التحقيق جاء بعد 9 سنوات على استشهاد 3 أطفال وإصابة 2 بجروحٍ في قطاع غزة من جرّاء قصفٍ صاروخي إسرائيلي استهدفهم في 17 تموز/يوليو 2014.
وعصر ذلك اليوم، كان 5 أطفال من عائلة شحيبر يُقدّمون الطعام لطيور الحمام على سطح منزلهم في حي الصبرة شمالي غزّة عندما أصابهم صاروخ يُرجّح أنّه أطلق من مسيّرة إسرائيلية.
وفي ذلك الهجوم، استشهدت فلة البالغة (8 أعوام)، ووسيم (9 أعوام)، وجهاد (10 أعوام)، فيما أُصيب ابنا العم عُدي (16 عاماً)، وباسل (9 أعوام) ونُقلا إلى المستشفى في حالةٍ خطرة.
وجاء الاستهداف الإسرائيلي خلال إطلاق عملية "الجرف الصامد"، العدوان الإسرائيلي على غزة 2014، والتي استمرّت من 7 تموز/يوليو وحتى 26 آب/أغسطس 2014.
واستشهد في الحرب ضد غزّة نحو 2251 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين الفلسطينيين.
وأصيب منزل عائلة شحيبر خلال وقف لإطلاق النار في حي لم يسبق أن "استهدف بقصف" لأنّه لا يضمّ "أي هدفٍ عسكري" وفق ما قال محامي العائلة الفرنسي جوزيف برهام.
ووصف المحامي هذه الجريمة بأنّها جريمة حرب، رافضاً فرضية "الخطأ".
وعُثر في أنقاض المبنى على قطعة سوداء أسطوانية الشكل تحمل عبارة "أوروفاراد-باريس-فرنسا" التي مُحيت جزئياً.
وتفيد التحاليل أنّ الأمر يتعلّق بجهاز استشعار من صنع الشركة الفرنسية "أوروفاراد" التي اشترتها في العام 2015 شركة صناعة الأسلحة "إكسيليا تكنولوجيز" وبيعت بعد ذلك إلى شركة "رافاييل" الإسرائيلية.
وتُعتبر هذه القطعة "عتاد حرب" على ما جاء في وثائق اطلعت عليها وكالة "فرانس برس"، استخدمت في توجيه أجنحة الصواريخ المحشوة كريات فولاذ التي صمّمتها هذه الشركة.
وقف "الإفلات من العقاب"
ورفعت شكويان ضد "إكسيليا" في العامين 2016 و2017 وفتح بعد ذلك تحقيق قضائي في فرنسا مطلع 2018 بشبهة التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب من خلال هجوم مُتعمّد على مدنيين والقتل العمد وغير العمد.
ويرى المحامي برهام أنّه للمرّة الأولى تطرح أمام القضاء الفرنسي مسألة "توصيف ممارسات"، "الجيش" الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية و"مسؤولية" شركات صناعة الأسلحة.
وطالب المحامي بوقف "الإفلات من العقاب" الذي يستفيد منه تجار الأسلحة وتطبيق معاهدة الاتجار بالأسلحة التي تنصّ على منع الصادرات أو إعادة النظر بالتراخيص عندما يتعلق الأمر بدولٍ يُشتبه بارتكابها جرائم حرب.
ورأى المحامي أنّ "بائع الأسلحة مسؤول عن استخدامات هذه الأسلحة حين لا يمكن التغاضي عن إمكان ارتكاب جرائم حرب".
وقالت محامية "إكسيليا" فاليري مونوز-بونس، من جهتها "بعد 7 سنوات على مباشرة هذا الملف لم يصدر أيّ اتهام للشركة"، مشيرةً إلى أنّ التحقيق الأولي الذي "تعاونت معه الشركة بالكامل" حُفظ "لعدم توافر عناصر كافية بحصول مخالفة".
وفي تموز/يوليو الماضي، أتى عدي شحبير ووالداه وعمه وابن عمه باسل إلى فرنسا لتستمع إليهم القاضية المكلّفة بالتحقيق.
وقال عدي شحيبر: "عندما تبلّغت أنّ بإمكاننا المجيء إلى فرنسا لم أنم طوال الليل لأننّي كنت سعيداً جداً إذ سنتمكّن من المطالبة بحقنا".
وأضاف: "أصبت عندما كنت في السادسة عشرة وأبلغ اليوم الخامسة والعشرين لقد ذهبت كل هذه السنوات هدراً".
وروى باسل الذي أصيب إصابة بالغة في الجمجمة "طلبنا المجيء إلى فرنسا في إطار هذه القضية لأننا نريد حلاً وعلاجاً، ففي غزة نفتقر إلى كل شيء ولا يزال في جسمي شظايا من القذيفة".
ووصف باسل وعدي بالتفصيل لوكالة "فرانس برس" خلال لقاءٍ في باريس إصابتهما وما تركته من آثار جسدية ونفسية.
وفي وقتٍ سابق، أشار مركز فلسطين لدراسات الأسرى، إلى أنّ سلطات الاحتلال، اعتقلت ما يزيد عن 50 ألف طفل منذ العام 1967، وصعّدت من استهداف الأطفال بعد اندلاع هبّة القدس في تشرين الأول/أكتوبر عام 2015، حيث وصلت حالات الاعتقال بين الأطفال منذ ذلك الوقت إلى ما يزيد عن 10 آلاف طفل.