البث المباشر

شرح فقرة: "وأسالك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك..."

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 17:27 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 20

 

بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد والمجد لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رب العالمين وارحم الراحمين، وازكى صلواته على معاقد عز عرشه المكين ومنتهى رحمته للخلائق اجمعين، محمد الصادق الامين وآله الطيبين الطاهرين.


سلام من الله عليكم ايها الاطائب، اطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، نتابع فيه التعرف على الاسماء الالهية الحسنى التي امرنا الله عزوجل بان ندعوه بها في قرآنه الكريم، وذلك من خلال التدبر في المقطع الثالث من سيد ادعية اهل المعرفة وهو الدعاء المعروف بدعاء الحجب او الاحتجاب الذي ورثه الهادي الامين (صلى الله عليه وآله) امته، نتبرك اولاً بقراءة هذا المقطع من الدعاء وهو: (اللهم ... اسالك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وبكل اسم هو لك سميت به نفسك، او استاثرت به في علم الغيب عندك، وبكل اسم هو لك انزلته في كتابك. او اثبته في قلوب الصافين الحافين حول عرشك فتراجعت القلوب الى الصدور عن البيان باخلاص الوحدانية وتحقيق الفردانية مقرة لك بالعبودية وانك انت الله انت الله انت الله لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ، ...).


مستمعينا الاكارم، روى الشيخ العارف الجليل ابن فهد الحلي في كتابه القيم (عدة الداعي) ان رجلاً سال مولانا الامام الصادق (عليه السلام) عن علة عدم استجابة ادعية بعض الداعين، فاجاب (عليه السلام) بما مؤاده: لانكم تدعون من لا تعرفون وفي هذا الحديث الشريف اشارة مهمة الى الشرط الاساس لاستجابة الدعاء وهو ان يعرف الداعي الرب الكريم الذي يدعوه، وهذا الشرط هو ما تسعى لتحقيقه في قلب الداعي كل فقرات دعاء الحجب المبارك، خاصة المقطع الثالث الذي نحن بصدده، حيث يعلمنا ان ندعوه بالاسماء التي جعلها وسيلة لاستجابة الدعاء وقد انتهى بنا الحديث الى العبارة التالية: (واسالك بكل اسم هو لك انزلته في كتابك او اثبته في قلوب الصافين الحافين حول عرشك). فما الذي نستفيده من هذه العبارة؟


ايها الاطائب، معنى الاسم هو مادل على المسمى وعرف به، والاسماء الالهية هي مادلت وعرفت الله عزوجل، وقد ذكر العلماء على انها على نوعين لفظية مثل اسم الرحيم والحي والقدير ونظائرها، واسماء تكوينية وهي الآيات الوجودية المعرفة بالله تبارك وتعالى مثل افعاله وسننه في الخلق وغيرها، وهي ما تشير اليها الآية الكريمة الثالثة والخمسين من سورة فصلت حيث يقول عز من قائل: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ».


ونلاحظ ان الله تبارك وتعالى يحذر الناس من الالحاد في آياته مثلما يحذر من الالحاد في اسمائه اي افكارها، فيقول في الاية الاربعين من سورة فصلت: «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».


ويقول ايضاً في الآية ۱۸۰ من سورة الاعراف: «وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ».


فما الذي نستفيده من هذه الملاحظة؟ الاجابة تاتيكم بعد قليل فابقوا معنا متفضلين.


ايها الاحبة، الذي نستفيده من الملاحظة المتقدمة هي انه ينبغي للمؤمن ان يهتم بمعرفة الاسماء الالهية الحسنى سواء كانت اللفظية منها او الوجودية التكوينية مثل الآيات، لان الحصول على معرفة من يدعوه تبارك وتعالى تحصل لهم من خلال كلا هاتين الطائفتين من الاسماء الالهية الدالة عليه عزوجل.


والله تبارك وتعالى قد انزل هذه الاسماء بكلا قسميها في كتابه الكريم، فينبغي للمؤمنين السعي لمعرفة الله بها، فهي التي عرّف الله بها نفسه، ولذلك فهي افضل وسائل معرفته وبالتالي افضل الوسائل التي ينبغي للمؤمنين ان يبتغوها ودعوة الله عزوجل بها.


فالطائفة الاولى تتضمنها الآيات الكريمة التي تصف الله تبارك وتعالى بانه السميع والعليم والحي القيوم والقدير ورب العالمين وخير الراحمين ونظائرها وهي تربو على المئتين من هذه الاسماء المباركة.


اما الطائفة الثانية فهي التي تتضمنها الآيات التي تتحدث عن نظام الخلقه وعجائبه واتقانه، وكذلك الآيات المبينة لسنن الله في تدبير شؤون عباده، والآيات التي تبين صفات وخصوصيات اولياء الله الصادقين وهم من آياته الوجودية فهم يعرفون الله باخلاقهم الكاشفة عن اخلاق الله لانهم سادة المتخلقين باخلاق الله عزوجل.


يبقى ايها الاخوة والاخوات ان نشير الى ان قول الدعاء الشريف: (بكل اسم هو لك انزلته في كتابك) فيه تنبيه الى ان لهذه الاسماء حقائق ملكوتية تنزلت عنها الى المرتبة التي تستطيع الافهام البشرية ادراكها، ولذلك ينبغي للمؤمن ان يسعى ضمن تعرفه على هذه الاسماء الظاهرية الى فتح قلبه على حقائقها الملكوتية الغيبية التي تحرك القلوب وتجذبها الى الله جل جلاله وهذا ما سنتناوله مفصلاً باذن الله عزوجل في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، وختاماً لكم جزيل الشكر على طيب المتابعة مقروناً بخالص الدعوات من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم بالف خير.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة