وأعلنت الوزارة، في بيان، أنّ "شركة لافارج أس أي اعترفت بإبرامها اتفاقاً لتقاسم العوائد مع تنظيم داعش، ووافقت على دفع نحو 778 مليون دولار في صورة غرامات ومصادرات".
وأوضح البيان أن "شركة لافارج أس أي" وفرعها في سوريا، شركة "لافارج أل أس سي"، أقرّتا بالذنب بشأن تقديمهما دعماً مادياً لتنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين في شمالي سوريا، بين العامين 2013 و2014".
وأضاف البيان أن "قاضي المحكمة الجزئية الأميركية ويليام إف. كونتز حكم على المتهمين بدفع غرامات ومصادرات بإجمالي 777.78 مليون دولار".
وتابعت الوزارة أنّه وفقاً لوثائق قضائية، "خططت شركة "لافارج أس أي" ومقرّها باريس في فرنسا وشركة "لافارج أل أس سي" ومقرّها دمشق في سوريا، لدفع أموال إلى تنظيمي داعش وجبهة النصرة مقابل الحصول على إذن منهما لتشغيل مصنع للإسمنت في سوريا من العام 2013 إلى العام 2014، الأمر الذي مكّن شركة "لافارج أل أس سي" من كسب عوائد تقدر بنحو 70.3 مليون دولار".
وبحسب بيان الوزارة، قالت نائبة المدعي العام الأميركي ليزا موناكو، إنّ "المتهمين دخلوا في شراكة مع داعش، وهو واحد من أكثر التنظيمات الإرهابية التي عرفها العالم وحشية، لتعزيز الأرباح وزيادة حصتهم في السوق، في الوقت الذي انخرط التنظيم في حملة عنف بشعة خلال الحرب الأهلية السورية".
وذكرت الوزارة أن "رسائل بريد إلكتروني تبادلها مسؤولون تنفيذيون في شركة "لافارج" تظهر أنّ دوافعها للاتفاق مع تنظيمات إرهابية في سوريا كانت اقتصادية بحتة، إذ اشترى المسؤولون التنفيذيون لفرع الشركة في سوريا، والذي كان يدير مصنعاً للإسمنت في منطقة الجلابية (محافظة حلب) شمالي البلاد، المواد الخام اللازمة لتصنيع الإسمنت من موردين خاضعين لسيطرة تنظيم داعش".
وأوضحت وزارة العدل الأميركية أنّ المسؤولين في الشركة "دفعوا تبرعات شهرية" لتنظيمات مسلحة بينها داعش وجبهة النصرة لضمان مرور الموظفين والزبائن والمورّدين، مع عبور نقاط التفتيش التي تسيطر عليها تلك التنظيمات المسلحة على الطرق المحيطة بمصنع الجلابية للإسمنت" وفق ما ذكرت الوزارة.
وأضافت أنّ "المسؤولين التنفيذيين لشركة "لافارج أل أس سي" طلبوا من تنظيم داعش فرض إتاوات أعلى على المنافسين الذين كانوا يبيعون الإسمنت المستورد من تركيا في شمالي سوريا، والذي غالباً ما كان يُباع بسعر أرخص من الإسمنت المنتج في مصنع الجلابية، وذلك بغرض تحسين موقف الشركة التنافسي وزيادة مبيعاتها".
وكان تقرير داخليّ طلبته "لافارج-هولسيم"، الناشئة عن الاندماج بين "لافارج" والشركة السويسرية "هولسيم" في العام 2015، قد كشف عن تسليم الشركة أموالاً إلى وسطاء للتفاوض مع "مجموعات مسلحة"، غير أنّ المجموعة نفت أيّ مسؤولية لها في ما يتعلق بالجهة التي تلقت هذه الأموال.
البداية من القضاء الفرنسي
وكانت وزارة الاقتصاد الفرنسية رفعت شكوى في أيلول/سبتمبر 2016، ما أدّى إلى فتح تحقيق أولي من قبل مكتب المدعي العام في باريس وإبلاغ دائرة الجمارك القضائية الوطنية بالأمر.
وتخصّ تلك الشكوى فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على شراء النفط من سوريا ضمن العقوبات المفروضة عليها. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قدّمت جهتين غير حكوميتين شكوى بحق "لافارج" لمقاضاتها بتهمة "التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية".
والمنظّمتان هما "شيربا" و"المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان"، انضمّت إليهما لاحقاً منظمة أخرى هي "تنسيقية مسيحيي الشرق في خطر" (كريدو).
بدوره، فتح مكتب المدعي العام في باريس في 9 حزيران/يونيو 2017، تحقيقاً قضائياً بتهمة "تمويل مشروع إرهابي" و"تعريض حياة الآخرين إلى الخطر".
وفي 28 حزيران/يونيو 2018، وُجّهت إلى "لافارج" تهمة "المشاركة في جرائم ضد الإنسانية" و"تمويل منظمة إرهابية" وبأنها "عرضت حياة موظفين سابقين للخطر" و"انتهكت حظراً مفروضاً".
في المقابل، استأنفت المجموعة الفرنسية وثلاثة من مسؤوليها القرار وشكّكوا في أُسُس التحقيق.
وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 2019، ردّت محكمة الاستئناف شكاوى 4 منظمات (شيربا، ومركز حقوق الإنسان والحريات، وكريدو، والحياة من أجل باريس)، لكنّ "شيربا" ومركز حقوق الإنسان طعنتا في القرار.
وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، ألغت محكمة الاستئناف اتهام "لافارج" بـ"المشاركة في جرائم ضد الإنسانية"، لكنّها أبقت على التهم الـ3 الأخرى.
لكن في 7 أيلول/سبتمبر 2021، أصدرت محكمة النقض الفرنسية قراراً بإبطال قرار محكمة استئناف باريس والقاضي بإلغاء لائحة اتهام شركة "لافارج".
هذا وأوقفت شركة لافارج للإسمنت عن العمل بين العامين 2014 و2016 نتيجة الاشتباكات بين "قسد" و"داعش" آنذاك، قبل أن تعود إلى العمل، وتتوقف مجدداً في العام 2019.
وكانت تقارير تحدّثت عن أنّ الشركة الفرنسية للإسمنت بدأت، في أيار/مايو الماضي، الاستعداد لترميم مبنى شركتها في المنطقة التي تفصل بين محافظة الرقة ومدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي، وذلك للاستفادة من قرار وزارة الخزانة الأميركية باستثناء مناطق سيطرة "قسد" من قانون العقوبات الأميركية (قيصر).
وكانت مصادر الميادين أكدت أنّ مهندسين وفنيين وعمالاً وصلوا مطلع شهر أيار/مايو إلى مقرّ المعمل في بلدة صرين في ريف حلب الشمالي، وبدأوا بأعمال ترميم وتجهيز داخل المبنى، بعد نحو 3 سنوات على توقف الشركة عن العمل في العام 2019، عقب عملية "نبع السلام" التي شنتها تركيا ضد "قسد" على الشريط الحدودي.
وكشف المصدر، أنّ الشركة الفرنسية بدأت أعمال الترميم بعد تلقي وعود أميركية بتأمين الحماية لطواقم العمل، متوقعاً أن تنهي الشركة أعمال الصيانة خلال فترة قصيرة، وتعلن استئناف عملها في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".