البث المباشر

علي وفاطمة وتقسيم المسؤوليات العائلية

الإثنين 4 فبراير 2019 - 09:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 4.. علي وفاطمة وتقسيم المسؤوليات العائلية

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين والطاهرين.
روي عن الامام ابي جعفر الباقر(ع) قال: "ان فاطمة(ع) ضمنت لعلي(ع) عمل البيت والعجين والخبز وخمّ البيت، وضمن علي(ع) ما كان خلف باب البيت كنقل الحطب والمجئ بالطعام. فقال لها يوماً يا فاطمة هل عندك شئ "اي للاكل " قالت(ع): والذي عظّم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة ايام شئ نقريك به اي نضيفك به فقال(ع) للسيدة فاطمة افلا اخبرتني؟ قالت(ع) رداً على هذا السؤال لقد كان رسول الله(ص) نهاني ان اسألك شيئاً فقال: لا تسئلين ابن عمك شيئاً، ان جاءك بشئ والا فلا تسأليه". قصة تاريخية من حياة الصادقين(ع)، من حياة اهل البيت وسيرتهم وسلوكهم وهذه المرة في مجال البيت والعائلة، انها قصة رائعة تتضمن دروساً كبيرة في التعامل العائلي والاخلاق الاسرية في الاسلام. اولاً فاطمة(ع) تتعهد لعلي بان تقوم بما يكون من اعمال البيت كالعجين والخبز وما شاكل ذلك من امور البيت وداخل المنزل بينما يضمن علي(ع) ويتعهد لها بأن يقوم بما يكون خارج البيت، وما هو من شؤون الشارع، وما هو من شؤون العمل خارج البيت كنقل الحطب والاتيان بالطعام عن طريق الكسب وما شاكل ذلك. ان هذه القطعة التاريخية تفيد درساً عظيماً في المشاركة، الحياة الزوجية شركة سهامية اي ان لكل شخص من الزوج والزوجة والاولاد سهماً ونصيباً في ادارة البيت والقيام باعباء المنزل والحياة العائلية لان الحياة العائلية كثيرة المسؤليات عديدة الابعاد ولا يمكن لاحد بوحده ان يقوم باعباء البيت ومسؤليات العائلة اذ ان طاقة الانسان زوجة كانت ام زوجاً او ولداً او بنتاً محدودة فلا يمكن تحميل احد فوق طاقة، فان تحميل شخص فوق طاقته يستتبع نتيجتين او يستتبع اثرين فاسدين. الاثر الاوّل: هو ان العمل لن يؤدى بصورة صحيحة، المسؤلية لابد ان تعطى لانسان يستطيع ان يقوم بها بشكل حسن وهذا الشخص لايكون الا من يمركز قواه ويركز ارادته على فعل ذلك العمل والاتيان بذلك الامر. اما اذا كان الشخص قد حمل اعباءاً مختلفة واعمالاً متشتتة فانه لايستطيع ان يركز قوته وارادته على عمل واحد فلهذا فان مثل هذا الشخص لن يستطيع القيام بالمسؤلية الملقاة عليه والتي تتجاوز طاقته وقدرته ان يقوم بها بشكل صحيح فيأتي العمل ناقصاً مبتوراً ضعيف البنيان هزيل التركيب. اما اذا اعطيت المسؤلية لشخص قد تفرغ لها وركز ارادته للقيام بها فان ذلك العمل سيستحقق فان ذلك الامر وتلك المسؤلية ستؤدى بشكل كامل وصورة صحيحة، هذا هو الاثر الاول لفرض مسؤلية على شخص فوق طاقته واكثر من وسعيه ومقتدرته. واما الاثر الثاني: فهو التعب والارهاق الذي سيسارع الى مثل هذا الشخص الذي تكاثرت عليه المسؤوليات وتجاوزت طاقته ومقتدرته فهذان الاثران، اثران يتركان بالطبع اثراً سيئاً على الحياة العائلية وتصيب او تصاب الحياة العائلية باوبئة وامراض وعلل تؤدي بالعائلة اما اذا اعطيت المسؤوليات للاشخاص مع مراعات مقدراتهم وطاقاتهم ووزعت الامور والمسائل على الاشخاص فان كل مسؤلية وكل العمل سيقام وسيأتى به بشكل كامل وصحيح ثم لا يؤدي اي هذه المسؤوليات الى اتعاب الشخص المخول اليه القيام بهذه المسؤلية. اذن فالدرس الاول الذي تعلمنا فاطمة الزهراء(ع) وعلي(ع) في حياتهما الزوجية هو تقسيم العمل العائلي والقاء قسم أخر على عاتق شخص أخر حتى تؤدى الامور بشكل صحيح. الدرس الاخر الذي نستفيده من تقسيم العمل العائلي خارج البيت وداخله هو التقسيم المناسب فان الذي يناسب المرأة الذي خلقها الله سبحانه وتعالى ريحانة وخلقها مليئة بالعاطفة وخلقها جنساً لطيفاً هو القيام بالمسؤوليات التي لا تكون فيها خشونة ولا تكون فيها صعوبة ولا تكون فيها متاعب ومصاعب ولاشك ان داخل البيت يمتاز بهذه الخصوصية وهي ان اعمال البيت اعمال رقيقة واعمال لطيفة كتربية الاطفال وحضانتهم وحتى لو كان هناك شئ يشبه الخبز وما شاكل ذلك فهو لايكون في الصعوبة والخشونة كالعمل خارج البيت ولهذا فان علياً(ع) تعهد بان بقوم باعمال خارج البيت وفاطمة(ع) تعهدت بالاعمال داخل البيت وهذا انسب لخلقتهما وتركيبهما النفسي والعضلاني والجسماني، بالاضافة الى ان هذا التقسيم قد لوحظ فيه شأن الرجل وشأن المرأة، فشأن المرأة هو التعفف والطهارة والحفاظ على سلامة روحها وعواطفها واخلاقها وهذا لا شك يندر تحصيله خارج البيت بينما الرجل يستطيع ان يقاوم هذه الامور يعني ما تدعو الى التحلل الاخلاقي والى الفساد الاخلاقي الذي يكون خارج البيت ارضية صالحة لذلك ولهذا فان فاطمة(ع) نجدها تقوم باعمال البيت وتتعهد بذلك ويتعهد علي(ع) بالقيام باعمال خارج البيت وهذا التقسيم لوحظ فيه شأن كل من الرجل والمرأة بصورة دقيقة. والشئ الاخر هو مهم ايضاً في اسعاد الزوجين هو ان لا يتوقع الزوجة ما لا يطيقه الرجل ويطيقه الزوج ولذلك فان رسول الله(ص) اوصى فاطمة(ع) ان لا تسأل علياً شيئاً ولا تطلب منها شيئاً فاذا اتى علي(ع) بشئ الى البيت وهو طبعاً رجل وزوج يعرف وظائفه العائلية فيأتي بما تحتاج اليه العائلة اما اذا لم يأتي بشئ فلا ينبغي للمرأة وللزوجة ان تطالبه به حتى لا يكون ذلك سبباً لا حراجه وتحميله المتاعب. ما اعظم هذه الاخلاق وهذا الدرس العائلي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة