البث المباشر

تفسير موجز للآيات 49 الى 54 من سورة فصلت

الثلاثاء 20 أغسطس 2024 - 10:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 896

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..

مستمعينا الأفاضل.. سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية طيبة وأهلاً بكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامجكم القرآني (نهج الحياة) وتفسير ميسر مما تبقى من آيات سورة فصلت المباركة نشرعه بالإستماع الى تلاوة الآية التاسعة والأربعين فكونوا معنا على بركة الله...

لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ{49}

تبين لنا هذه الآية الشريفة، أيها الأكارم، بأن الإنسان لا يسأم ولا يمل من طلب الخير، وبسبب حرصه وطلبه الزيادة الذي هو جزء من طبيعته يطلب الخير له.

كما تشير هذه الآية المباركة الى أن الإنسان المنحرف لا يملك القدرة على التحمل ولذا يصل الى حالة اليأس عند أول شر يلاقيه، حسب قوله تعالى (...وإن مسه الشر فيئوس قنوط).

وأما الآن نستمع وإياكم الى تلاوة الآيتين الخمسين والحادية والخمسين من سورة فصلت المباركة:

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ{50} وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ{51}

تبين لنا هاتان الآيتان، أيها الأكارم، بأن التعلق بالدنيا سبب للغفلة ولإنكار المعاد أحياناً، كما تشير الى أن الإنسان المنحرف لا يملك الكثير من المؤهلات وهو مصاب بالغرور، ومتى ما ناله رحمة من الله ينسب ذلك الى نفسه.

أما كلمة (نأى) فبمعنى ابتعد، وكلما وردت مع عبارة (بجانبه) كانت كناية عن التكبر والغرور، لأن المتكبر والمغرور وبسبب ما لديه من نعمة يعرض، وكلمة (عريض) تعني مقابل للطويل وهي كناية عن الدعاء الزائد.

أما ما تعلمنا هاتان الآيتان هي أولاً: ليس للإنسان على الله عزوجل شيء، وكل ما يصل إليه فهو من رحمة الله.

ثانياً: النعم والرفاه الذي يعيشه الإنسان لا يدل على استحقاقه لذلك كما لا يدل على أن عاقبته تكون خيراً.

ثالثاً: النعم من الله تعالى، وأما المصائب والشرور فهي نتاج عمل الإنسان أو صفاته وخصاله السيئة.

ورابعاً: الإنسان الذي لم يرب نفسه فسيكون قليل الصبر والتحمل.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، نستمع وإياكم الى تلاوة آخر آيات سورة فصلت المباركة، وهي الآيات الثانية والخمسين حتى الرابعة والخمسين منها...

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ{52} سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{53} أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ{54}

تبين هذه الآيات الشريفة لنا، أيها الأفاضل، أنه لمعرفة الله عزوجل، مراحل: فتارة من الأثر الى المؤثر، كقوله تعالى (..آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) وأخرى بالمباشرة ودون واسطة حسب قوله عزوجل (أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) وثالثة بشهادته على نفسه بالوحدانية.

كما ورد عن الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة (متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك.. عميت عين لا تراك)

فما نتعلمه من هذه الآيات المباركة هي أولاً: لا نهاية لمظاهر القدرة والحكمة الإلهية.

ثانياً: عالم الوجود كله درس في معرفة الله.

ثالثاً: معرفة الله لابد من أن تكون عن تصديق ويقين.

ورابعاً: إذا كان الإيمان بالله عزوجل يقينياً، ثبت الإيمان بالمعاد الذي هو مظهر من مظاهر صفتي القدرة والحكمة والعدالة في الله عزوجل.

إخوة الإيمان، مع تفسير آخر آيات سورة فصلت المباركة، وصلنا واياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم (نهج الحياة) فحتى لقاء آخر وتفسير آخر من آي الذكر الحكيم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة