وخلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل البحث في استخدام حق النقض "الفيتو" من الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن ضد مشروع قرار قدمته الجزائر يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين دولةً كاملة العضوية في الأمم المتحدة، أوضح دبلوماسي بعثة الجزائر الدائمة في نيويورك، أحمد صحراوي، أن "دعم الجزائر للفلسطينيين هو دعم طبيعي يمليه عليها واجب الأخوة وتاريخها وكفاحها المرير ضد الاستعمار".
وأضاف صحراوي أنّه من هذا المنطلق، كان من المنطقي أن تحمل الجزائر، التي شهدت أرضها إعلان استقلال فلسطين، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، "مشعل المطالبة بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وأن تعمل خلال عضويتها في مجلس الأمن على تحقيق ذلك".
وأكد صحراوي أنّ بلاده تؤمن بأن مكانة فلسطين الطبيعية في المنظمة هي أنّ تكون عضواً كغيرها من أعضاء الجمعية العامة.
وأعاد تأكيد مقولة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التي أعلنها في الأمم المتحدة في شهر أيلول/سبتمبر الماضي: "نشدد على أنه آن الأوان لفلسطين أن تصبح عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، ولن نألو جهداً حتى يتحقق هذا الهدف".
وشدّد صحراوي على أن "طلب فلسطين العضوية في الأمم المتحدة هو تعبير عن حق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في تقرير المصير"، وأن "كون فلسطين تستوفي جميع شروط العضوية، التي وضعها الآباء المؤسسون لمنظمة الأمم المتحدة وصاغوها بعناية في المادة الرابعة من الميثاق، هو حقيقة لا تقبل الجدال".
وبيّن صحراوي أن "فلسطين دولة محبة للسلام، وأخذت على نفسها التزام ما يتضمنه الميثاق، وهي قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة في ذلك، وهذا واقع يقرّ به أكثر من ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة الذين يعترفون بفلسطين دولة".
ودعا أعضاء مجلس الأمن إلى أن "يستمعوا إلى صوت المجموعة الدولية ويوصوا بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة". وقال إن "مجلس الأمن، وفقاً للمادة الـ24 من الميثاق، يعمل نائباً عن أعضاء الأمم المتحدة، وعليه فلا يصح للمفوض مخالفة رغبة أغلبية الأعضاء وهم أصحاب الاختصاص الأصلي بتنفيذ أحكام ميثاق الأمم المتحدة".
وأكد أن "عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة خطوة نحو تحقيق السلام الدائم والعادل في الشرق الأوسط"، وتُعَدّ صوناً للدولة الفلسطينية التي أقرتها كل قرارات الأمم المتحدة، وتُجمع عليها المجموعة الدولية.
وفي السياق نفسه، حذّر صحراوي من أن الدولة الفلسطينية تتعرّض "اليوم أكثر من أي وقت مضى لخطر التصفية، في ظل سلطة محتلة تضرب بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية، وتنكر حقوق الشعب الفلسطيني"، مذكّراً بأن "الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وصلا إلى مستويات غير مسبوقة", وأن "تهجير أهالي القدس الشريف وتدنيس مقدساته وتهويدها، والحال في غزة وهي أجلى من أن توصف وأوضح من أن يُخبَر عنها، بل توشك أن يتسع فيها الخرق على الراتق مع تهديد الاحتلال باجتياح رفح، الأمر الذي سيكون له أبعاد وخيمة على الأمن والسلم الدوليين".
وتساءل الدبلوماسي الجزائري: "ما الذي تنتظره المجموعة الدولية لتقف وقفة جادة تنهي بها الاحتلال وتحقق مطالب الفلسطينيين، أصحاب الأرض الشرعيين؟"، موضحاً أنه "الحل الوحيد الدائم لأزمات الشرق الأوسط، فلا يمكننا العودة مرة أخرى إلى إدارة الصراع لأنه سيندلع مراراً وتكراراً مع إحداث مزيد من القتل والمعاناة".
وأشار إلى أن "صدقية الأمم المتحدة والنظام الدولي على المحك، في ظل الانتهاكات الجسيمة التي نراها يومياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتعالي التنديد بازدواجية المعايير وإفلات الاحتلال المستمر من العقاب"، موضحاً أن "تحركنا اليوم ومنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة كأول خطوة، أضحيا ضرورة ملحة، لحماية النظام الدولي الذي يوشك أن يتكسر على صخرة مأساة غزة".
واختتم الدبلوماسي الجزائري كلمته قائلاً: "آن لدولة فلسطين أن تصبح عضواً سيداً في الأمم المتحدة".
يشار إلى أن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء بناء على إجراء يعرف باسم "مبادرة الفيتو" الذي تم اعتماده في شهر نيسان/أبريل 2022، ويخول الهيئة الاجتماعَ تلقائياً في غضون 10 أيام بعد استخدام أي من الأعضاء الخمسة دائمي العضوي في مجلس الأمن "الفيتو"، حتى يتسنى للأعضاء التدقيق والتعليق على استخدام حق النقض.
وكان مجلس الأمن فشل، في 18 نيسان/أبريل الماضي، في تمرير مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر، باسم المجموعة العربية، والذي يوصي الجمعية العامة للأمم المتحدة بتمكين دولة فلسطين من الحصول على عضويتها الكاملة في الهيئة الأممية، بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو".
وصوّت 12 عضواً لمصلحة مشروع القرار، في مقابل امتناع بريطانيا وسويسرا، بينما استخدمت واشنطن "الفيتو".
يُذكَر أن المندوب الدائم للجزائر في الأمم المتحدة، عمار بن جامع، أكّد أنّ بلاده ستعود بقوّة وأكثر زخماً، بدعمٍ من شرعية الجمعية العامة للأمم المتحدة، والدعم الأوسع من أعضائها، بشأن إعادة طرح ملف العضوية الكاملة لفلسطين المحتلة في المنظمة.
وخلال كلمة له، قال ابن جامع إنّ هذه الخطوة تأتي استكمالاً لِما بدأته الجزائر في رحلتها نحو العضوية الكاملة لفلسطين المحتلة.
ودعا الذين لم يتمكّنوا من دعم القرار إلى أن "يفعلوا ذلك في المرة المقبلة"، مؤكّداً أنّ التأييد الساحق له، يبعث برسالةٍ واضحة وضوح الشمس، مفادها أنّ فلسطين "تستحقّ مكانها الصحيح" بين أعضاء الأمم المتحدة.
وختم حديثه مؤكّداً أنّ "جهود الجزائر لن تتوقف، حتى تصبح دولة فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة".