تقع مدينة "خواف" في مناطق جبلية وصحراوية جافة، فهي في فصل الصيف تتسم بحرارة الجو وجفافه، وفي الشتاء يكون باردا جدا.
يزاول سكانها القدامى عادة ما مهنتي الزراعة وتربية المواشي، واسمها القديم هو "روي" و "رود" بمعنى النهر، وذلك لوجود عدد من الأنهار الجارية فيها، كما أطلق عليها اسم "به آفريد" إبان شيوع الديانة الزرادشتية في تلك النواحي، فأهالي تلك الديار كانوا ملتزمين جداً بهذه الديانة ومحبين لها لدرجة أنهم حافظوا عليها حتى بعد انتشار الإسلام في إيران، حيث لم يعتنقوه واضطروا للهجرة إلى الهند والإقامة في مدينة "كجرات" الهندية التي سميت تيمناً بهم باسم "سنجان".
بعد انتشار الإسلام في "خواف" أصبحت واحدة من أكثر المدن حركة ونشاطاً من جميع النواحي العلمية والاقتصادية في منطقة خراسان، فهي تعتبر نقطة التقاء للطريق التجاري الواصل بين هرات وقهستان ونيسابور الأمر الذي جعلها مركزاً اقتصادياً هاماً في تلك الآونة.
في القرون الماضية أفقدت مدينة "خواف" بريقها وانتعاشها، لكنها استعادت جانباً من مكانتها الهامة في العهد البهلوي وذاع صيتها بعد أن نفي إليها العالم المناضل السيد حسن مدرس الذي اغتاله النظام الملكي فيما بعد فيها، ومنذ تلك الفترة اشتهر اسمها من جديد.
وأما أبرز معالمها التراثية والأثرية التي تستهوي السائحين ومحبي الآثار فهي عبارة عما يلي:
* طواحين الهواء التاريخية
نظراً لكون مدينة "خواف" تقع في إقليم صحراوي تهب فيه الرياح الشديدة باستمرار عام من جميع الجهات الجغرافية تقريباً، ولا سيما الشمال "رياح نيسابور" والشرق "رياح هرات" والجنوب رياح "الجبل" القادمة من مدينة سيستان والتي تهب سنوياً لمدة 120 يوماً، بادر السكنة المحليون منذ القدم إلى نصب طواحين هواء ضخمة لطحن القمح والشعير.
* مسجد "ملك زوزن"
هناك مسجد تراثي يقع في ضواحي مدينة "خواف" باسم مسجد "ملك زوزن" حيث أطلق عليه هذا الاسم لكونه بني في سهل باسم "زوزن" وقد كان محل إقامة الكثير من المسلمين آنذاك، لكنه اليوم مهجور وليس للحياة فيه أثر.
الألواح الحجرية المنقوشة في هذا المسجد تدل على أنه بني في سنة 615 هـ أو 616 هـ ولم يبق منه اليوم سوى أطلال وبعض النقوش الجميلة من الفسيفساء والآجر، وهو يتكون من إيوانين أحدهما شرقي والآخر غربي، والثاني يسمى بإيوان القبلة ويبلغ ارتفاعه 30 م، وتفيد الحفريات والتنقيبات التي قام بها علماء الآثار بأنّ هذا المسجد قد بني على أطلال مسجد آخر أقدم منه يرجع تأريخه إلى العهد السلجوقي لم يبق منه سوى محرابه الجميل. وهناك من يقول إن قبل ذلك أيضاً كان هناك مسجدان قد شيدا في نفس هذه البقعة ومن ثم تم تخريبهما وبني بناء جديد، ولكن هذا البناء الجديد لم يكتمل حينها لأسباب غير معروفة.
* مدرسة "غياثية" في منطقة "خرگرد"
قرية "خرگرد" هي إحدى النواحي التابعة لمدينة "خواف" وهي مدينة تراثية قديمة لكنها اليوم أصبحت قرية صغيرة، وتقع على مسافة 5 كم شرقي المدينة.
في هذه القرية مدرستان قديمتان كبيرتان كان لهما شأن علمي في العهود السالفة ولا سيما في العهد الإسلامي، ولكن من المؤسف أن إحداهما، وهي مدرسة "نظامية خرگرد" انهارت بالكامل بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، والأخرى بقيت محتفظة ببنائها وهي مدرسة "غياثية" ، وهي تتكون من أربعة إيوانات وجزئين أساسيين أحدهما مسجد والآخر قاعة تدريس، وجميع نواحيها مزينة بنقوش وزخارف جميلة من الآجر والفسيفساء.
وكما هو مدون في النقوش الحجرية الموجودة فيها فقد تم تشييدها من قبل "پير أحمد خوافي" وزير الملك شاه رخ التيموري وأشرف على عمليات البناء والعمارة الأخوان قوام الدين وغياث الدين الشيرازيين، لكن الأول توفي قبل اكتمال البناء ليبقى أخوه وحيداً في الإشراف عليه وقد تمكن من إتمامه في سنة 848 هـ، والملفت للنظر أنّ "غياث الدين" كان لقباً للوزير "پير أحمد خوافي" أيضاً لذلك أطلق هذا الاسم عليها تيمناً به وبمعمارها الذي شيدها.
* أطلال "سنگان"
تقع مدينة "سنگان" الأثرية على مسافة 100 كم من مشهد المقدسة وهي بعيدة نسبياً عن مدينة "خواف"، وقد كانت عامرة ومنتشعة بالنشاط والحركة إبان العصور الإسلامية الأولى لكن لم يبق منها اليوم سوى أطلال فيها آثار لمسجد اسمه مسجد "گنبد" وفيه رواقان تعلو كل واحد منهما قبة مزينة بالزخارف الجبسية الجميلة، وفي أحدهما يوجد قبر دفن صاحبه في العهد الصفاري الذي انتعش هناك في القرن الثالث الهجري.