البث المباشر

السيد محمد الطباطبائي

الإثنين 25 فبراير 2019 - 09:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 509

من مصاديق الصادقين المخلصين بتضحياتهم ومواقفهم هو القطب المعظم الحاج السيد محمد الطباطبائي المجاهد طاب ثراه وهذا الرقم المبارك هو في الواقع اسم على مسمى حياته كلها جهاد بعد جهاد بأنواع شتى طبعاً السيد محمد المجاهد هو من مواليد مدينة كربلاء المقدسة في العراق عام 1180 هجرية وولد وسط عائلة علمائية معروفة بتاريخها واصالتها وعطائها وطبعاً ابوه المرحوم السيد علي الطباطبائي المجاهد كما وصفه صاحب رياض العلماء انه وحيد عصره وفريد دهره اما جده لأمه، امه ابنة ذلك العالم النحرير المعروف بالوحيد البهبهاني الذي هو من اشهر علماء القرن الثاني عشر للهجرة فهو من كلا الطرفين من اسرتين علمائيتين بهذه الضخامة.
المرحوم السيد محمد المجاهد قرأ مبادئ العلوم مبدئياً في كربلاء وارتقى امره وتطور وصار من تلامذة السيد بحر العلوم اعلا الله مقامه والشيخ جعفر كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجناجي لكن لما الف هذا الكتاب الفقهي المعظم المهم سماه كشف الغطاء اصبح يعرف بالشيخ جعفر كاشف الغطاء والا هذه الاسرة كانت معروفة بالجناجي كذلك السيد محمد المجاهد معروفين بالطباطبائي لكن هذا الرجل حياته جهاد في جهاد وسفر وحركة سمي بالمجاهد فهو هذا ابوه وهذا ابو امه اما زوجته فهي بنت المرحوم السيد بحر العلوم رضوان الله عليه فصار له في كربلاء شأن كبير وجاه عظيم يعني شخصية شاخصة بالدرجة الاولى.
هاجر من كربلاء الى ايران لما هجم الوهابيون والنواصب والتكفيريون واستباحوا دماء المسلمين واستباحوا الامكنة المقدسة والحسينيات والمكتبات، نهبوا الحرم ودمروا ضريح الحسين، احرقوا الحرم بالكامل، هدموا جزء من البناء الشريف، قتلوا الالاف من العلماء ومن الشعراء ومن شخصيات البلد وكان هؤلاء مجرمين وجهال يقتفون اثار الشخصيات للقضاء عليها قلت قتلوا الالاف من رموز البلد وشخصيات البلد فلجأ المرحوم السيد محمد المجاهد الى ايران وطلع متنكراً على هيئة مزارع ووصل الى مدينة كرمانشاه وبقي هناك فترة ثم انتقل الى اصفهان وفي الواقع بوجوده تألق وضع الحوزة العلمية ورونقها اتسع في اصفهان، كان يدرس التلاميذ ويعمل على تربيتهم ثم اندلعت الحرب بين روسية القيصرية وايران وعجت ايران بالفتن وبعد ما احتل الروس قسم كبير من ايران انذاك كان للمرحوم السيد محمد المجاهد والشيخ جعفر كاشف الغطاء دورهما في مواجهة ذلك الاحتلال والتجاوز، وقفوا موقف شديد في بياناتهم وفتاواهم ضد الاعتداء الروسي على ايران ودعوا الى انسحابه ودفعوا بالناس الى مواجهة ذلك هذا كله كان له ذلك الدور الحساس.
بعد وفاة والده السيد علي المجاهد الطباطبائي عام 1231 هجرية عاد السيد محمد المجاهد الى مدينة كربلاء المقدسة وبعد فترة انتقل الى مدينة الكاظمية ليستقر بجوار الجوادين صلوات الله وسلامه عليهما لكن خلال وجوده في بغداد يعني في الكاظمية كانت تدور مراسلات بينه وبين الشاه القاجاري فتح علي شاه، كان الشاه يحترمه وكان يملي عليه يعني يكتب له بعض التعليمات واخيراً تأزمت الامور في ايران طلب فتح علي شاه من السيد ان يتخذ موقفاً او يتحرك فتحرك السيد محمد المجاهد الى ايران ومعه اكثر من خمسين من العلماء لنصرة المقاتلين المسلمين الذين يناضلون المحتلين الروس فصار له في ايران دور بارز حتى ان المندوب الروسي كان يحاول بكل جهده ان يلتقي السيد محمد المجاهد لكن السيد المجاهد رفض رفضاً قاطعاً وقال كلمته انا لن اجالس ولااحادث ولااواجه محتلاً لبلادنا يعني بلادنا هو عراقي لكن بلاد المسلمين مقصوده لأن علماء الامامية لايتكلمون من افق عنصري او افق روتيني ضيق وانما لغتهم ولهجتهم ورسالتهم كل بلاد الاسلام وبلاد المسلمين وكانت هذه رسالتهم وهذه القضية الفلسطينية لو كانت كما ارادها الشيخ كاشف الغطاء والمرحوم الزنجاني والامام الخميني رضوان الله عليه ان تكون قضية اسلامية لكن العملاء من الساسة العرب حوروها وجعلوها في بوتقة العنصرية والقومية العربية فكان هذا المآل ذل الى ذل وهزيمة بعد هزيمة وخزي بعد خزي وما تراه الان.
في الواقع اضطرت بعد ما تدخل السيد محمد المجاهد وكان هو بالخط الاول، انسحب الروس الى الحدود المعلنة من قبل وبعد ذلك صار فخراً كبيراً للسيد في ايران "اقاي مجاهد" ، دوره جهادي طويل ولما يقال او يوصف بالمجاهد فهو اسم على مسمى كما اشرت.
اما على الصعيد العلمي وتريية التلاميذ، ترك عدداً مهماً من تلاميذه الذين هم اصبحوا بعد ذلك من اعاظم الفقهاء، خذ على ذلك مثلاً واحد الملا محمد صالح البراغاني وهو من الشهداء ايضاً والملا محمد النوري وغيرهم واسمائهم منصوصة في بعض الكتب.
اما على مستوى التأليف والاثار فله كتب متعددة منها المناهل في فقه آل الرسول وكتاب الاصلاح وكتاب جامع المسائل في حل بعض المعضلات الفقهية ورسالة خاصة بالجهاد اسماها مشكاة الجهاد.
الغريب ان هذا العالم الجليل والسيد هبة الدين الشهرستاني اقترح بعض النواب في العهد الملكي بالذات ان يسمى شارعان في بغداد واحد بأسم السيد هبة الدين الشهرستاني وواحد بأسم السيد محمد المجاهد وكما انه اقترح بالمنتفج ان يسمى شارع بأسم السيد عبد المهدي المنتفجي وساحة بأسم السيد محمد سعيد الحبوبي الا ان النزعة العنصرية كانت وراء تجميد هذه الاقتراحات وطبعاً ليست نزعة عنصرية فقط وانما حقد طائفي، على اي حال فالسيد محمد المجاهد هذه حياته وهذا جهاده وهذا موقعه العلمي وهذا عطاءه على صعيد تربية التلاميذ وتأليف الكتب.
توفي رحمه الله السيد محمد المجاهد عام 1242 في شهر جمادى الاولى وكان في طريقه من ايران الى العراق، كان حزيناً متأثراً لما عاناه المسلمون في ايران من الاحتلال الروسي من جانب والقاجاريين من جانب اخر وفي مدينة قزوين اصيب بوعكة شديدة الزمته الفراش وبعد اسبوعين ارتحل الى ربه فحسب وصيته نقل الى مدينة كربلاء مسقط رأسه وشيع تشيعاً مهيباً ووري الثرى بجوار سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة