وخلال احتفالية وضع حجر الأساس لمعلم جنتا السياحي الجهادي "حكاية الطلقة الأولى"، اليوم الجمعة، أشار سماحته إلى أنَّه إذا جاء الوسيط الأميركي وأعطى للدولة اللبنانية ما تطالب به "رايحين على الهدوء"، سواء وُقّع الاتفاق النووي أو لم يُوقّع.
وشدَّد على أنَّه سواء وُقّع أو لم يوقّع الاتفاق النووي الايراني فاذا لم يُعطَ للدولة اللبنانية ما تطالب به فنحن "رايحين على التصعيد"، ولفت سماحته إلى أنّ "العين على الوسيط الأميركي الذي الى الآن يضيع الوقت ووقته قد ضاق".
واعتبر السيد نصر الله أنَّ انسحاب الشاب اللبناني شربل أبو ضاهر من بطولة العالم للفنون القتالية في أبو ظبي موقف بطولي وعنوان من عناوين المقاومة، متوجهاً إلى "شربل وعائلته لنعبّر لهم عن اعتزازنا وفخرنا بهذا الموقف البطولي الانساني والوطني".
وحول موضوع الدولار الجمركي، أوضح سماحته أنَّه قبل اتخاذ أي قرار يجب ان يكون هناك دراسة واقعية لتداعيات هذا القرار، وأضاف "مبلغ 20 الف للدولار الجمركي قفزة كبيرة ومضرة ونتفهم أنّ بقاءه 1500 صعب لكن يجب دراسة التداعيات"، مشددًا على ضرورة مواصلة الجهد لتأليف الحكومة في لبنان.
وتقدَّم الأمين العام لحزب الله بالتعزية برحيل والدة فاتح عصر الاستشهاديين أحمد قصير الحاجة فوزية حمزة، كما تقدَّم بالمواساة والتبريك إلى عائلة الشهيد القائد ابراهيم النابلسي والشهداء الذين استشهدوا معه.
وأشار إلى أنَّ هذا اللقاء الطيب والمبارك يؤسس لمسار مبارك وطيب إن شاء الله، كاشفاً أنَّ حزب الله كان منذ سنوات يفكّر في تنفيذ معلم سياحي جهادي في البقاع كما معلم مليتا وهو تجربة ناجحة.
وأوضح أنَّه "لم يكن النقاش في مبدأ إقامة معلم في البقاع، وهذا أقل الواجب تجاه التاريخ والذاكرة والتضحيات، لكن دائمًا كان النقاش أين؟، ولم نحتج إلى وقت طويل لاختيار المكان ووقع الاختيار على جنتا".
ولفت السيد نصر الله إلى أنَّه في عام 1982 اثر الاجتياح "الاسرائيلي" كانت هناك احتمالات قوية باكمال الاجتياح إلى كل المناطق اللبنانية ومحاصرة دمشق، وفي تلك الأيام اتخذ الامام الخميني قراراً تاريخياً كبيراً وأرسل طليعة قوات الى سوريا.
وأضاف سماحته: "كان تواجد القوى الأساسي في منطقة الزبداني، ومن هناك تقرر أن يدخلوا إلى لبنان إلى جنتا، وكانت أول منطقة لبنانية يصل إليها الأخوة الحرس هي هذه الأرض التي نقيم فيها احتفالنا".
كما بيَّن أنَّ المعسكر استقبل الدورة الأولى عند الحرس الثوري، وكان أوّل الملتحقين بهذه الدورة سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي، وكان معه عدد من الأخوة القياديين، مشيراً إلى أنَّه انتهت الدورة الأولى وأصبح شائعاً معسكر جنتا، وأصبحت تهفو اليه القلوب والأفئدة ويتنافس العشاق للالتحاق به.
وتابع: "هنا كان أول معسكر تدريب للمقاومة الاسلامية في لبنان وأول دورة عسكرية لتخريج مقاومين في المقاومة الاسلامية، وتوسعت المعسكرات في جنتا ومحيطها وأصبح هناك معسكرات جنتا في الوديان والتلال".
وأكَّد السيد نصر الله أنَّ أهالي البلدات المحيطة للمعسكر عانوا، حيث تعرضوا لمعاناة بسبب العدوان "الاسرائيلي" المتكرر لكن لم يلق الأخوة إلاّ المزيد من الاحتضان من الأهالي.
وأكَّد الأمين العام لحزب الله أنَّه في هذا القصف على المعسكر اختلط الدم الايراني بالدم اللبناني، لافتًا إلى أنَّ كثيراً من الذين التحقوا بالمعسكر استشهدوا والأكثر ما زالوا ينتظرون.
وتابع: "هذه الأرض كانت أرضًا عنوانها معسكر التدريب، لكن في الحقيقة كانت أرضًا للدعاء والتوسل والإعداد والاستعداد والتعبئة المعنوية"، مستذكرًا كيف كان يودّع الأخوة بعضهم بعضًا بالعناق والدموع والمصافحة وداع المحبين الصادقين.
كما أوضح السيد نصر الله أنَّه "هنا سالت الدموع حين كانت تُقرأ مجالس العزاء في الخيم، وسالت دماء في طريق الحسين ومن هنا سار رجال الله وصنعوا المعجزات".
وشدَّد على أنَّ "هذه المعسكرات في جنتا احتضنت رجال الله الأشداء والرحماء، قلوبهم عامرة بالإيمان والعطف والإحساس بالمسؤولية، وأنَّ لهذا المكان موقع وجداني وروحي كبير في مسيرتنا".
وأكَّد سماحته أنَّه "نطمح في هذا المعلم إلى أن يحتضن ذاكرة معسكرات التدريب في جنتا كلها، ونطمح أن تحضر في هذا المعلم كلّ ذاكرة هذه المعسكرات في جنتا وما مرّ عليها ومن مرّ عليها".
وأردف: "نطمح أن تحضر في هذا المعلم كلّ ذاكرة بقية المعسكرات في البقاع والبدايات ووصول الحرس إلى بلدات البقاع، وتشكيل المقرات ونشاطهم التعبوي، وكلّ ذاكرة تبنّي أهل البقاع للمقاومة".
كذلك، استذكر السيد نصر الله "في بعض السنين الظروف الصعبة في المعارك"، وقال، "هناك أناس قدموا الصابون والمكدوس، فهذا كل ما كان لديهم ولو كان لديهم أكثر من ذلك لقدموه".
وأشار إلى أنَّه يجب أن يضم هذا المعلم ذاكرة التحرير الثاني إضافة إلى ما يتصل بالمقاومة عمومًا، وبيَّن أنَّه "نحن منذ سنوات اشترينا مساحات واسعة من الأراضي الموجودة في محيط المعسكرات، وإن شاء الله سيُقام على أسس قانونية من رخصة وغير ذلك".
وأعرب عن طموح الحزب "في هذا المعلم لسياحة جهادية دينية فلدينا في هذه الدائرة مشهد نبي الله شيت ومرقد سيد الشهداء السيد عباس موسوي".
وأضاف سماحته: "الملفت أنه قبل ما يزيد عن 400 إلى 450 سنة كان أكبر مراجع الدين الشيعة الشيخ زين الدين بن علي الجباعي الشهيد الثاني الذي أتى إلى بعلبك من جباع، ودرّس هناك على المذاهب الخمسة، وفي عودته مرّ على مشهد نبي الله شيت وتعبّد هناك".
كما لفت إلى أنَّه "نطمح في هذا المعلم لسياحة ترفيهية؛ فهذا المعلم يفتح الباب لحياة روحية وجهادية ودينية واقتصادية أيضاً"، مؤكداً أنَّ طبيعة هذا النوع من العمل يحتاج إلى وقت، والتمويل إن شاء الله يتيسّر، وبالتجربة هذا النوع من المشاريع ييسر الله أمرها بسهولة.
السيد نصر الله، وفي الختام تمنّى لو أنَّه بين الحاضرين لكن الظروف المعروفة حالت دون ذلك، مشيراً إلى أنَّ أولى الناس بأن يضع الحجر الاساس في هذا المعلم هو أخونا الكبير والعزيز الأخ السيد أبو هشام الموسوي داعياً إياه أن يتقدم.
وبالفعل، وبُعيد انتهاء كلمة السيد حسن نصر الله، انطلقت فعالية وضع حجر الأساس لمعلم "جنتا" السياحي الجهادي، حيث وضع السيد ابو هشام الموسوي الحجر الأساس لهذا المعلم التاريخي.