البث المباشر

آية التطهير ومنزلة علي(ع)

السبت 28 سبتمبر 2019 - 10:32 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 37

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين، وأفضل الصلاة والسلام على محمدٍ خاتم النبيين، وعلى آله الطيبين الطاهرين. إخوتنا واعزتنا المؤمنين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم مرة اخرى في لقائنا المتجدد هذا معكم، وعودة الى آية التطهير، وهي قوله تبارك وتعالى : "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (سورة الاحزاب الآية ۳۳)، ومن خلال مراجعة التفاسير، علم إجماع المسلمين بروايات مستفيضة بل ومتواترة، أن المراد بأهل البيت في الآية الكريمة هم العترة الطاهرة: علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، وأن الاية نازلة فيهم، حيث جللهم النبي صلى الله عليه وآله بكسائه ثم قال: اللهم هؤلاء اهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. روى ذلك احمد بن حنبل في مسنده بثمان طرق متفقة المعاني، ومسلم والبخاري في صحيحيهما، والحميدي في الجمع بين الصحيحين، والبيضاويّ في تفسيره، والحاكم في المستدرك، والطبراني في معجميه، الكبير والصغير، وغيرهم كثير، حتى قال بن حجر في (الصواعق المحرقة): أكثر المفسرين على أن الآية نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. كذلك نقل عنه ان اكثر المفسرين والمحدثين والمؤرخين على ذلك في تفسير الآية. اجل، وذلك واضحٌ بين نقرأه في (خصائص أمير المؤمنين) للنسائي، وتفسير (الجامع مع لأحكام القرآن) للقرطبيّ، و(كفاية الطالب) للكنجي الشافعيّ و(تاريخ بغداد) للخطيب البغداديّ، و(مناقب علي بن ابي طالب) لابن المغازلي الشافعي، و(الفصول المهمة) لابن الصباغ المالكي، و(مصابيح السنة) للبغوي، و(مشكاة المصابيح) للتبريزيّ، و(مجمع الزوائد) للهيثمي، و(نظم درر السمطين للرزندي)، وغيرها من عشرات المصادر التفسيريّة والمجامع الحديثية، السنية والشيعية، بما يوصل الباحث الى أن حديث الكساء في ظل آية التطهير حديث متفق عليه بين الفريقين.
ومن خلال التجوال في غمرة الروايات المتعلقة بأية التطهير أيها الإخوة الأفاضل، تعليقات، وتهشيمات، ربما تكون لها آثار ومعان خاصة. فمثلاً نقرأ للحاكم النيسابوريّ في مستدركه بعد أيراده حديث الكساء وسبب نزول آية التطهير، أيها الاخوة الأفاضل، تقع اعيننا بين الاونة والاخرى على ملاحظات، وتعليقات، وتهشيمات، ربما تكون لها آثارٌ ومعان خاصة. فمثلاً نقرأ للحاكم النيسابوري في مستدركه بعد إيراده حديث الكساء وسبب نزول آية التطهير، قوله: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. ونجد ابن جرير الطبري يروي الحديث في تفسيره (جامع البيان) عن عائشة، وبعد ان يذكر السيوطي هذا الحديث في تفسيره (الدرّ المنثور) يكتب: اخرجه ابن ابي شيبة، واحمد، وابن أبي حاتم. ولا يكتفي الزمخشري ذكره في ظل آية التطهير، بل يدرجه أيضاً في ظل آية المباهلة. والفخر الرازي يورد الرواية ثمّ يعلق عليها بقوله: واعلم ان هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث: ولا يكتفي المحدثون بتثبيت الحديث حول مناسبة نزول آية التطهير من طريق واحد، أو راو واحد، بل يعددون جميع طرقه ورواته، ما يشعر أن الحديث الشريف تكرر في أكثر من مرة في اكثر من موقع وموقف، وفي اكثر من مناسبة، حتى أن السيوطي مثلاً يكتب في (الدرّ المنثور) قائلاً: عن ابي سعيد الخدري: لما نزلت الآية: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ" (سورة طه الآية ۱۳۲)، كان النبي صلى الله عليه وآله يجيء إلى باب علي صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: الصلاة رحمكم الله "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"، وروى السيوطي عن ابن عباس انه قال: شهدت رسول الله تسعة أشهر، يأتي كلّ يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت، "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً"، الصلاة، رحمكم الله، قال ابن عباس: كذا في كل يوم خمس مرات. وقريباً من ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، والرمذي وقد حسنه، وابن جرير الطبري، والطبراني، والحاكم وقد صححه، وابن مردويه عن أنس بن مالك. وعن أبي الحمراء روى الهيثمي في (مجمع الزوائد) والحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل) والبخاري في (التاريخ الكبير)، والطبراني وغيرهم، أنه قال: خدمت رسول الله نحواً من تسعة اشهر أو عشرة، فرأيته عند كل فجر لا يخرج من بيته حتى يأخذ بعضادتي باب علي ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ" ثم ينصرف إلى مصلاه. وفي رواية اخرى قال هلال بن حارث أبو الحمراء: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، فرأيته أذا طلع الفجر جاء إلى باب عليّ وفاطمة فقال: الصلاة الصلاة، "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ".
وأخيراً أيها الإخوة الأحبة، نقف عند بعض الإشارة التي تحوم حول آية التطهير، منها: أن الآية المباركة نازلة في علي أمير المؤمنين، وفاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، صلوات الله عليهم أجمعين، لتذكير الضمير الوارد في الآية (عنكم) والفعل (يطهركم)، كما يرى ابن حجر وغيره ذلك. ومنها أن الآية الشريفة هذه هي منبع فضائل البيت النبوي، كما يقول ابن حجر أيضاً في (الصواعق المحرقة) معللاً بقوله: لاشتمال هذه الآية على غرر مآثرهم، والاعتناء بشانهم، حيث ابتدات ب (انما) المفيدة لحصر ارادته تعالى في امرهم على اذهاب الرجس عنهم، والذي هو الاثم او الشك فيما يجب الايمان به، وعلى تطهيرهم من سائر الاخلاق والاحوال المذمومة. ومن الاشارات المهمة ايضاً اخوتنا الاكارم، ان اصحاب الآية الكريمة آية التطهير هم أنفسهم أصحاب الكساء، واصحاب المباهلة، وهم العترة الذين تركهم النبي مع القرآن، وقال مؤكداً ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً. وهم لا غيرهم الذين وجبت ولايتهم ومودتهم وطاعتهم والاخذ عنهم لا عن غيرهم، وتعينت على الناس تكليفاً عينياً امامتهم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة