البث المباشر

تفسير موجز للآيات 22 الى 26 من سورة فاطر

الإثنين 13 إبريل 2020 - 17:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 794

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين السلام عليكم أحبتنا الأكارم ورحمة الله وبركاته ..معكم ضمن حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة حيث نواصل أخذ الدروس والعبر في الايات 22 إلى 26 من سورة فاطر المباركة .. نبدأ لقاءنا بالاستماع إلى تلاوة مرتلة للايتين 22 و23 من هذه السورة المباركة.

وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ﴿٢٢﴾

 إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ ﴿٢٣﴾

استكمالا للايات التي تحدثنا عنها في الحلقات الماضية تقارن الأية بين المؤمن والكافر فتقول : (وما يستوي الأحياء ولا الأموات).بمعنى أن المؤمنين حيويون، أصحاب النشاط و الحيوية و التحرك ، لهم فروع وأوراق وورود وثمار، أمّا الكافر فمثله كمثل الخشبة اليابسة، لا فيها طراوة ولا ورق ولا ورد ولا ظلّ لها، ولا تصلح إلاّ حطباً للنار. وفي ختام الآية يضيف تعالى: (إنّ الله يُسمع من يشاء) لكي يسمع دعوة الحقّ ويلبّي نداء التوحيد ودعوة الأنبياء (وما أنت بمسمع من في القبور).فمهما بلغ صراخك يا نبي الله ، ومهما كان حديثك قريباً من القلب، ومهما كان بيانك معبّراً، فإنّ الموتى لا يسعهم إدراك شيء من ذلك، ومن فقد الروح الإنسانية نتيجة الإصرار على المعاصي، وغرق في التعصّب والعناد والظلم والفساد، فبديهي أنّ ليس لديه الإستعداد لقبول دعوتك.

وعليه فلا تقلق من عدم إيمانهم، ولا تجزع، فليس عليك من وظيفة إلاّ الإبلاغ والإنذار (إن أنت إلاّ نذير).

تعلمنا الايتان المباركتان دروسا منها:

  • إن الإيمان ينفخ الروح والحياة في جسم الانسان لا بل في المجتمع وأن الكفر هو سبب انهيار الفرد والمجتمع .
  • إن الدعوة إلى اعتناق الدين وتعاليم التوحيد أمر ضروري جدا و لكن إذا لم يكن الناس على استعداد لقبول تلك التعاليم فيجب أن لا نتوقع حصول تأثير الدين عليهم .
  • ينبغي أن لا يؤدي كفر الناس وإعراضهم عن الدين والتعاليم التوحيدية إلى ظهور الشك والريب في صحة وحقيقة طريقنا إلى الله تعالى .

 

والان إليكم تلاوة الاية 24 من سورة فاطر المباركة ..

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴿٢٤﴾

تمثل هذه الاية مواساة للرّسول (ص) تخفيفا لآلامه و احزانه على كفر الناس وإعراضهم عن الله تعالى .تقول الآية الكريمة: (إنّا أرسلناك بالحقّ بشيراً ونذيراً وإنّ من اُمّة إلاّ خلا فيها نذير). يكفيك يا رسول الله من أداء وظيفتك أن لا تقصّر فيها، أوصل نداءك إلى مسامعهم، بشّرهم بثواب الله، وأنذرهم عقابه، سواء استجابوا أو لم يستجيبوا. الملفت للنظر أنّه تعالى قال في آخر آية من الآيات السابقة مخاطباً الرّسول الأكرم (إن أنت إلاّ نذير)، ولكنّه في الآية الاُولى من هذه الآيات يقول: (إنّا أرسلناك بالحقّ بشيراً ونذيراً) إشارة إلى أنّ الرّسول (ص) لا يقوم بهذا العمل من عند نفسه، وإنّما هو مأمور من قبل الله تعالى.

وإذا كانت الآية السابقة قد ركّزت على الإنذار فقط، فلأنّ الحديث كان حول الجاهلين المعاندين الذين هم كالأموات المقبورين الذين لا يتقبّلون أي حديث، أمّا هذه الآية فإنّها توضّح بشكل كامل، وظيفة الأنبياء الثنائية أي "البشارة" و "الإنذار"، مؤكّدة في آخرها من جديد على "الإنذار" لأنّ الإنذار هو القسم الأساس من دعوة الأنبياء في قبال المشركين والظلمة.

نستلهم من الاية معاني ودروسا منها:

  • إن البشارة والإنذار أمران تربويان ينفعان إذا استخدما معا . فوجود كل واحد منهما دون الاخر يعتبرنقصا في الأدوات التربوية و النمو الروحي لدى الانسان .
  • إن المجتمع الذي يعاني من الغفلة فهو يحتاج إلى التذكير والإنذار أكثر من حاجته إلى البشارة .
  • إن الله تعالى لا يترك الأرض تخلو من حجته ليوصل إليهم رسالات الله تعالى فيبشرهم وينذرهم .

 

والان ننصت إلى تلاوة الايتين 25 و 26 من سورة فاطر:

وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿٢٥﴾ 

ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿٢٦﴾ 

تخاطب الأية المباركة النبي (ص) بالقول : (وإن يكذّبوك) فالاية بصدد نفي العجب من إنكار الناس لرسالة الانبياء فتقول له : ولا تحزن بسبب ذلك، لأنّه (فقد كذّب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبيّنات وبالزبر وبالكتاب المنير). و كأن الاية تقول يا رسول الله لست وحدك الذي أصبحت موضع تكذيب هؤلاء القوم الجاهلين بما عندك من معاجز وكتاب سماوي، فقد واجه الرسل من قبلك هذه المشكلة أيضاً، لذا فلا تغتمّ وواصل سيرك بحزم، واعلم أنّ من كُتبت له الهداية فسوف يهتدي.

وتشير الآية الأخيرة من هذه الآيات إلى العقاب الأليم لتلك المجموعة فتقول: (ثمّ أخذت الذين كفروا) فلم يكونوا بمنأى عن العقاب الإلهي، وإن استطاعوا أن يستمروا بتكذيبهم إلى حين. فبعض عوقبوا بالطوفان، وبعض بالريح العاصفة المدمّرة، وآخرون بالصيحة والصاعقة والزلزلة.

وإلى بعض من تعاليم الايتين:

  • إن دعوة الأنبياء إلى العدل والتوحيد كلام في غاية الوضوح والبيان ولذلك سميت بالبينة .
  • إن إنكار الحق بعد إداركه وفهمه يمهد لنزول العذاب والغضب الإلهي .
  • إن عذاب الله لا يتحقق في الأخرة فحسب بل إن الدنيا هي الأخرى تشهد غضب الجبار بحق المنكرين المعتدين .

.. في الختام نشكركم على المتابعة ونستودعكم الله والسلام عهليكم ورحمة الله وبركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة