فجأةً يبدو أن كل ما حققته إسرائيل في العالم العربي في السنوات الأخيرة أصبح موضع تساؤل، إذ بدأت الدول العربية، بما في ذلك دول 'اتفاقيات إبراهيم' بقيادة الإمارات العربية المتحدة، عمليةً متسارعةً للتقارب مع إيران".
كان لإعلان البرلماني الإيراني (فداحسين مالكي) وجود ترتيبات لعقد لقاء بين زعيمي مصر وايران، فور الانتهاء من إعادة فتح السفارات في القاهرة وطهران أصداء واسعة في الصحافة "الإسرائيلية".
صحيفة "معاريف" الإسرائيلية ذكرت أن مسألة عودة العلاقات يتعلق بكون مصر لها "دور تاريخي وثقافي" في المنطقة والعالم، واستشهدت بتصريحات عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، فدا حسين مالكي، عن وجود خطط لإعادة العلاقات بين طهران والقاهرة، وعن أن هناك مفاوضات تجري بوساطة عراقية من أجل إعادة فتح السفارات، وذكرت بأن كانون الأول/ ديسمبر الماضي شهد إجراء محادثات إيجابية بين وزير الخارجية الإيراني والرئيس المصري في قمة حول العراق سادتها الإيجابية، ثم جولتين من المحادثات منخفضة المستوى شهرَي آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين بين القاهرة وطهران.
أما "جيروساليم بوست"، فخمنت أن المحادثات دارت حول أماكن النفوذ الإيراني مثل اليمن وسوريا ولبنان لحل بعض القضايا الخلافية بين طهران والقاهرة، مثل "دعم الجماعات المسلحة".
حلل موقع "هامحداش"، أن القاهرة تتعرض لضغوط اقتصادية قد تدفعها للتفكير في التقارب من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية واستثمارية، لكن الموقع يرى أيضاً أن هذا قد يسبب مشكلات للجانب المصري، ويخلص في تقريره المنشور بعنوان "إيران تضغط من أجل استئناف العلاقات مع مصر"، إلى أن مصر من المحتمل ألا تنجذب إلى هذا التطبيع في ظل ممارسة واشنطن وتل أبيب ضغوطاً على القاهرة، خاصةً أن ممثلي إسرائيل وصلوا سرّاً إلى مصر لتوضيح الموقف الإسرائيلي في رفضهم لمسألة تجديد العلاقات بين الجانبين المصري والإيراني.
من جهته، يشير موقع "نتسيف"، إلى أن من ضمن المكاسب المصرية جذب مزيد من السياح الإيرانيين إلى جنوب سيناء، ودلّل على ذلك بالقرار المصري بمنح السياح الإيرانيين تأشيرة دخول بكل سهولة حال وصولهم في مجموعات تابعة لشركات سياحة، واعتبر موقع "ماكور ريشون" أن هذه الخطوة تأتي في ظل محاولات التقارب المصري الإيراني.
"جيروزاليم بوست" وصفت التحركات بـ"البطيئة لكنها في الوقت نفسه تشير إلى حقبة دبلوماسية جديدة في المنطقة".
"هآرتس" كتبت عن وجهة النظر الداعمة للقلق الإسرائيلي من هذا التقارب، في مقالة بعنوان "الاتفاق بين السعودية وإيران يرسم خريطةً جديدةً في الشرق الأوسط"، لتسفي برئيل، وفيه كتب "أن التوغل والتقارب الإيرانيين من دول المنطقة يفوّتان الحلم الإسرائيلي بتكوين محور وتحالف عربي ضد إيران"، ويختم: "ثمة خريطة تحالفات جديدة في الشرق الأوسط ستكون إيران لاعباً مهماً فيها"، مُرجعاً بعض أسباب هذا التوغل إلى ضعف الدور الأمريكي في الفترات الماضية، وبروز الصين كلاعب مهم في المنطقة لتشكيل تلك التحالفات.
أما التحليل الأكثر تأصيلًا فكان لـ "معهد دراسات الأمن القومي" "الإسرائيلي" في دراسةً بعنوان "نهاية عصر الاضطرابات: الانفراج الإقليمي وانعكاساته"، في الرابع من أيار/ مايو الجاري، تحدثت عن اختلاف السياسة المتّبعة حالياً في دول الشرق الأوسط، حيث تختار الدول الحوار كوسيلة لتعزيز الأهداف الوطنية، وكذلك تخفيف التوترات واستخدام الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية وتفضيلها على الصراع والمواجهات المسلحة، وتقول الدراسة: "يجب التأكيد على أن عملية 'التسامح' الإقليمية ليست عملية مصالحة عميقة على أساس أيديولوجي أو ديني، على سبيل المثال بين السنّة والشيعة، بل هي نوع من الانفراج الناجم عن المصالح الباردة وحسابات التكلفة والعائد، وقبل كل شيء، الحاجة الماسة للدول المشاركة فيها إلى تحسين وضعها الإستراتيجي".
مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير