أولاً: إنّ عقيدتنا في المهدي المنتظر (ع) أنّه تابع لدين جده المصطفى (ص) وسائر على هديه، وهو خليفته كما تنص على ذلك الكثير من الروايات الواردة عن الأئمة من أهل البيت (ع)، وعليه فكيف ينسخ دينه أو يأتي بدين جديد!؟ ففي تفسير العياشي عن رفاعة بن موسى قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في تفسير قوله تعالى {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً}، قال: "إذا قام القائم (ع) لا يبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (ص)."
إنّ الإمام المهدي (ع) هو محيي كتاب الله تعالى وسنة رسوله (ص) وليس ناسخاً لهما، فعن الإمام علي (ع) في ذكر المهدي ونهضته: "ويحيي ميت الكتاب والسنة"، ويشير عليه السلام في الخطبة عينها إلى أنّ رأي المهدي (ع) هو تبع للكتاب والسنة: "ويعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي."، وعن الباقر (ع) في تفسير قوله: "وقاتلوا المشركين كافة... ويكون الدين كله" "وليبلغن دين محمد ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله" في إشارة منه (ع) إلى قوله الله تعالى:{ويكون الدين كله لله}. والروايات في هذا المجال كثيرة جداً.
ثانياً: وأمّا ما جاء في بعض الروايات من أنّه (ع) "يقوم بأمر جديد وكتاب جديد وسنة جديدة وقضاء جديد"، كما جاء في رواية أبي حمزة الثمالي عن الإمام الباقر (ع)، فلا يراد بها إطلاقاً أنّه يأتي بدين جديد مغاير لدين جده المصطفى (ص)، كلا، وإنّما المقصود به أنّه وبسبب غربة الأمة عن دينها وابتعادها عن صفاء التوحيد وإشراقة الرسالة، كما نبّهت على ذلك الأحاديث النبوية الشريفة كما في قوله (ص) فيما روي عنه: "إنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدا فطوبى للغرباء"، وفي كتب إخواننا أهل السنة روي عنه (ص): "يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صام ولا صدقة ولا نسك."، إنه وبسبب ذلك وحيث إنّه (ع) سوف يواجه كل هذ الزيف ويزيل كل تلك البدع التي أدخلت على الإسلام ويصحح كل تلك التحريفات التي شوّهت صورته النقية، وأدّت إلى اندراس مفاهيمه وقيمه وحدوده.. سيبدو أن ما يفعله الإمام (ع) هو الإتيان بأمر جديد أو دين جديد، لأنّ الناس قد اعتادت نمطاً خاصاً من دينها وألفت صورة خاصة عنه مع أنها مجرد عادات بعيدة عن حقائق الإسلام.
فما يفعله المهدي (ع) ليس سوى إعادة الناس إلى أصالة الإسلام، ففي الحديث عن أبي عبد الله (ع) قال: " إذا قام القائم عليه السلام دعا الناس إلى الإسلام جديداً وهداهم إلى أمر قد دثر فضلّ عنه الجمهور، وإنّما سمي القائم مهدياً لأنه يهدي إلى أمر قد ضلوا عنه، وسمي بالقائم لقيامه بالحق.
ولو أن بعض الروايات أوهمت أنّه يأتي بسنة مغايرة لسنّة جده المصطفى (ص)، أو بكتاب غير كتاب الله تعالى فلا بدّ أن ترمى وتضرب عرض الحائط بإجماع علماء الأمة.
الشيخ حسين الخشن