والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
الامام الهادي هو احد الائمة الاثنى عشر من ائمة اهل البيت(ع) وهو عاشرهم، وقد تحدث عنه العلماء والمؤرخون وذكروا شخصيته وتعرضوا لصفاته في كتبهم. فهذا ابن حجر في الصواعق المحرقة يقول كان على الهادي وارث ابيه علماً وسخاءً وهذا ابو الفداء في تاريخه، يقول علي التقي هو احد الائمة الاثنى عشر عند الامامية، وهو علي الزكي ابن محمد الجواد وهذا الذهبي يقول في "تاريخ الاسلام" الجزء الخامس عشر علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفربن محمد بن زين العابدين الشريف العلوي الحسيني الفقيه احد الاثني عشر اي الائمة(ع) وهذا ابو الفلاح الحنبلي يقول في كتابه "شذرات الذهب" عن الامام الهادي(ع) ابو الحسن علي العلوي الحسيني المعروف بالهادي كان فقيهاً اماماً متعبداً، ويقول اليافعي في "مراة الجنان" كان الامام علي الهادي متعبداً فقيهاً اماماً فالامام الهادي(ع) كما ذكره هؤلاء العلماء الفضائل وهؤلاء المؤرخون الافذاذ اماماُ من ائمة اهل بيت(ع) الا ان الامام الهادي رغم هذه المنزلة نجده يعمل، يعمل في حقله ومزرعته. يقول احد الرواة رأيت ابي الحسن الثالث ويقصد بذلك الامام الهادي رأيت ابا الحسن يعمل في ارض وقد استنقعت قدماه من العرق اي كان مشمراً عن رجليه وكان العرق يتصاب من رجليه من شدة الجهد والعمل تحت الشمس. فقلت له: جعلت فداك اين الرجال اين الذين يكفونك اي ان هناك خدماً و اشخاصاً يمكن ان يقوموا بهذا فلما تجهد نفسك يا بن رسول الله ولما تقوم بهذا العمل بنفسك؟ فقال الامام علي(ع): لقد عمل بالمسحاة من هو خير مني ومن ابيه في ارضه. فقلت: من هو؟ من الذي عمل قبلك بالمسحاة وعمل بالزراعة؟ فال الامام الهادي مجيباً: رسول الله(ص) وامير المؤمنين وابائي كلهم عملوا بايديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والاوصياء والصالحين. اجل لقد كان العمل ايها المستمعون الاكارم شعار الانبياء فلم يبعث الله نبياً الا كان عاملاً وهذا اي العمل في الحقول المختلفة من خياطة وزراعة ورعاية للاغنام وتجارة و ما شاكل ذلك مما صرح به القرآن الكريم في بعض الايات والموارد. فاذن العمل من سيرة الانبياء والصالحين فلا يحق لمسلم ان يتكاسل ويتكل كذباً على الله. صحيح ان التوكل على الله مما حث عليه القران الكريم ومما اراده الاسلام وشجع عليه الا ان التوكل ليس بمعنى ترك العمل وترك النشاط اليومي والاغتزال في البيت والانتظار ان ينزل الرزق من السماء من دون جهد او دون عمل. فهذا هو رسول الله(ص) قد عمل وهذا هو علي بن ابي طالب(ع) لقد عمل وهؤلاء ائمة اهل البيت كلهم اشتغلوا وعملوا بعض في التجارة بعض في الرعي وبعض في الزراعة فليس العمل كما يتصور البعض نقيصة في الشخصية. فقي حديث شخصاً جاء الى الامام الصادق(ع) فسأله الامام عن حال رجل اخر فأجاب مولانا ذلك الشخص ترك العمل والتجارة وجلس في البيت او انه ذهب يتعبد، فقال الامام لماذا؟ قال لانه لا يحتاج الى التجارة لان عنده ما يكفيه، الامام بماذا اجاب؟ انظر واستمع جيداً قال: اذن نقص عقله اي ان ترك العمل يوجب نقصان العقل لان التجارة والزراعة وسائر النشاطات اليومية والاعمال المختلفة توجب نضج الشخصية ونضج الفكر وتنامي الخبرة لان في التجارب علماً مستفاداً، ولهذا فان الامام لمل سمع بان شخصاً تاجراً ترك عمله لانه مثلاً كان عنده ما يكفيه من المال قال الامام اذن نقص عقله اي ان التجارة ليست فقط للمال والحصول على الثروة بل هي سبيل الى الحصل على التجارب والخبرة والعقل ونضج التفكير. اساساً الانسان الذي يعيش في المجتمع لا يكون انساناً ناضجاً لا تحصل عنده خبرات وتجارب العمل والمعاشرة والكون بين الناس وافراد المجتمع مما يزيد الانسان خبرة وتجربة ولهذا فان على المسلم ان لا يتكاسل ولا يتكل اتكالاً غير صحيح على الله، بل يعمل في كل مجال يناسبه والى جانب ذلك يتكل على الله وهذا هو التوكل الصحيح فان التوكل الصحيح الاخذ بالاسباب الطبيعة بالمقدار الذي يعرفه الانسان ويستطيع التعامل معها ثم الاستعانة بالله سبحانه وتعالى في المجالات وفي الابعاد التي لا يعرفها ولا يستطيع ان يدركها بل يحتاج الى عون الله وتأكيده، عون الله ومساعدته وهذا هو التوكل الصحيح. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******