القوات الروسية والشعبية الحليفة صمدت رغم قلة عديدها ولم تتخل عن مواقعها خلال يوم توقيع انضمام الأقاليم الأربعة للإتحاد الروسي التاريخي، لكنّ مجريات المواجهة كانت تؤشر إلى خسارة القوات الروسية في ليمان والانتقال إلى خط تموضع بديل يضمن طريق الحياة الذي كان قائماً بين سفاتوفا (شمال شرق) وليمان، ويضمن الربط بين جبهات الوسط وجنوب الدونباس والجبهات الجنوبية.
وبحسب المراقبين الميدانيين، ستسعى القوات المسلحة الأوكرانية في المقابل إلى توسيع مساحة إنجازها وتثبيت مواقعها في هذا الاتجاه قبل وصول وحدات التعبئة الروسية. وتشير المعطيات إلى أنّ الأركان الأوكرانية بدأت بإرسال تعزيزات كبيرة إلى هذا المحور للإسراع في المبادرة لتحويل إتجاه الهجوم الى الشمال الشرقي بإتجاه سفاتوفا بهدف قطع طريق الإمدادات الروسية القادمة.
الهجوم الأوكراني التالي يتركز على 3 محاور، الأساسي منها يأتي من بوروفايا وريدكودوب يدعمه تقدم أوكراني من دفوريتشي وكوبينسك للسيطرة على سفاتوفا من 3 إتجاهات. والأركان الأوكرانية تهدف إلى تحقيق خرق لحدود جمهورية لوغانسك الشعبية المحررة، و تهديد العاصمة لوغانسك من إتجاه كريمينوي، الأمر الذي إن تم سيشكل خطراً على لوغانسك، و يعرقل خط امدادات الجبهات الروسية والربط ما بين القطاع الأوسط ومحاور الإتجاهات الجنوبية.
في المقابل، خيار هجوم القوات الأوكرانية على ليمان حصل بعد فشل تلك القوّات في تطوير تقدّمها باتّجاه أراضي جمهوريتي الدونباس المحررة إنطلاقاً من إيزيوم التي حققت فيها خرقاً إلا أنّها تكبدت خسائر فادحة منعتها من التقدم، فكان الخيار البديل السيطرة على ليمان ومحاولة خرق حدود لوغانسك من هذا الاتجاه. إلاّ أنّ القوات الأوكرانية خسرت 3 أسابيع ثمينة من المناورة، فعامل الوقت لم يعد في مصلحتها وقبل وصول قوات التعبئة الروسية الجديدة يمكنها تنفيذ عملية أخيرة و هي السيطرة على سفاتوفا.
في الوقت الراهن تستمرّ محاولات القوات الأوكرانية في تحقيق تقدم على محاور جبهة خيرسون و زاباروجيا، أو بحسب بعض المراقبين إنّ التحرك الأوكراني بإتجاه زاباروجيا وخيرسون يهدف لمنع القوات الروسية من إرسال الدعم باتجاه الشمال حيث تدور المواجهات العنيفة في محيط ليمان التي باتت بالأمس بيد القوات الاوكرانية.
فقد شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجوماً بالدبابات في منطقة خيرسون – إلاّ أنه على الفور توجهت إحتياطيات تشكيلات القوات الروسية إلى نقطة الهجوم ووفقاً للمعلومات الميدانية، تقدّمت كتيبة الدبابات الأوكرانية الأولى تدعمها كتيبة المشاة الأولى من نوفوفورونتسوفكا بإتجاه خريشينوفكا وليوبيموفكا الأمر الذي تم كشفه بسرعة من قبل طائرات الإستطلاع الروسية، و سرعان ما تعاملت المدفعية والقوات الصاروخية الروسية مع هذا التقدم ما أدى لضعضعة وتشتت القوات المهاجمة وإحتمائها في مواقع متباعدة.
ولا بد من قراءة موضوعية ودراسة الأخطاء التي أدت لسقوط ليمان وقبلها بأسابع ثلاثة إيزيوم –بالاكليا، فمناشدات مجموعة كبيرة من القيادات العسكرية والشعبية طالت منذ بداية العلمية العسكرية بإعلان التعبئة في الوقت الذي كان الغرب مجتمعاً يعمل على تدريب وتسليح مئات آلاف الجنود الأوكرانيين، ما أسفر عن تفوق عددي فضلاً عن الدعم اللوجستي و إمدادات السلاح الغربي الهائلة.
كان من المنطقي أنّ الحل الوحيد لمواجهة هذا الحشد الغربي المتصاعد هو إعلان التعبئة وتوفير كل مستلزمات الجبهات لتحقيق الأهداف المعلنة للعملية العسكرية. قد تكون القيادة الروسية قد تأخرت في إعلانها لأسباب منها عدم التورط المسبوق والانجرار إلى عملية إستنزاف يريدها الغرب قبل الخريف والشتاء، وهو توقيت ترى فيه القيادة العسكرية والسياسية الروسية إمكانية لإمتلاك تفوق تفرضه العوامل الطبيعية، إلاّ أنه بحسب المثال الروسي الشهير "أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي!".