البث المباشر

شرح فقرة: "جميع الآفات والعاهات..." (۲)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 17:16 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 37

 

بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم وله عظيم الحمد والثناء إذ جعلنا من امة سيد الانبياء محمد وآله الرحماء صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.


السلام عليكم اخوتنا المستمعين واهلاً بكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا نتابع فيه استلهام دروس الحياة الطيبة الكريمة من فقرات دعاء الحجب الشريف المروي عن حبيبنا الهادي المختار صلوات الله عليه وآله الاطهار، فنتدبر معا في فقرات المقطع الختامي من هذا الدعاء المبارك وهو: (اللهم ... اسالك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وان تصرف عني وعن اهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والكفر والشقاق، والنفاق والضلالة، والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة وشماتة الاعداء وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).


مستمعينا الافاضل، في الحلقة السابقة من هذا البرنامج عرفنا من كتب اللغة واستخدامات الاحاديث الشريفة لمفردتي الآفة والعاهة، ان الآفات تشمل كل عيب يؤدي الى إفساد ثمار الشيء من الامور المادية والمعنوية وهي تشمل ايضاً العيوب الظاهرية والخفية في قوى الانسان وغير ذلك من اسباب معيشته اما العاهات فهي تعني العيوب الظاهرية البدنية والعقلية، وكلا هاتين الطائفتين من العيوب تؤدي الى حرمان الانسان من ثمار الامور المفيدة والنعم الالهية وبالتالي تنغص عليه الحياة الكريمة الطيبة.


وقد هدتنا احاديث اهل بيت الرحمة المحمدية (عليهم الصلاة والسلام) الى ماهية الآفات التي تفسد ثمار النعم لكي نحذر منها ونجتنبها ونحن ندعو الله عزوجل ان يصرفها عنه، ونقلنا بعض هذه الاحاديث الشريفة في الحلقة السابقة وننقل هنا نماذج اخرى منها فكونوا معنا مشكورين.


روي في كتاب غرر الحكم للآمدي رضوان الله عليه عن أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) قال: (لكل شيء آفة، وآفة الايمان الشرك، وآفة اليقين الشرك، وآفة العبادة الرياء وآفة الذكاء المكر، وآفة العقل الهوى وآفة النفس الوله بالدنيا، وآفة النعم الكفران، وآفة الملوك سوء السيرة، وآفة الوزراء خبث السريرة وآفة العلماء حب الرئاسة، وآفة الورع قلة القناعة، وآفة القضاة الطمع وآفة القوي استضعاف الخصم، وآفة الحلم الذل، وآفة الاقتصاد الخل، وآفة العلم ترك العمل به وآفة العمل ترك الاخلاص، وآفة القدرة منع الاحسان، وآفة الجود التبذير وآفة المعاش سوء التدبير، آفة الكلام الاطالة وآفة الخير قرين السوء وآفة الغنى البخل وآفة الاقتدار البغي والعتو).


وروي في كتب فقه الرضا (عليه السلام):(اياكم والحرص والحسد فانهما اهلكا الامم السالفة، واياكم والبخل فانه عاهة لا يكون في حر ولا مؤمن انه خلاف الايمان).


وفي كتاب مصباح الشريعة عن الصادق (عليه السلام) قال: (آفة العلماء ثمانية أشياء: الطمع والبخل، والرياء والعصبية وحب المدح، والخوض فيما لم يصلوا الى حقيقته، والتكلف في تزيين الكلام بزوائد الالفاظ، وقلة الحياء من الله والافتخار، وترك العلم بما علموا).


هذه مستمعينا الافاضل نماذج للاحاديث الشريفة التي تعرفنا بالآفات الماحقة للنعم والتي ينبغي ان نعرفها مقدمة للاستعانة بالله عزوجل لاجتنابها، وقد هدتنا الاحاديث الشريفة الى سبل النجاة من هذه الآفات، ومنها تقوية روح الورع والتحرر من اسر الشهوات والتحلي بالصبر في مواجهتها والعلم والبصيرة بها، وهذه ما تشير اليه الحكم العلوية التالية التي نختارها من كتاب غرر الحكم، قال امير المؤمنين (عليه السلام): (من كثرت مخافته قلت آفته، القانع ناج من آفات المطامع، الشهوات آفات قاتلات وخير دوائها اقتناء الصبر عنها، امنع نفسك من الشهوات تسلم من الآفات، بعوارض الآفات تتكدر النعم ورأس الآفات الوله بالدنيا والوله باللذات، من تسرع الى الشهوات تسرع اليه الآفات ومدمن الشهوات صريع الآفات ولا تقوم حلاوة اللذة بمرارة الآفات).


اعزاءنا المستمعين، وكما تلاحظون في الحكم العلوية المتقدمة ونظائرها من احاديث اهل بيت الرحمة (عليهم السلام) فان الآفات المفسدة للنعم تؤدي الى تنغيص طيب الحياة الكريمة وتمنع الانسان من التلذذ الصحيح بها. هذا في الدنيا فضلاً عن عواقبها السيئة في الحياة الآخرى.


كما تهدينا الاحاديث الشريفة الى أن من وسائل النجاة من الآفات والعاهات التوكل على الله عزوجل ومخالفة اهل التشاؤم والطيرة، كما يشير لذلك حديث مولانا الامام علي النقي الهادي المروي في كتاب الخصال وقد سئل عن قول القائلين بشؤم السفر يوم الاربعاء، فاجاب (عليه السلام): (من خرج يوم الاربعاء ... خلافاً على اهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضى الله حاجته).


كما ان من امضى الوسائل في النجاة مما نعلم ولا نعلم من الآفات والعاهات هو الاستعانة بالله لصرفها عنا وعن جميع المؤمنين، كما جاء في دعاء الحجب الشريف وغيره من ادعية اهل بيت الرحمة )عليهم السلام( نظير قول الامام زين العابدين (عليه السلام) في احد ادعية الصحيفة السجادية المباركة: (اللهم صل على محمد وآله وانزل علينا نفع هذه السحائب وبركتها، واصرف عنا آذاها ومضرتها ولا تصيبنا فيها بآفة ولا ترسل على معا يشنا عاهة، اللهم وان كنت بعثتها نقمة وارسلتها سخطة فانا نستجيرك من غضبك ونبتهل اليك في سؤال عفوك يا ارحم الراحمين).


نشكر لكم ايها الاطائب طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامج (ينابيع الرحمة) قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. تقبل الله اعمالكم ودمتم بالف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة