وهذا عمل لا ينفع هولاء في الدنيا ولا في الآخرة، إذ ليست التلاوة بحد ذاتها هدفاً ولا إتمام الختمة القرآنية لوحده قراءةً باللسان فقط مجدية، إن لم يكن معها تدبّرٌ وتفكّرٌ، وتجسيدٌ وتطبيق.
لنأخذ مثلاً:
في الرواية: عن إسحاق بن غالب قال: قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): يا إسحاق! كم ترى أهل هذه الآية: {وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَ إِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ} «58/التوبة». قال: ثم قال: هم أكثر من ثلثي الناس).الكافي/ الكليني/ ج ٢/ص ٤١٢ .
وفي روايةٍ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ في الصحيحين : قال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (ص) وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إذ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، اعْدِلْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ص: وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ. فَقَالَ (صحابي) : يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ص: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ].
الصحيحان في اصطلاح علماء الأحاديث هما «صحيح البخاري» الذي جمعه محمد بن إسماعيل البخاري (المتوفى: 256 هـ)، و«صحيح مسلم» الذي جمعه مسلم بن الحجاج النيسابوري (المتوفى: 261 هـ) ولا ندعي أن كل ما يحتويان صحيح.
استوقفتني عبارة [ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ] وأفزعتني، نعوذ بالله أن نكون ممن يقرأون القرآن بصوت جميل وترانيم لطيفة بيد أنه لايجاوز تراقيهم، لأنهم لا يعملون بأوامره ونواهيه.
اللهم وفّقنا لخدمة كتابك وتطبيق مضامينه السامية،بإخلاص،قولاً و أخلاقاً وعملاً.إذ؛{إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ "يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ" أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [۹-الإسراء].
د. رعد جبارة الأمين العام للمجمع الدولي للقرآن