بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين ومن الصادقين بمعنى من المعاني هو مالك بن دينار البصري رحمه الله، طبعاً هذا احد غلمان الامام الصادق(ع)سلام الله عليه، مالك بن دينار، دينار اسم عملة لكن يسمون دينار قديماً، مالك بن دينار من اهل البصرة، لم نجد تاريخاً لولادته، هذا الرجل عاش حياة ذات وجهين سبحان الله، الحديث الشريف عندنا " انما الاعمال بخواتيمها والاعمار بخواتيمها " لذلك لما يقول صحابي صحابي، صحابي على الرأس لكن اخر ساعة اخر يوم من حياته كيف كان رأيه، كيف كان تفكيره، كيف كلامه، ماهي مبادئه؟ لماذا؟ لأن هناك ناس بدأوا احياء وتحولوا الى اموات واناس بالعكس اموات تحولوا الى احياء، يعني ميت القرآن يسمي الكافر ميت ويسمي المؤمن حي وبالوسط مريض، من المريض؟ المنافق. فأذن هذا الانسان عرضة للموجات تلعب به، نسأل الله ان تكون خواتيم اعمالنا واعمارنا الى خير، بودي في هذا اللقاء بالذات ان المستمعين والمستمعات يصغون بدقة، مالك بن دينار رجل منحرف في البصرة، منهمكاً في المعاصي واحسن شيء لماذا اتكلم انا لنرى ماذا يقول هو، اتظر يقول مالك بن دينار: كنت غاصاً بالمعاصي ومعاقراً للخمرة وذات يوم اشتريت جارية بقيت عندي ورزقت منها طفلة فأخذت تدرج وازداد تعلقي بها بحيث لااقوى على فراقها لحظة واحدة وكنت يوماً بعد يوم ازداد غرقاً في محبتها فلاأنس الا معها ولاتأنس الا معي - طبعاً بين قوسين حب البنت عبادة، نوع من انواع العبادة، حب الولد لكن البنت بالذات، النبي يعبر عنها يقول الولد نعمة والبنت رحمة- يقول مالك بن دينار والكلام له يقول: ما كنت استأنس الا وهي على صدري ففي يوم كنت اصب الخمر وهي كان احياناً تمسك بثوبي فيراق الخمر على ثيابي، يقول مالك بن دينار: بعدما صار عمرها سنتين مرضت وماتت فتأثرت كثيراً بحيث لاتمر علي ليلة وانام وانا منتحب، يقول مالك بن دينار: ليلة من الليالي وكانت ليلة النصف من شعبان –انظر هذه ليلة النصف من شعبان ليلة من ليالي الجنة- وكانت ايضاً ليلة جمعة يعني كما نقول فضائل مزدوجة، يقول: في ليلة النصف من شعبان وهي ليلة الجمعة وانا جئت سكراناً ثملاً ونمت واذا في المنام رأيت كأني في القيامة والقيامة قامت والناس حشروا للحساب، فزع، خوف، عطش، جوع، اضطراب يقول مالك بن دينار في المنام لااعرف ماذا اصنع ومتحير واذا اسمع صراخاً من خلفي فلما ملت بوجهي الى الوراء واذا افاعي سوداء - " نستجير بالله " – فتحت افواهها تطاردني فأخذت اركض هائماً ولذت برجل ذو ثياب بيض ولكنه كان هادئاً فقلت له انقذني قال لي ويحك انا متحير بنفسي قال اذهب قلت الى اين قال اذهب الى هذا المرتفع فأن فيه ودائع المسلمين ولعل لك وديعة هناك، يقول مالك ركضت وتسلقت المرتفع والافاعي ورائي تركض فرأيت في اعلى المرتفع حجاب ساتر فسمعت احداً يصيح ارفعوا الحجاب فرفع واذا بحديقة جميلة، روضة غناء فرأيت اطفال صغار، كل طفل وجهه كأنه البدر ليلة تمامه، في هذه الاثناء كادت الافاعي تصل الى بدني واذا طفلة صرخت بتلك الافاعي فهربت الافاعي التفت الى الطفلة واذا هذه ابنتي والافاعي هربت من نهيها فأعتنقتها باكياً، وضعتها في حجري فهدأت واذا ابنتي تقرأ هذه الاية، صاحت ياابه " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ " يقول مالك بكيت بشدة ثم قلت لها بني انت متى تعلمت القرآن؟ ما شاء الله تحفظين القرآن، انا لم اعلمك القرآن؟ فقالت ياابه هذا خير لنا من الدنيا ومافيها، نحن هنا في روضة، في مكان طيب يعلمونا القرآن، يعلمونا معاني القرآن، قلت لها بني ماهذه الافاعي تركض ورائي؟ فقالت ابه انا آسفة ان اقول لك هذا، هذه معاصيك في الدنيا، هذه ذنوبك في الدنيا تطاردك وتلاحقك، فسألتها بني ماذا تفعلين هنا؟ فقالت ياابه نحن اطفال امة محمد اودعنا هنا ننتظر آباءنا لنشفع لهم في هذا اليوم، نطلب من الله ان يعفو عنهم، يقول مالك بن دينار: استيقظت من النوم وزوجتي تقول لي انت مجنون، مريض؟ لا مجنون ولامريض ثم ذكرت لها هذه الرؤيا ومن ذلك اليوم يوم الخامس من شعبان صبحاً تبت الى الله وغيرت سكني، ملابسي وتطهرت وانفقت ماعندي لأبدأ حياتي برزق جديد وطاهر، بعد ذلك يقول: كأن الله عزوجل لما انفتحت على الله فتوجه لي الله واذا اني عرفت ان الامام الصادق(ع)يبحث عن غلمان فتقدمت ووهبت نفسي واصبحت غلاماً عند الامام الصادق، هنا نحن نهنئه، هذا يستحق التهنئة، هذا يجب ان نتمنى يوم من حياته، نكون في خدمة الامام الصادق، اصبح غلاماً وفياً للامام الصادق. تقول السير اصبح مالك بن دينار منعزلاً لايصفو له العيش الا مع الزاهدين وفي اواخر ايام حياته شاهد عابداً فقال له اوصني فقال له اوصيك بشيء ان استطعت ان يكون بينك وبين اهل الدنيا حجاب فأفعل فقال مالك زدني، قال اقطع طمعك من المخلوقين تسكن ملكوت السماء وهذا حاصل طبيعي، الانسان لما يبتعد عن الدنيا وطاعة الهوى ولوث الدنيا تتهذب نفسه وتتطهر، يرقى رويداً رويداً حتى يصبح افضل من الملك. مالك بن دينار عاش بعد الامام الصادق(ع)فترة طويلة وكان زميله ابراهيم بن ادهم، هذا ايضاً كان من غلمان الامام الصادق، صار مالك بن دينار تزوره الناس وتتشفع به وتسأله مسائل لأنه عاش مع الامام الصادق(ع) وكان هو يقول احياناً انا اين كنت واين صرت، كنت على حافة النار واذا انا الان في قلب الجنة، نحن نقرأ في القرآن " إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى " هذا بسبب هذه الرؤيا وابنته التي يحبها رآها في المنام اين كانت فخلصته واصبح بعد ذلك مثلاً يقتدى ويحتذى به. توفي في البصرة ودفن مالك بن دينار سنة 121 دفن الى جانب الحسن البصري، اسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******