وحسب دراسة نشرت نتائجها جريدة «دايلي ميل» البريطانية، فقد كشف الباحثون أن اللحوم المزروعة في المختبر، والتي يتم إنتاجها عن طريق زراعة الخلايا الحيوانية، أسوأ بما يصل إلى 25 مرة بالنسبة للمناخ من اللحم البقري الحقيقي.
وقال الباحثون إن إنتاج اللحوم الحقيقية له بصمة كربونية ضخمة لأنها تتطلب الماء والأعلاف وإزالة الأشجار لإفساح المجال للماشية، ولكن على الرغم من ذلك يقول الخبراء إن البصمة الكربونية للحوم المزروعة في المختبر يمكن أن تكون «أعلى من حيث الحجم» بمجرد نمو الصناعة.
وعلى الرغم من أن اللحوم المزروعة في المختبر لم تصل إلى المتاجر بعد، إلا أن العلماء البريطانيين هم من بين أولئك الذين يزرعون منتجات اللحوم في المختبر بهدف تسويقها.
وقاد البحث الجديد علماء في قسم علوم وتكنولوجيا الأغذية بجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، حسب ما نقلت «دايلي ميل».
ويقول العلماء في ورقتهم البحثية: «حالياً، يتم إنتاج منتجات اللحوم القائمة على الخلايا الحيوانية على نطاق صغير وبخسارة اقتصادية، لكن الشركات تنوي التصنيع وتوسيع نطاق الإنتاج».
وتشير النتائج إلى أن التأثير البيئي لإنتاج اللحوم القائمة على الخلايا الحيوانية على المدى القريب من المرجح أن يكون أعلى بكثير من متوسط إنتاج لحوم البقر.
وأكدت مؤسسة «Good Food Institute» وهي منظمة غير ربحية تروج للبدائل المستندة إلى النباتات والخلايا للمنتجات الحيوانية، أن الدراسة لم تخضع بعد لعملية مراجعة كاملة من قبل الأقران «لذا فإن افتراضاتها واستنتاجاتها عرضة للتغيير».
وقال متحدث باسم المؤسسة إن «العديد من الافتراضات الرئيسية في دراسة جامعة كاليفورنيا في ديفيس لا تتماشى مع الممارسات الحالية أو المتوقعة لتحديد مصادر وتنقية مكونات وسائط ثقافة الخلية».
وتختلف اللحوم المزروعة في المعامل عن «اللحوم» النباتية، وهي ليست لحوماً على الإطلاق ولكنها تستخدم مكونات نباتية مثل البروتين النباتي لتكرار مظهر وطعم اللحوم الحقيقية.
ويُنظر إلى اللحوم المزروعة في المختبر أو «المستنبتة» عموماً على أنها أكثر أخلاقية من اللحوم الحقيقية لأنها تتطلب عينة من أنسجة الجسم بدلاً من موت الحيوان، على الرغم من أن العديد من النباتيين لن يلمسوها لأنها مصنوعة من الحيوانات.
ويمكن إجراء العملية باستخدام أنواع متعددة من الخلايا الحيوانية لإنشاء تقريب للشيء الحقيقي، سواء كان دجاجاً أو لحم خنزير أو لحما بقريا.
وبأخذ لحوم البقر كمثال، يستخدم العلماء الخلايا الجذعية للبقرة، اللبنات الأساسية للعضلات والأعضاء الأخرى، لبدء عملية إنتاج اللحوم المستنبتة.
وتوضع الخلايا في أطباق «بتري» مع «وسط نمو» يشتمل على عناصر غذائية مثل الأحماض الأمينية والكلوكوز والفيتامينات والأملاح غير العضوية.
ويستكمل هذا بعوامل النمو والبروتينات الأخرى لمساعدة خلايا العضلات على التكاثر والنمو. ويُسمح لها بالتكاثر تماماً كما يحدث داخل الحيوان، حتى يكون هناك تريليونات من الخلايا من عينة صغيرة.
وتشكل هذه الخلايا فيما بعد خلايا عضلية، والتي تندمج بشكل طبيعي لتكوين ألياف عضلية بدائية وأنسجة صالحة للأكل يمكن تعبئتها وشحنها وبيعها.
ويعتقد الخبراء أن اللحوم المزروعة في المختبر ستصبح أكثر انتشاراً في كل مكان في السنوات العشر المقبلة، حيث ستتحول من مفهوم متخصص إلى عنصر أساسي في الثلاجة. ولكن لكي يحدث هذا، يجب توسيع نطاق أساليب الإنتاج من مجرد أطباق «بتري» إلى وحدات صناعية ضخمة كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وفي الدراسة، قدر العلماء الطاقة المطلوبة لمراحل إنتاج اللحوم المزروعة في المختبر، من المكونات التي تشكل وسط النمو والطاقة اللازمة لتشغيل المعامل وقارنوا ذلك مع لحوم البقر. وركزوا بشكل كبير على كمية مكونات وسط النمو، بما في ذلك الكلوكوز والأحماض الأمينية والفيتامينات وعوامل النمو والأملاح والمعادن.
ووجدوا أن إمكانات الاحترار العالمي للحوم المزروعة في المختبر تتراوح من 246 إلى 1508 كغم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام من اللحوم المزروعة في المختبر، وهو ما يزيد بمقدار أربع إلى 25 مرة عن متوسط احتمالية الاحترار العالمي للحوم البقر بالتجزئة.
ووفقاً للخبراء، لا يتغير هذا اعتماداً على خلايا الحيوان التي يتم زراعتها واللحوم التي يتم تكوينها، سواء كانت لحوم البقر أو الدجاج أو الضأن. لكن الفريق يقول إنهم لم يأخذوا في الاعتبار التأثير البيئي لتوسيع نطاق مرافق إنتاج اللحوم القائمة على الخلايا الحيوانية، والتي يمكن أن ترفع بصمة الصناعة إلى أعلى.
وخلص الفريق إلى أنَّ الأثر البيئي للتقنيات الناشئة مثل اللحوم المستزرعة هو مفهوم جديد ولكنه «مهم للغاية».
ويقولون: «تشير نتائجنا إلى أن اللحوم القائمة على الخلايا الحيوانية من المرجح أن تكون أكثر كثافة للموارد من معظم أنظمة إنتاج اللحوم وفقاً لهذا التحليل».
ويقول تقرير «دايلي ميل» إن أصول اللحوم المزروعة في المختبر تعود إلى عقد مضى، لكن الصناعة لا تزال حديثة العهد، وسنغافورة هي الدولة الوحيدة في العالم التي وافقت على بيع اللحوم حتى الآن.
وتم تقديم الدجاج المزروع في المعامل من إنتاج شركة «Eat Just» الأمريكية لأول مرة في مطعم سنغافورة في عام 2020 ووُصف بأن طعمه «تماماً مثل نظيره في المزارع».
وفي وقت سابق من هذا العام في الولايات المتحدة، أعلنت إدارة الغذاء والدواء أن اللحوم المستنبتة آمنة للاستهلاك البشري، ما يمهد الطريق لبيعها في الولايات المتحدة، ولكن في بريطانيا لم تفعل وكالة معايير الغذاء الشيء نفسه حتى الآن.
ونمت الصناعة منذ ذلك الحين إلى أكثر من 150 شركة اعتباراً من أواخر عام 2022 مدعومة باستثمارات تبلغ 2.6 مليار دولار، حسب البيانات التي نشرها معهد «غود فود».
وكان البروفيسور مارك بوست في جامعة ماستريخت في هولندا أول شخص قدم إثباتاً لمفهوم اللحوم المزروعة في المختبر، في عام 2013. وهو يعتقد أنه سيحظى بشعبية كبيرة بين نشطاء رعاية الحيوانات ومحبي البرغر على حد سواء.
وقال البروفيسور بوست في وقت سابق: «تعد التقنيات الجديدة مثل تلك التي تم تطويرها في الزراعة الخلوية جزءاً من الحل، بجانب تقليل هدر الطعام وتغيير سلوك المستهلك».