البث المباشر

هل نكون من الشاكرين لله؟!

السبت 17 ديسمبر 2022 - 18:20 بتوقيت طهران
هل نكون من الشاكرين لله؟!

يقول الإمام زين العابدين (ع) في دعاء الصَّباح والمساء: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ من سَاعَاتِهِ حظّاً مِنْ عِبَادِكَ، وَنَصِيباً مَنْ شُكْرِكَ، وَشَاهِدَ صِدْقٍ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ".

يا ربّ، إنّنا عبادك المؤمنون بك، السائرون إليك، المنفتحون عليك في هذا اليوم، فليكن لنا من توفيقك ولطفك ورحمتك، أن تجعل لنا حظاً من عبادك الذين ارتضيتهم وأحببتهم ومنحتهم علوّ الدرجة في العلم والمعرفة والتقوى والاستقامة والسَّبق إلى الخيرات، حتى نعيش معهم، ونرتفع بهم، ونزداد قرباً منك في اللقاء بهم، ونحرّك حياتنا نحو الخير والصَّلاح من خلال الاقتداء بهم.

أعطنا محبَّتهم ومودَّتهم، حتى نتحسَّس منهم عمق الإنسانيَّة في حركيتها نحو إنسانيَّتنا الباحثة عن الحبّ الصَّادق، والروحية الخالصة، والعمل الصالح، وأعطنا - يا ربّ - في أجواء عبادك الصالحين، سرَّ الإخلاص لربوبيتك في معنى الإحساس العميق بعبوديتنا لك، لنعبدك بإخلاص، ولنذوب بين يديك بصفاء، ولنخضع لكل أوامرك ونواهيك بإيمان، ولنشعر - دائماً - بأنّ حظنا من عبادتك هو الحظّ الأوفر الذي يمثِّل سعادة الدنيا، وفرح الحياة، لأنّها تشدّنا إليك، وتقرّبنا منك، وتعرج بأرواحنا إلى رحاب قدسك، وتفتح لنا أبواب رضوانك، وتسير بنا إلى السَّاحات الرائعة من جنَّتك.

اللَّهمَّ أعطنا روحية الشاكرين لك، لنشكرك على كلِّ نعمك علينا، لأنَّ كلَّ ما بنا من نعمةٍ فهو منك، فقد وهبتنا وجودنا، ومتعتنا بحياتنا، وسخَّرت لنا الكون كله لننعم به هواءً نتنفّسه، وغذاءً نتغذَّى به، وماءً نشربه، وأرضاً نسكنها، ولذَّات نستمتع بها، ولباساً نلبسه، إلى غير ذلك، ما يجعل لحياتنا معنًى، ولوجودنا عمقاً وامتداداً وحركةً وحيويةً، في انفتاح إنسانيَّتنا على الوجود كلّه، وعلى الإنسان كلِّه، وعلى كلِّ آفاق القدس في آفاق ألوهيَّتك.

اجعلنا - يا ربّ - نشكرك بقلوبنا وألسنتنا وأجسادنا وكلّ مواقع حياتنا، حتى تتحوَّل كلّ قضايانا إلى قضيَّة واحدة، تتَّصل بشكرك على نعمك.

اللَّهمّ اجعل لنا من ملائكتك الَّذين أعطيتهم سرَّ الوجود، وكلّفتهم رعاية الإنسان، وأردتهم شهوداً على حركته في الحياة، اللّهمَّ اجعل لنا منهم شاهد صدق تنطلق أعمالنا الصَّالحة أمامه في خطِّ طاعتك وعبادتك، ليشهد لنا من موقع الصِّدق الذي نجسّده، بأنّنا كنا عبادك المخلصين، وأولياءك المتَّقين، لنشعر بالاعتزاز بشهادتهم في رحاب القيامة، لأنّها تقودنا إلى ساحة رضوانك ورحاب جنَّتك.

 

*من كتاب "آفاق الرّوح"، ج1.

السيد محمد حسين فضل الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة