البث المباشر

شرح فقرة: يا من هو فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:04 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من هو فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك في لقاءات سابقة عن مقاطع منها، ونحدثك الآن عن مقطع جديد ورد فيه: (يا من هو فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ، يا من هو قريب غير بعيد، يا من هو علي كل شيء شهيد، يا من هو لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ). 
هذه المظاهر من عظمته تعالي امتداد لما سبقها من المظاهر التي حدثناك عنها في لقاءات ماضية.
المهم، ان الفقرة او العبارة الاولي من المظاهر التي تلوناها الآن هي: (يا من هو فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ). تري ماذا نستلهم من العبارة؟ 
ان الله تعالي يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ: ايا كان الفعل، بيد ان الملفت للنظر هو: ان الدعاء قد استخدم صيغة المبالغة في توضيح هذا الامر، حيث قال ان الله تعالي «فَعَّالٌ» اي استخدام صيغة «فَعَّالٌ» بدلاً من صيغة فاعل مثلاً ولا نحتاج الي تأمل طويل حتي ندرك بأن التعبير عن عظمة الله تعالي يأخذ السياق بنظر الاعتبار، فمثلاً اذا اراد الله تعالي - في نطاق التعبير القرآني الكريم - ان يحدثنا عن علمه (تعالي) فان السياق يتطلب حينا بأن يذكر تعالي صفة العلم بنحو مطلق لا ينظر الي كونه تعبيراً عن المبالغة او عدمها بل الي تقرير حقيقة هي انه تعالي «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، لذلك لا حاجة الي صيغة المبالغة بقدر ما يحتاج الأمر الي تقرير هذه الصفة بنحو عام، لكن اذا اراد المبالغة في علم الغيب مثلاً: استخدم صيغة «عَلاَّمُ» فقال تعالي عنه: «عَلاَّمُ الْغُيُوبِ». 
هنا في سياق الحديث عن فعالية الله تعالي نجد ان الدعاء قد استخدم عبارة: «فَعَّالٌ» - وهي صيغة مبالغة ليلفت نظرنا الي فاعلية الله تعالي في ارادته لهذا الشيء او ذاك، من هنا، فان القارئ للدعاء يستكشف سريعاً بأن العبارة المذكورة تستهدف الاشارة الي ان الموضوع اساساً هو: ان الله تعالي «إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» بالضرورة لا تخلف في ذلك. بعد ذلك نواجه عبارة (يا من هو قريب غير بعيد ). فماذا نستلهم منها؟ 
العبارة المذكورة تظل رمزاً أو صياغة صورية تنتسب الي المجاز: بمعني انه تعالي يرعي عبده، والنكتة هي: ان رعايته تعالي تعني: مختلف ما يطمح اليه العبد من التطلعات او الآمال او الحاجات، يستوي في ذلك ان تكون الطموحات المذكورة قد سألها العبد من الله تعالي أو لم يسأله، ان العبارة التي تقول في احد أدعية رجب المبارك (يا من يعطي من سأله، يا من يعطي من لم يسأله تحننا ورحمة) تشير الي هذه الدلالة والمهم هو: ان الدلالة المذكورة قد رمز اليها الدعاء بعبارة (قريب غير بعيد). اي: ان الله تعالي قريب من عبده تبعاً لقوله تعالي «قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ...» وقد اكد الدعاء هذه الدلالة حينما اضاف الي عبارة (يا من هو قريب) اضاف اليها عبارة (غير بعيد) مع انه (القريب) يعني غير البعيد ولكن النكتة البلاغية هي: ان عبارة(غير بعيد) ترمز الي القرب من عبده تعالي في أشد مستويات القرب بحيث تعني: الرعاية التامة غير المحدودة: كما هو واضح. 
اذن اتضح لنا جانب من الاسرار البلاغية الكامنة وراء عبارة (يا من هو قريب غير بعيد) سائلين الله تعالي ان يرعانا برحمته غير المحدودة، وان يوفقنا الي ممارسة الطاعة والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة