غالباً ما يتم دفن الملوك والملكات أصحاب المنزلة الخاصة، عبر التاريخ، في مواقع مميزة، تُظهِر مستوى ما وصلوا إليه من مكانة خلال حياتهم، ولكن ماذا عن مقابر ملوك مشاهيرٍ لم يتم اكتشافها حتى يومنا هذا؟
ويُعتقد أن الغالبية العظمى من هذه المقابر المفقودة تحتوي على كنوز مثل تلك المكتشفة في مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ آمون (1323-1332) ق.م.
وبحسب ما ورد بموقع Ranker للأرقام القياسية، دُفن مارك أنطوني وكليوباترا "بطريقة رائعة وملكية"، ولكن لم يتم العثور على قبريهما حتى اليوم أيضاً.
حتى إنه في بعض الأحيان تم الاحتفاظ بمواقع تلك المقابر سراً بشكل متعمد، إذ احتفظ الغزاة مثل جنكيز خان وأتيلا الهوني عمداً بموقع مقابرهم سرية، حتى إنهم قتلوا الشهود على حفرها وإعدادها لتحقيق هذه الغاية، ولقرون فشلت الجهود في العثور على قبر جنكيز خان.
لكن في حالات أخرى، فُقدت مواقع المقابر تلك بمرور الوقت بسبب الكوارث الطبيعية مثلاً، وكان قبر الإسكندر الأكبر يُقدَّس في فترة معينة من التاريخ، ويتم الحج من حول العالم لزيارته، إلى أن أخفت الكوارث الطبيعية موقعه.
في هذا التقرير نستعرض أبرز الملوك الذين حكموا بقعاً شاسعة من الأرض، ولكن لم يتم تحديد أو العثور على مقابرهم إلى يومنا هذا.
1- الغازي المغولي جنكيز خان
بالرغم من العلم المتقدم والمتطور في تحديد المواقع والتنقيب الأثري، فإن حقيقة أننا لم نعثر إلى يومنا هذا على مثوى جنكيز خان الأخير يدل على أن رغبات الزعيم المغولي قد تحققت بالفعل.
وتشير المصادر الصينية والفارسية وفقاً لموقع Archaeology للتنقيب والآثار، إلى أن خان توفي عام 1227، خلال حملة له في الصين، وأعاد ابنه جثته إلى منغوليا، وقد اتبع الجنود مطالب خان بالحفاظ على مكان القبر سرياً.
ويبدو وفقاً للموقع أنهم فعلوا ذلك عن طريق إخفاء القبر بالسير على الطريق بـ 10.000 حصان، إلى أن أصبحت الأرض مستوية، وقاموا كذلك بتحويل نهر فوقه لحمايته من السرقة.
ويتضح وفقاً للباحثين أنهم قتلوا أي شخص شاهد الجنازة لكي لا يتمكن أحد من الكشف عن مكان القبر الذي دُفِن فيه جنكيز خان. وهي الآن واحدة من أكثر المقابر شُهرة بين علماء الآثار والتنقيب، إذ يعتقد العديد من العلماء أن خان مدفون في سلسلة جبال خينتي بمنغوليا، تحت أحد الأنهار الجارية هناك.
2- الملكة بوديكا المنسية في بريطانيا
عندما غزا الرومان ما يُعرف الآن بإنجلترا، حوالي عام 43 ميلادياً، سمحوا لبراسو تاغوس، زعيم قبيلة سلتيك إيسيني في هذا الموقع، بالاستمرار في حكم شعبه.
ولكن بمجرد وفاة براسو تاغوس عام 60 ميلادياً، بدأت المشاكل، ولم يقتصر الأمر على مصادرة الرومان لأرض إيسيني وفرض الحكومة الرومانية على المكان، بل قاموا بجلد أرملته بوديكا، واغتصبوا بناته.
وبحسب مجلة Discover Magazine العلمية، قادت الملكة المظلومة تحالفاً من القبائل المتمردة التي قامت بنهب مستعمرتين رومانيتين وكادت تطرد الرومان تماماً من الجزيرة، لكن في النهاية هُزمت بوديكا في معركة عام 61 م، وفقاً للمؤرخ الروماني تاسيتوس، وسممت نفسها لتجنُّب الأسر.
هذه الشخصية المميزة التي قادت ثورة ضد الغزاة الرومان لم يتم العثور على مثوىً لها إلى يومنا هذا، وهناك بعض الادعاءات بأنها دفنت تحت محطة كينجز كروس في لندن.
على كلٍّ، هذا لا يعني أن الملكة المحاربة منسية، إذ أصبحت بوديكا بطلة بالنسبة لنساء حركة حق الاقتراع البريطانية أواخر القرن التاسع عشر، وتم إنشاء تمثالٍ مُتخيل لها في لندن اليوم كتذكير باستقلال البريطانيين، والأهم من ذلك التذكير بقوة النساء بشكل عام.
3- الملكة كليوباترا وحبيبها السياسي الروماني أنطوني
حدث الانتحار المزدوج الشهير للزوجين حوالي سنة 30 قبل الميلاد، بعد أن طاردهما أوكتافيان (المعروف فيما بعد بالإمبراطور أوغسطس) وصولاً إلى الإسكندرية في مصر، حيث أقدما على الانتحار.
وفي حين أنه من المتفق عليه على نطاق واسع أن مارك أنتوني طعن نفسه في بطنه، لا يزال هناك جدل بشأن طريقة وفاة كليوباترا.
وتقول الأسطورة بحسب موقع List Verse إنها ماتت بلدغة ثعبان سام في ذراعها، بينما يقول البعض إنها كانت مشهورة بحمل سم مميت في دبابيس شعرها، وبالتالي من الممكن أنها استخدمتها للانتحار.
وبحسب روايات المؤرخ القديم بلوتارخ عن دفن الملكة وحبيبها، قال إنهما دُفنا "بطريقة رائعة وملكية" في مقبرة بالقرب من الإسكندرية، بالرغم من أنه اعترف بأن ما حدث بالفعل "لا يعرفه أحد".
وفي عام 2009، استكشف علماء الآثار معبد تابوزيريس ماجنا بأبو صير في مصر، وهناك عثروا على تمثال نصفي يظهر جزءاً من وجه كليوباترا، وقناع يُعتقد أنه ملك لمارك أنطوني، وعملات معدنية تشبه الملكة المصرية الشهيرة.
كل هذا يشير إلى أن الزوجين لم يُدفنا بعيداً عن هذا الموقع، وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن كليوباترا شيدت مقبرة لنفسها قبل وفاتها، بينما يعتقد البعض أن مقابرهم تقع في قاع المحيط.
4- الإسكندر الأكبر
كان موقع دفن الإسكندر الأكبر في يوم من الأيام موقعاً يحظى باحترام كبير ويحج إليه الناس من أصقاع الأرض.
أمضى الإسكندر الأكبر 12 عاماً في غزو بلاد فارس والشرق الأدنى ومصر وضمها لإمبراطوريته اليونانية. وقد توفي عن عمر يناهز 32 عاماً فقط عام 323 قبل الميلاد.
وبينما استقبل قبره الزوار قبل 2000 عام، لا يزال موقعه مجهولاً حتى اليوم.
وبحسب موقع Ranker للمعلومات، دُفن الإسكندر الأكبر الذي أعلن نفسه فرعوناً في مدينة ممفيس الفرعونية، جنوب الجيزة في مصر.
وكان هذا ضد رغبات الإسكندر المُعلنة قبل وفاته، في أن يُدفن في مدينة سيوة غرب مصر، لكن الجثمان قد أُخذ من قبل أحد خلفائه المحتملين، وهو بطليموس الأول.
ثم في وقت لاحق تم نقل رفات الإسكندر إلى الإسكندرية، المدينة التي سُميت على اسمه، والتي أصبحت أكبر مدينة في العالم الهلنستي.
حينها أصبح القبر موقعاً مقدساً تقريباً، وتمت معاملته كمعبد للإله، وقد زار يوليوس قيصر القبر في سنة 48 -47 قبل الميلاد للحصول على البركة، وفقاً للموقع.
بعد مرور قرون على وفاة الإسكندر الأكبر، اجتاحت الفيضانات مدينة الإسكندرية، وهدمتها عدة زلازل قوية، ثم بدأ مستوى سطح البحر في الارتفاع، ما اضطر سكان الإسكندرية ببساطة للبناء فوق الأطلال القديمة لرفع مستوى المدينة.
ونتيجة لذلك، ضاع قبر الإسكندر حتى اليوم، وبعد أكثر من 140 عملية تنقيب بحثت عن قبر الإسكندر، لكن حتى الآن لم يعثر أحد على مثوى الغازي الأشهر في تاريخ مصر القديم.
5- أتيلا الهوني
كحاكم للهون -وهي شعوب بدوية عاشت في آسيا الوسطى، والقوقاز، وأوروبا الشرقية، بين القرنين الرابع والسادس الميلادي- نصَّب أتيلا نفسه كواحد من أعظم أعداء الإمبراطورية الرومانية.
حكم أتيلا الهون من 440 إلى 453 ميلادياً، وبعد أن ورث إمبراطورية امتدت من جبال الألب إلى بحر قزوين، تفاوض أتيلا على معاهدة مع الرومان تضمنت دفع "أموال الحماية" إلى أتيلا، لكن عندما لم يدفع الرومان، هاجم أتيلا مدنهم ونهبها، ويُعتقد أن غاراته كانت عاملاً مهماً في سقوط روما.
في كتاب "تراجع وسقوط الإمبراطورية الرومانية"، يصف المؤرخ إدوارد جيبون موت أتيلا: "انفجر شريان فجأة: وبينما كان مستلقياً في الفراش، فقد اختنق بسيل من الدم الذي بدلاً من العثور على ممر عبر فتحات الأنف، ارتجع إلى الرئتين والمعدة".
وقد عزا المؤرخون في ذلك الوقت السبب في الوفاة إلى الإفراط في شرب الخمر في وليمة الزفاف.
وبحسب القصة المتداولة نقلاً عن مجلة Discover Magazine، فإن جثة أتيلا دُفنت في ثلاثة توابيت متداخلة، أحدها من الحديد والثاني من الفضة والثالث من الذهب.
كما قيل إن الرجال الذين دفنوه قُتلوا حتى لا يتمكنوا من الكشف عن مكان الدفن.
ويُعتقد أن القبر موجود في مكان ما فيما يعرف الآن بالمجر، لكن الموقع الدقيق لا يزال لغزاً حتى اليوم.
ونظراً لمكانة هذا الملك لدى شعبه، قيل إن المحاربين أعلنوا شعائر خاصة يوم وفاته للحداد، وصلت إلى حد حلق شعورهم وتقطيع خدودهم حزناً على وفاته.