ويحتفل الشعب الإيراني كل عام بذكرى عودة الإمام الخميني (قدس) بعد 14 عاماً قضاها في المنفى بتركيا والعراق وفرنسا، وبدء أيام عشرة الفجر التي انتهت بالإعلان عن إنهيار النظام الملكي البائد في 11 شباط/فبراير 1979.
وسميت هذه الأيام بـ "عشرة الفجر" حيث شكّلت صفحة جديدة في تاريخ إيران، مرتبطة بدايتها بعودة الإمام روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية ومفجرها الكبير من منفاه إلى أرض الوطن، وانتهت بانتصار الثورة والإعلان الرسمي عن انهيار النظام الملكي البائد.
وتشهد مختلف المدن في شتى أرجاء الجمهورية الإسلامية الايرانية، مراسم يشارك فيها الشعب الإيراني احتفاء بهذه الذكرى المباركة. وسيتم خلال الأيام العشرة تدشين مشاريع وإزاحة الستار عن إنجازات في مختلف المجالات وصولاً الى الحادي عشر من فبراير الذكرى الثالثة والاربعين لانتصار الثورةِ الاسلامية في ايران.
ويجدد الشعب الإيراني الولاء والعهد للإمام المؤسس والشهداء بالسير علي خطاهم، والتمسك بالنهج الذي سلكوه.
يذكر انه أعلن الإمام الخميني (قدس سره) في رسالة قصيرة لوكالات الأنباء العالمية بعد خروج الشاه من ايران يوم 16 يناير عام 1979: إن خروج الشاه من إيران هو الخطوة الأولى في إنهاء الحكم الإجرامي للنظام البهلوي الذي دام 50 عاماً، والتي حدثت في ظل النضالات البطولية للشعب الإيراني واهنئ الشعب على هذا النصر. وأعلن أنه سيعود الى ايران "في الوقت المناسب".
وفي الأول من فبراير 1979 عاد الإمام الخميني (قدس سره) بعد 14 عاماً إلى طهران حيث نفاه محمد رضا بهلوي والذي كان شاه إيران يوم الثالث من التشرين الثاني عام 1964 م، أولاً إلى مدينة أنقرة (تركيا)، ومن ثم إلى مدينة بورصا التركية، حيث قامت قوات الأمن الإيراني والتركي المكلّفة بمراقبته، بمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي أو اجتماعي، ثم في سبتمبر 1965 للعراق وأخيراً في 6 أكتوبر 1973 لفرنسا. واحتفالاً بعودته الظافرة توجّه نحو خمسة ملايين إيراني من سكان العاصمة طهران والمدن الإيرانية الأخرى إلى مطار مهرآباد الدولي في غرب طهران، لاستقبال الإمام الخميني (رض) الذي عدّ بأنه الأضخم في التاريخ.
ورافق الإمام الخميني (رض)، على متن الطائرة التابعة للخطوط الجوية الفرنسية من طراز بوينغ 747، بعض أنصاره بالإضافة إلى عدد كبير من الصحفيين، ورغم إغلاق السلطات التابعة للنظام الملكي الذي كان مايزال قائماً مدرج المطار، ما أدى إلى تأجيل الرحلة لعدة مرات وإطلاق التهديدات بإسقاطها، ونصيحة المقربين بتأجيل عودته حتى إزالة المخاطر الإحتمالية، إلاّ أنّ الإمام أصرّ على العودة، مؤكداً ضرورة الإسراع في انضمامه إلى صفوف الشعب حتى إسقاط النظام، وهكذا تمّ له ما أراد، وعاد بسلام وفشلت المؤامرة.
وفي الطائرة، ورغم القلق الذي كان يشعر به الكثير من ركابها من احتمال استهدافها من قبل قوات النظام الملكي، إلاّ أنّ الإمام الخميني (رض)، بدت عليه علامات الإطمئنان والسكينة حيث كان مبتسماً وهادئاً طيلة الرحلة ونهض لأداء الصلاة في الطائرة.
وبعد وصوله إلى أرض المطار، كانت لجنة الاستقبال التي شكّلها أنصاره قد أعدت مراسم حافلة بدأت بكلمة ترحيبية، ثم قرأت مجموعة من الشبان نشيداً يشيد بشخصية الإمام الفريدة وقيادته الحازمة للثورة في مواجهة النظام الملكي، فيما كانت صالة المطار مكتظة بالمستقبلين، ومن ثم خرج الإمام الخميني من طهران لتحية الجماهير المليونية التي كانت بإنتظاره، إذ احتشدت منذ أيام في الشوارع والطرقات المؤدية إلى أرض المطار.
توجّه الإمام الخميني إلى مقبرة جنة الزهراء، وألقى كلمة تاريخية ماتزال أصداءها حاضرة في ذاكرة الشعب، وأصبحت الكثير من عباراتها تجري مجرى الأمثال على ألسنة الناس، ومن أبرز ماقاله أنه سيوجه الصفعة الأخيرة للحكومة غير الشرعية، وأنه سيشكّل حكومة ثورية بتأييد وتفويض من الشعب، داعياً إلى مواصلة الانتفاضة والثورة حتى القضاء النهائي على النظام الملكي العميل للغرب، وتشكيل حكومة تعتمد الإسلام سلوكاً ومنهجاً واضحاً.