالي الفوز بالبركات العظيمة لهذا الإيمان والنجاة من عواقب الإنكار.
وثمة معنى آخر لنصرة الأنبياء السابقين لخاتمهم المصطفى – صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين – تحدثت عنه أحاديث أهل بيت النبوة – عليهم السلام – يرتبط بالرجعة وعصر ظهور المهدي الموعود عجل الله فرجه.
وهذا ما نوكل الحديث عنه إلى حلقة مقبلة بإذن الله من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) تأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، نشكر لكم جميل المتابعة ودمتم بكل خير.