البث المباشر

شرح فقرة: يا راحم، يا سالم، يا حاكم

السبت 17 أغسطس 2019 - 12:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا راحم، يا سالم، يا حاكم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا راحم، يا راحم، يا سالم، يا حاكم).
ان هذه الصفات او الاسماء او المظاهر تظل افصاحاً عن عظمة الله تعالى، وفي مقدمتها مظهر (الرحمة) المتمثل في عبارة (يا راحم)، ومع وضوح هذه الصفة الا انها تحتاج الى تعقيب عليها.
في ميدان التجربة البشرية طالما يطرح المعنيون بالشان المعرفي مسالة الخير والعلم، اي: الانسانية والتقدم او التطور التقني او العلمي، بمعنى انهم يطرحون القدرة ويطرحون الانسانية، ويقرون بان القدرة اذا لم تقترن بما هو انساني، فلا فائدة فيها، كما ان العكس وهو الانسانية غير المقترنة بالقدرة لا فائدة فيها، لعدم امكانيته تحقيق الخير، من هنا، ندرك عظمة الله تعالى حينما ننقل تجارب البشر الى خانة السماء، حيث نجد ان (الرحمة) غير منفصلة عن (القدرة) البتة بل ان (الرحمة) تظل هي السابقة لغضبه تعالى، بحيث يحول تعالى سيئات الشخصية الى حسنات، وليس غفرانها فحسب وهذا هو ما لاحدود له من التصور لمفهوم الرحمة.
ونتجه الى مفردة (يا سالم)، فماذا نستخلص منها؟ (السلام) ـ كما هو بين ـ يتقابل مع (الحرب)، او (العدوان)، وهذا يعني، ان السلم او السلام او المسالمة تعني: الحب، المودة، الرفق، الشفقة، الحنان، اي تتجانس مع مفهوم (الرحمة) التي سبق ان حدثناك عنها.
بعدها نتجه الى عبارة (يا حاكم)، فماذا نستخلص منها؟
الجواب: هذه الكلمة (اي، الحاكم)، جذرها هو (الحكم)، اي: اصدار الثواب او العقاب على الشيء، او الفصل بين ما هو خير وشر، او بين ما هو جلي وخفي. 
وعندما ننقل الكلمة المذكورة الى الساحة الالهية، نستخلص بوضوح انه تعالى هو الحاكم في مطلق شؤون المخلوقات دنيويا واخرويا، وبما ان التجربة البشرية وغيرها من الفعاليات المخلوقة يقترن حكمها بما هو محدود من جانب، وبما هو غير ايجابي من جانب اخر، ربما هو غير متسم بامكانيات الصواب المتنوعة، حينئذ فان العبارة حينما توضح بان الله هو (الحاكم) فهذا يعني انه تعالى هو المحدد لجميع الفعاليات المترتبة على السلوك بشريا وسواه.
بعدما نواجه عبارة (يا عالم)، فماذا نستخلص منها؟
الجواب: لا نعتقد ان احدا يجهل دلالة (العالم) بنحو الاجمال، ولكن هذه الكلمة او الصفة بالنسبة الى الله تعالى، تعني العلم غير المحدد، وغير الممكن تصوره البتة، انه العلم المطلق وكفى، واهمية هذا العلم ان مخلوقات الله تعالى في مختلف جهاتها: بشريا وغيرها، ماديا وغيره، تظل مقترنة بالحكمة التي نجعلها تماماً، وما ظاهرة خلق الانسان وجعله خليفة الا واحدة من مصاديق علمه تعالى، حيث صرح تعالى الملائكة بانه يعلم مالا امكانية ذاتية لعلمهم، لذلك اقروا بانهم لا علم لهم، كما هو بين والامر بدروه ينسحب على مطلق الوجود.
اذن (يا عالم) تعني، تسليمنا بانه تعالى يعلم مطلق ما هو الخفي علينا، ويعلم الحكمة المترتبة على ذلك، ومن ثم ينبغي التسليم والتفويض والتوكل على الله تعالى في ما نلحظه ونواجهه ومن الظواهر، ومن المبادئ التي امرنا تعالى بممارستها. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة