الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
لما اغتال المأمون العباسي الامام الرضا(ع) كرهته النفوس والقلوب وشكلت هذه المسألة خطراً عليه وعلى سلطته وحكومنه ومن جانب اخر خلف الامام الرضا(ع) والداً هو الامام محمد الجواد التاسع من الائمة الهل البيت(ع) وكان فب غاية الفطنة والذكاء والعلم وكان اتباع اهل البيت(ع) يترددون عليه بعد مقتل والده على يد المأمون ويسألونه ويستفهمونه عن الامور والاحكام فيجيب عليها بأقوى الاجوبة ويعالج مشاكلهم الفكرية فمالت اليه القلوب. فأراد المأمون اولاُ من اجل ان يستميل قلوب الناس ويهدأ من خواطرهم بعد اغتياله للامام الرضا(ع) ومن جانب اخر من اجل ان يجمد شخصيته الجواد(ع) ويضعه في الحقيقة تحت رقابته القوية المشددة عمد الى تزويج ابنته ام الفضل الى الامام وكان الامام انذاك في التاسعة والعاشرة من عمره فلما اراد المأمون ان يزوج ابنته ام الفضل للجواد(ع)، احسّ العباسيون بخطر من دون ان يعلموا الاهداف الحقيقة للمأمون ولهذا اجتمعوا في مجلس واعترضوا على المأمون وعلى اقدامه لتزويج ابنته ام الفضل لامام محمد الجواد(ع) وقالوا نحن نخاف اما ان يخرج الحكم من يدك لانك عندما تزوج ابنتك للامام محمد الجواد فسوف يكون الجواد ولي عهدك، فاذا حدث لك حادث تعود الحكمة والسلطة الى اهل البيت هذه السلطة التي طالما انفق عليها العباسيون، كثيراً ما انفقوا عليها من الاموال والجهود، ارتكبوا من اجلها جنايات وجرائم كقتل الائمة حيث قتل المنصور الدوانيقي الامام جعفرالصادق(ع)، وهارون الرشيد قتل الامام موسى بن جعفر(ع) وشردوا ابناء الرسول(ص) فانت اذا زوجت الجواد سيعود الجواد الى الساحة السياسة ويحتل مكانة اجتماعية وسياسة مرموقة وينتزع السلطان من العباسيين واذا اردت ان تقف امامه وتمنعه من ذلك تردعه سينتهى هذا الى القتل ثاتية يعني تكون قتلت الوالد والوالد واصنفت الى المشاكل العباسيين مشكلة جديدة فلا تزوجه ابنتك ام الفضل ولكن المأمون وهو لم يصفح عن نيته الحقيقة واهدافه حاول ان يقنعهم بشكل اخر، قال ان هذا الذي تتصورون انه قد يسبب مشكلة او ان التزويج تزويج ام الفضل له لا يكون امراً في محله ولا يكون امراً صحيحاً انتم لا تعرفون هذا، انا اعرف محمد الجواد واعرف اهل البيت(ع) واذا احببتم ان تعرفوا سخصيته فاعقدوا مجلساً لذلك واقيموا حواراً بينه وبين احد كبار العلماء والقضاة حتى تعرفوا شخصيته، انما انا اخترت محمداً الجواد ليتزوج بأبنتي لتفوقه على كافة اهل الفضل والعلم مع صغر سنه وانا اجوا اذا عقدتم مجلساً معه وحواراً بينه وبين احد كبار العلماء والقضاة، امل ان تعرفوا شخصيته وتقفوا على حقيقة ما اقول، فرضوا بأن يكلفوا احد العلماء للحوار مع الامام الجواد وطرح مسائل عليه، فاختاروا قاضي القضاة يحيى بن اكثم وطلبوا منه ان يسأل الامام مسألة لا يعرف الجواب عنها ووعدوه باموال كثيرة ونفيسة ثم حددوا يوماً بالاتفاق مع المأمون للاجتماع ولهذا الحوار. فلما حضر يحيى وحضر المأمون وحضر الامام الجواد وحضر الناس هنا اقبل يحيى بن اكثم وطرح سؤالاً على الامام الجواد(ع) بعد ان قال له هل تسمح ان اطرح سؤالاً؟ فقال له الامام اسأل ان شئت. قال: ما تقول جعلت فذاك في مجرم قتل صيدً؟ الامام(ع) قال له؟ هذا الامر له شقوق، هذه المسأله لها فروع، انا اسألك اولاً عن فروعها هل قتله في حل او حرم؟ قتله عالماً كان ام جاهلاً؟ قتله امداً او خطأً؟ حراً كان ذلك المحرم ام عبداً؟ صغيراً كان ام كبيراً؟ مبتدأً بالقتل كان او معيداً؟ الصيد كان من ذوات الطير ام من غير ذوات الطير؟ كان من صغار الصيد او من كبار الصيد؟ هذا المحرم كان مصراً على ما فعل او نادماً؟ في الليل صاد وقتل الصيد ام في النهار؟ كان في العمرة محرماً او محرماً بالحج؟ فتحيّر يحيى بن اكثم من هذا التفريع ومن هذا التقسيم من مسألة تصور انها بسيطة وبان في وجهه العجز والانقطاع و لجلج حتى عرف الناس كلهم ذلك. فقال المأمون: الحمدلله على هذه النعمة والتوفيق لي ثم نظر الى العباسيين وقال لهم: هل عرفتم الان ما كنتم تنكرونه؟ ثم اقبل على الامام الجواد وطلب ونه ان يخطب على ابنته ام الفضل ولما انتهت الخطبة وانتهى مجلس العقد التفت المأمون الى الامام الجواد وقال: يا بن رسول الله ان رأيت جعلت فداك ان تذكر الفقة فيما فصلته من وجوه قتل المحرم. هل لك ان تبين احكام هذه الفروع التي ذكرتها حتى نستفيد؟ الامام انبرى واخذ يجيب قال: ان المحرم اذا قتل صيداً في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة فان اصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً واذا قتل فرخاً في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن فاذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ فاذا كان الصيد من الوحش وكان حمار وحش فعلى المحرم بقرة وان كان نعامة فعليه بدنه وان كان ضبياً فعليه شاة فان قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة فاذا اصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان احرامه بالحج نحره بمكه وجزاء الصيد على العامل والجاهل سواء وفي العمد اليه فأثم وهو موضوع عنه في الخطأ والكفارة على الحر في نفسه وعى سيد في عبده والصغير لا كفارة عليه وهي على الكبير واجبة والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الاخرة والمصر يجب عليه العقاب في الاخرة. فقال له المأمون احسنت يا ابا جعفر، احسن الله اليك. ثم قال: انت أسأل يا ابا جعفر انت اسلأل يحيى سؤالاً، فسأل الامام سؤالاً عجيباً من يحيى عجز عن الاجابة عليه، فانبرى الامام نفسه واجاب على سؤاله ولما انتهى هذا السؤال والجواب، قال المأمون ويحكم ان اهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل وان صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال. اما علمتم ان رسول الله(ص) افتتح بدعوة بدعاء امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) وهو ابن عشر سنين وقبل منه الاسلام وحكم له به ولم يدع احداً في سنة غير علي، كا انه بايع الحسن والحسين وهما دون الست سنين ولم يبايع صبياً غيرهما او لاتعلمون الان ما اختص الله به القوم وهو يعني اهل البيت(ع) وانهم ذرية بعضها من بعض يجرى لاخرهم ما يجري لاولهم. ان هذه القصة تكشف عن ان اهل البيت(ع) وآل محمد لا يقاس بهم احد وهذا شئ اقربه الجميع واعترف به القريب والبعيد نسأل الله سبحانه وتعالى بالاقتداء بهم والاستفادة من علومهم واحياء امرهم ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يجمع كلمة المسلمين عليهم ويوفق الجميع للاستفادة من فيض علومهم. امين رب العالمين.
*******