البث المباشر

صفي الدين الحلي

الأحد 3 مارس 2019 - 15:54 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 636

السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين من نوادر الصادقين ومن مشاهيرهم هو العالم والشاعر المناصر لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام هو "صفي الدين الحلي، صفي الدين في الواقع شهرته لكن اسمه عبد العزيز بن نجم الدين، نجم الدين ابو صفي الدين تلميذ للمحقق الحلي وهو ايضاً شاعر وله ديوان، شاعر كبير لكن كلامنا في هذه الدقائق عن صفي الدين الحلي شاعر الحلة الفيحاء، مدينة الحلة، مدينة بابل او الحلة هي مدينة معروفة وهي عراقة التشيع والعلم والفكر الناضج وربما مئات السنين كانت تشد اليها الرحال من كل زوايا العالم لأنها كانت تعج بحلقات الدرس، نوادي الفكر والقلم وفيها مشاهد لأعاظم علماء الامامية مثل بن طاووس وابن نما و...الخ الحلة ليست ببعيدة بأن تنتج وتعطي امثال صفي الدين الحلي، في كتاب امل الامل يقول صفي الدين الحلي كان عالماً فاضلاً منشأً ادبياً وهو من تلامذة نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي وكان استاذاً للشعراء ومن المعجبين بشعره المرحوم البطل السيد سعيد الحبوبي كان يفضله على الكثير من الشعراء. صفي الدين الحلي نشأ من طفولته مؤهلاً ويحمل نبوغات فهو من ايام طفولته درس العلم، العلوم الاسلامية، لغة، تفسير، فلسفة، حديث، فقه واصبح نابغة من نوابغ الزمن بعد ذلك تعرضت مدينة الحلة الى اضطرابات والى فتن طائفية فأضطر رحمه الله ان يسافر الى منطقة تسمى ماردين، ذلك اليوم ماردين كان يحكمها شبه الممالك او الملوك او طوائف الارتقيون، هؤلاء كانوا موالين لأهل البيت فلما علموا ان هذا العنصر من العناصر الموالية لأهل البيت احسنوا به الحفاوة فبقي عنهم هناك فكان ينظم شعره وقصائده وكان يردد لما يسألوه لماذا اخترت هذه المنطقة كان يقول:

وكم قصدت بلاداً كي امر بكم

 

وانتم القصد لامصر ولا حلب


يخاطب الارتقيين الذي كان هو ضيف عليهم ولكن على اي حال كان يظهر حنينه واشتياقه الى العراق فكان يردد قوله:

فارقت زوراء العراق وان

 

لي قلباً اقام بربعة المألوف


ومرة كتب رسالة الى احد زملاءه او اترابه في الحلة يقول له من جملة قصيدة مطولة، من جملتها هذا البيت:

احبائي في الفيحاء ان طال بعدكم

 

فأنكم من قلبي كسحري من نحري


طيب لنأخذ بعض اللقطات التي تكشف مدى تعلقه بأهل البيت، من المحطات المهمة في حياته دفاعه عن اهل البيت، مثلاً هناك رجل اسمه عبد الله بن المعتز واخوه علي بن المعتز كانا في شعرهما يسيئان الادب بحق العلويين او بحق آل الرسول فهذا عبد الله بن المعتز كان يردد ويتفاخر على اهل البيت بأعتباره من العباسيين:

ونحن ورثنا ثياب النبي

 

فكم تجذبون بأهدابها

 

لكم رحم يابني بنته

 

ولكن بنو العم اولى بها


فتأثر صفي الدين الحلي وثار منتفضاً عليه ورد عليه بحماس بقصيدة رائعة يرويها السيد بحر العلوم في كتابه "تحفة العالم في شرح خطبة المعالم"، من جملة ابيات صفي الدين الحلي يرد على تخرصات عبد الله بن المعتز العباسي يقول:

الا قل لشر عبيد الاله

 

وطاغي قريش وكذابها

 

ءأنت تفاخر آل النبي

 

وتجحدها فضل احسابها

 

بكم باهل المصطفى ام

 

بهم فرد العتد بأوصابها

 

فذا السكر واللهو من دأبكم

 

وفرط العبادة من دأبها


يعني نفس المعنى الذي ابو فراس الحمداني يخاطب به العباسيين ويقارن بينهم وبين اهل البيت يقول للعباسيين: تتلى التلاوة في ابياتهم، يعني بيوت اهل البيت

تتلى التلاوة في ابياتهم سحراً

 

وفي بيوتكم الاوتار والنغم


هذا صفي الدين الحلي يقول ايضاً، يقول:

فذا اللهو والسكر من دأبكم

 

وفرط العبادة من دأبها

 

وقلت ورثنا ثياب النبي

 

فكم تجذبون بأهدابها

 

وعندك لاتورث الانبياء

 

فكيف حظيتم بأثوابها

 

بنو البنت ايضاً بنو عمه

 

وذلك ادنى لأنسابها


على اي حال اقرأ بيتين اخرين لهذا الرجل يخاطب اهل البيت وهي مقطوعة جميلة من مقاطع شعره:

ياعترة المختار يامن بهم

 

ارجو نجاتي من عذاب اليم

 

حديث حبي لكم سائر

 

وسر ودي فيكم مقيم

 

قد فزت كل الفوز اذ لم

 

يزل صراط حبي بكم مستقيم

 

ومن اتى الله بعرفانكم

 

فقد اتى الله بقلب سليم

 

لافظ فوه على هذه الروائع الجميلة


ومن اشهر ما نظم صفي الدين الحلي في الامام علي بن ابي طالب سلام الله عليه ابياته المشهورة، يتناولها الخطباء والادباء يخاطب الامام امير المؤمنين:

جمعت في صفاتك الاضداد

 

فلهذا عزت لك الانداد

 

زاهد حاكم حليم شجاع

 

ناسك فاتك فقير جواد

 

شيم ماجمعن في بشر قط

 

ولا حاز مثلهن العباد

 

خلق يخجل النسيم من اللطف

 

وبأس يذوب منه الجماد

 

ظهرت منك للورى معجزات

 

فأقرت بفضلك الحساد

 

انت ند النبي والصهر وابن العم

 

والصنو والاخ المستجاد

 

لو رأى مثلك النبي لأخاه

 

والا لأخطأ الانتقاد


طبعاً اشير الى هذه الملاحظة المهمة انه غالباً شعراء لهم هذه المواقف الجهادية في نصرة اهل البيت، هؤلاء تعرضوا الى تشكيك، الى طعون لماذا؟ لأرباك تاريخهم وهذا جزء من الحرب التي تشن على اهل البيت ومن يناصر اهل البيت فطعنوا بشخصية صفي الدين الحلي وقالوا بأن لديه شعر خليط لايقبله العقل وهو كان مثلاً مع خصوم اهل البيت، الله يرحم السيد محسن الامين العاملي في كتابه اعيان الشيعة دافع عنه دفاعاً جميلاً وهكذا المرحوم الاميني وفند هذه الادعاءات وقال انها من ردة فعل الخصوم والحساد. تقول الروايات ان صفي الدين الحلي بلغ الخمسين من عمره حج بيت الله وزار مشهد الرسول ونظم هناك مخاطباً النبي صلى الله عليه واله:

محمد خير المرسلين بأسرها

 

واولها في الفضل وهو اخيرها

 

عليك سلام الله ياخير شافع

 

اذ النار ضم الكافرين حصيرها

 

تشرفت الاقدام لما تتابعت

 

اليك خطاها واستمر مريرها


ونحن نمر بالكثير من اعاظم الخطباء لما يذهبون الى الحج يكملون الحج بزيارة قبر الرسول والسلام عليه ومديحه. هذا العالم الكبير والشاعر توفي رحمة الله عليه ببغداد عام 750 هجرية ودفن هناك وله مكان يزار، اسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة