البث المباشر

شرح فقرة: يا غالباً غير مغلوب

الإثنين 19 أغسطس 2019 - 09:26 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا غالباً غير مغلوب " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، وما تتضمنه من المعرفة العبادية في ميدان العقائد والاخلاق والاحكام، ومن ذلك دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه البادئة بهذه العبارات (يا غالباً غير مغلوب، يا صنعاً غير مصنوع، يا خالقاً غير مخلوق،...).
هذه الفقرات او المظاهر من عظمة الله تعالى، تشترك في محور هو: انه تعالى خالق وصانع وغالب، ولكنه غير مخلوق او مصنوعاو مغلوب، وهذا يقتادنا الى ان نحدثك اولاً عن المحور المشترك، ثم عن المظاهر الاخرى. 
ان النكتة التي نعتزم لفت نظرك اليها هي: ان هذه المظاهر تتحدث عن محور مشترك هو: ان الله تعالى ذاتياً يحمل الصفات المشار اليها وليس عرضياً، فعبارة (يا خالقاً غير مخلوق) تشير بوضوح الى انه تعالى هو الخالق للوجود وليس مخلوقاً من قبل غيره، وهكذا سائر المظاهر التي ورد ذكرها في هذا المقطع من الدعاء. 
والنكتة هنا هي: انه تعالى هو المبدع للوجود في شتى فاعلياته وانه تعالى موجود ازلي ابدي. والآن، لنتحدث عن المظاهر ذاتها، واولها مظهر (يا غالباً غير مغلوب). فماذا نستلهم من ذلك؟ 
ان الله تعالى (غالب) مطلقاً، بمعنى انه المسيطر والمهيمن والقاهر لسواه والمعز به، وقد ورد في سورة يوسف قوله تعالى (عليه السلام) قوله تعالى: «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ»، بمعنى انه غالب على امر نفسه تعالى، او غالب على امر يوسف، وفي الحالتين، فان السيطرة والقهر له تعالى، وليس لسواه، ولا يمكن لسواه ان يكون هو الغالب. والامر نفسه بالنسبة الى سائر ما ورد في المقطع من الغلبة والصنع. اذن، لنتحدث عن المظهر الآخر، وهو عبارة: (يا صانعاً غير مصنوع) ثم عبارة: (يا خالقاً غير مخلوق). 
ربما يتبادر الى الذهن: ما هو الفارق بين الصانع وبين الخالق؟ 
الجواب: المظهران يشتركان في دلالتهما، ويفترقان ايضاً. كيف ذلك؟ 
ان (الخالق) هو: المبدع للشيء، اي: المنشيء له من العدم، كخلق الله تعالى لآدم (عليه السلام) مثلاً، حين انشأه من تراب، والتراب قد أنشأه من العدم، وهذا هو المعنى المشترك بين الخالق وبين الصانع، لذلك نتساءل عن المعنى المفترق أو الفارق بينهما، فما هو؟
الجواب: ان انشاء آدم من التراب هو صنع له، ولكن انشاء التراب هو خلق له، ولذلك يمكننا ان نقول: (يا صانعاً غير مصنوع)، اشارة الى صنع آدم من التراب بعد ايجاد التراب، ويمكننا ان نقول: (يا خالقاً غير مخلوق) اشارة الى ان الله تعالى خلق التراب، وايضاً نستطيع القول انه تعالى (خالق لآدم) في نفس الوقت، اي انه تعالى صانع وخالق لآدم، حيث صنعه من التراب، او خلقه بشراً. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مالك غير مملوك) وهذه العبارة من الوضوح بمكان، فاذا عدنا لنفس المثال عن آدم (عليه السلام) والبشر بعامة، او الى الموجودات جميعاً، أو الى منتهاها في الدنيا والآخرة، غير ان الله تعالى هو المالك لها، بصفة ان الخالق للشيء، او الصانع له، هو كالمالك له بطبيعة الحال. 
والنكتة التي ينبغي لفت الانتباه عليها هي: ان مالكية الله تعالى لكل شيء تجعل الذهن يتداعى سريعاً الى احد مظاهر عظمته، انه تعالى مالك للدنيا، وانه تعالى مالك للآخرة، حيث يربط القارئ لهذه العبارة بين وظيفته في الدنيا ومنعكساته في الآخرة، وكذلك يربط القارئ بين مالكيته الحقيقية لكل الممتلكات وصلة الانسان بها من حيث تداعي ذهنه الى ان كل شيء هو لله تعالى، وان البشر مجرد موظفين سمح الله تعالى لهم بالتصرف في هذا المال او السلعة.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من النكات الكامنة وراء العبارات المتقدمة، سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة