لكن الباحثين في جامعتي «تافتس» الأميركية و«أكسفورد» البريطانية، نجحوا باستخدام نموذج ثلاثي الأبعاد لزراعة الأنسجة البشرية يحاكي الدماغ، في إظهار أن فيروس الحماق النطاقي (VZV) الذي يسبب عادة جدري الماء، قد ينشط الهربس البسيط (HSV)، وهو فيروس شائع آخر، لتحريك المراحل المبكرة من مرض ألزهايمر، وأعلنوا عن هذه النتيجة (السبت) في دورية «ألزهايمر».
وعادة ما يكون أحد المتغيرات الرئيسية لفيروس الهربس (HSV-1)، كامناً داخل الخلايا العصبية للدماغ؛ لكن عندما يُنشط فإنه يؤدي إلى تراكم بروتينات «تاو» و«أميلويد بيتا» التي تؤدي لفقدان وظيفة الخلايا العصبية، وهي سمات مميزة موجودة في مرضى ألزهايمر.
ولفهم العلاقة بين الفيروسات ومرض ألزهايمر بشكل أفضل، أعاد باحثو جامعة «تافتس» إنشاء بيئات شبيهة بالدماغ في إسفنج صغير على شكل كعكة، يبلغ عرضها 6 ملليمترات ومصنوع من بروتين الحرير والكولاجين.
وقام الباحثون بتعبئة الإسفنج بالخلايا الجذعية العصبية التي تنمو وتصبح خلايا عصبية وظيفية، قادرة على تمرير إشارات بعضها إلى بعض في شبكة، تماماً كما تفعل في الدماغ، وتشكل بعض الخلايا الجذعية أيضاً خلايا دبقية، وتوجد عادة في الدماغ وتساعد في الحفاظ على الخلايا العصبية حية وتعمل.
وجد الباحثون أن الخلايا العصبية التي تنمو في أنسجة المخ يمكن أن تصاب بفيروس الحماق النطاقي؛ لكن هذا وحده لم يؤدِّ إلى تكوين بروتينات ألزهايمر المميزة «تاو وبيتا أميلويد»، واستمرت الخلايا العصبية في العمل بشكل طبيعي.
ومع ذلك، إذا كانت الخلايا العصبية تحتوي بالفعل على فيروس الهربس (HSV-1) الكامن، فإن التعرض لـ«فيروس الحماق النطاقي» أدى إلى إعادة تنشيط الهربس، وزيادة كبيرة في بروتينات «تاو وبيتا أميلويد»، لتبدأ الإشارات العصبية في التباطؤ.
ومن أوائل من افترض وجود علاقة بين فيروس الهربس ومرض ألزهايمر، هو روث إتزاكي من جامعة «أكسفورد»، والمشارك في هذه الدراسة؛ لكن لم يكن الباحثون يعلمون تسلسل الأحداث التي تخلقها الفيروسات لتحريك المرض.
يقول ديفيد كابلان، رئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية في جامعة «تافتس» في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: «نعلم الآن الدور الذي يلعبه فيروس الحماق النطاقي (VZV)، في تنشيط فيروس الهربس البسيط، المسبب للمرض، ونعتقد أن لدينا الآن أدلة على تلك الأحداث».
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يُقدر أن 3.7 مليار شخص دون سن الخمسين، أصيبوا بفيروس الهربس (HSV-1) الذي يسبب الهربس الفموي، وفي معظم الحالات يكون بلا أعراض، وكامناً داخل الخلايا العصبية، وعند تنشيطه يمكن أن يسبب التهاباً في الأعصاب والجلد.