البث المباشر

جلال الدين محمد -۳۲

الثلاثاء 18 يونيو 2019 - 10:36 بتوقيت طهران
جلال الدين محمد -۳۲

كما تعرفون فاننا في هذا العام الذي اعتبرته منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام المولوي بمناسبة مرور 800 عام على ميلاده أعددنا برنامجاً خاصاً بالشاعر جلال الدين البلخي الرومي وقد قدمنا على مدى الاسابيع الماضية العديد من حلقات هذا البرنامج، وها نحن وإياكم في حلقة اخرى منه.
القرآن الكريم أكد على هدفية نظام الخلق، وأن الخلق لم يأت عبثا ومن دون حكمة سواء في خلق الكون أو في خلق الانسان لا بل خلق سائر الموجودات وهذه الحقيقة الثرّة والمهمة حظيت بعناية الشاعر والعارف جلال الدين الرومي، فمن وجهة نظر مولانا، فإن عالم الخلقة له معنى وله هدف لا بل أن الفكر المولوي يرى ان كل شيء في الوجود.
حتى الجمادات، وأن كل الموجودات تتحدث مع الانسان وأن العالم هو على الدوام في حال تطور وحداثة. ويرى العارف جلال وحسب الروية المولوية لو صحت منا هذه العبارة فإن البحر هو مظهر لاتساع وعظمته المعرفة الإلهية، ولمولوي استنباطات عميقة من كلمة بحر تتجاوز الظاهر المتبادر من هذه الكلمة.
ان مطالعة سائر كتب مولانا واحاديثه وما جاء في مجالس وعظه وغيرها من شأنها أن تفتح لنا الطريق لفهم المثنوي بما فيه من درر غراء وصور علياء.
وبكلمة يمكن القول إن مؤلفات جلال الدين النثرية والمنظومة، والثانية ربما تكون اكثر من الاولى تساهم في فهم المثنوي بشكل خاص وتعاليم وافكار مولانا بشكل عام.
إذن لابد من اللجوء الى المجالس السبعة والى المكتوبات وإلى فيه ما فيه وإلى ديوان شمس بغزلياته ورباعياته لفهم مولانا فكراً وشخصية وسنطل على جانب من هذا الفكر من خلال ديوان شمس.
نعم حضرات لقد اخترنا لكم من ديوان شمس هذه الابيات التي حملت عنوان (چه تدبير) أي: ما التدبير؟
يرى المولوي أن هذا العالم هو في حضور الله تعالى وأنه تحت إشراف وحفظ الحق تعالى الذي بيده ازمة الامور.
وكل ما في هذا العالم يسير نحو هدف عالم الوجود بكل ذراته يسير نحو هدف مرسوم ومحدد والى هذا الامر أشار مولانا في كتاباته العرفانية والادبية ما بين المثنوي وكليات شمس وغيرها.
وتبدو الضرورة لقراءة المثنوي وتفسيره، ومن وجهة نظر الباحث الايراني بديع الزمان فروزانفر وله دراسات عدة حول المولوي ومؤلفاته، وقد انتقل الى رحمة الله تعالى فان القرآن يفسر بعضه بعضاً، والحال ذاته بالنسبة للمثنوي المعنوي، فانه لدرك معانيه من الافضل دراسة آثار مولوي الاخرى إذ انّ هذا الطريق من شانه أن يوصل الباحث الى اعماق الفكر لدى شاعرنا المولوي.
إن كلمة (دريا) اي البحر تتعالى في المثنوي المعنوي، ولمولوي مفاهيم ومعاني مختلفة صبها في كلمة بحر، وربما لا نلاحظ مثل هذه الحالة في التعامل مع كلمة بحر عند أشعار اي من الشعراء الآخرين. يقول مولانا:

چه تدبير اي مسلمانان

كه من خود را نمي دانم

نه ترسا، نه يهودم من

نه گبرم، نه مسلمانم

نه شرقيم نه غربيم، نه بريم نه بحريم

نه از كان طبيعيم نه از افلاك گردانم

نه از خاكم، نه از آبم نه از بادم نه از آتش

نه از عرشم، نه از فرشم نه از كونم نه از كانم

مكانم لا مكان باشد، نشانم بي نشان باشد

نه تن باشد، نه جان باشد كه من از جان جانانم

*******

ما التدبير ايها المسلمون

فانا نفسي لا أعرف

إني لست مسيحيا ولا يهوديا

ولست مجوسيا ولا مسلما

كما إني لست شرقيا ولا غربيا

ولست بريا ولا بحريا

ولست من منجم ارضي

ولست من الافلاك السيارة

ولست من التراب ولا من الماء

ولست من الرياح ولا النار

ولست من العرش ولا من الفرش

ولست من الكون ولا من المكان

فمكاني حيث لا مكان

وبرهاني حيث لا برهان

ولست من الجسد ولا من الروح

وانما انا من روح الروح

هكذا يرى المولوي منزلة الانسان إنها لا تحدّ بزمان ولا مكان، ولا تقدر بما تقدره لها الاديان انها روح الروح، إنها نفحة من نفحات الروح الإلهية في الذات البشرية التي لا تعد شيئاً إذا ما غادرتها الروح او لم تلجها على الاطلاق. ولنا واياكم عودة وجلال الدين محمد شاعر العرفان.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة