البث المباشر

الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين وتراثه العلمي

الخميس 7 فبراير 2019 - 18:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 106

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
كنت قد تحدثت في لقاء سابق عن الشيخ الصدوق وقلت بأن هناك صدوقان، الصدوق الاول وهو الشيخ ابن بابويه القمي وهناك الشيخ الصدوق الثاني ولده وهو محمد بن علي بن حسين ولادته بقم عام 305 هجرية ووفاته سنة 381 هجرية، آل بابويه من الاسر العلمية الشهيرة بقم الذين ذاع صيتهم يعني اشتهروا بالعلم والفضيلة وآنذاك كانت تزخر مدينة قم بنوادي العلم والمعرفة، وقد ذكر صاحب اللوامع ان في زمان علي بن الحسين يعني والد الشيخ الصدوق او الصدوق الاول ابن بابويه كان في قم من المحدثين مائتا الف محدث، الشيخ الصدوق طبعاً الصدوق الثاني له اكثر من ثلاثمئة مؤلف في شتى فنون العلم وانواع العلم واشهر مؤلفاته هو كتابه المعروف من لا يحضره الفقيه، من لا يحضره الفقيه سماه على غرار كتاب الفيلسوف المتطبب محمد بن زكريا الرازي عنده كتاب هذا الفيلسوف سماه من لا يحضره الطبيب، الشيخ الصدوق سمى كتابه من لا يحضره الفقيه على غرار هذا الاسم وهذا الكتاب هو رابع الاصول الاربعة التي عليها مدار الشيعة يعني هذا كتاب من لا يحضره الفقيه، الكتب الثلاثة الاخرى وهو الكافي للكليني رحمة الله عليه والتهذيب والاستبصار وهما للشيخ الطوسي رضوان الله عليه وطبعاً لايخفى على الاخوة المؤمنين ان هذه الكتب الاربعة مر عليها اكثر من تسعة قرون والفقهاء وغير الفقهاء، العلماء، الكتاب الافاضل، الكل يتلقونها بالقبول والاهمية ولايستغنون عنها اطلاقاً، يعني لا يستغني عنها اي عالم او مؤرخ او مشرع ولا اعتقد ان مكتبة فقيه او عالم او خطيب تخلو من هذه الكتب الاربعة فواحد من هذه الكتب هو من لايحضره الفقيه وله مؤلفات قلت الشيخ الصدوق الثاني له اكثر من ثلاثمئة‌ مؤلف في مختلف الفنون والعلوم من مؤلفاته كتاب علل الشرائع منها اكمال الدين واتمام النعمة ولاننسى هذا الدور الكبير والعظيم لعلماء الاسلام وعلماء اهل البيت وهذا هو ايضاً جهاد اهل القلم هذا نشر فكر اهل البيت، تدوين تراث اهل البيت(ع). 
اشتهر الشيخ الصدوق الثاني بأنه لم يستثمر لنفسه من سهم الامام ولافلساً واحداً ‌يعني كان محتاط الى ‌درجة‌ ما يتصرف بسهم الامام رغم انشغاله بالعلم والتدوين والتأليف كان له تجارة ويشرف في ادارتها ويشرف عليها غلمانه يقتات منها وينقل عنه انه كان آية في ذكاءه وفي قوة الحافظة فاذا حضر مجلس شيوخه او احد اساتذته يحفظ عنهم بمجرد سماع مرة واحدة واشتهر ايضاً بسفراته. ‌
السفر كان اما لطلب العلم او لنشر العلم واحياناً كان للسببين في آن واحد فهو من جانب كان يسافر الى امهات الحواضر العلمية ويحضر محاضر العلماء يستفيد من جانب ويحضر ايضاً ندوات لناس في فيض عليهم من علومه ومعارفه فاشتهر بكثرة سفراته مثلاً سفره الى‌ بغداد عام 352 هجرية، سافر الى بغداد طبعاً ‌كان متجهاً الى الحج وفي ذلك اليوم قوافل الحجاج تمر بالعراق فلما وصل الى بغداد اجتمع اليه شيوخها وعباقرتها يسمعون منه العلم وممن استمع اليه واستفاد منه كثيراً كما ذكر المؤرخون ابوالحسن علي بن ثابت الدواليبي والسيد ابو محمد الحسن بن يحيى‌ العلوي ومحمد بن عمر الحافظ وابراهيم بن هارون وغير ذلك من مشاهير العلماء والكتاب. 
وقال المؤرخون بأنه زار الكوفة وبقي في مسجد الكوفة اياماً يجتمع اليه كبار العلماء والمحدثين ويستفيدون منه ويستمعون الى ‌دروسه وكان يحضر في حرم الامام امير المؤمنين(ع) وتعلمون بأن قبر الامام امير المؤمنين(ع) كان محطاً لطلاب العلم والحوزة العلمية باعتبار الامام امير المؤمنين هو باب مدينة العلم وعلوم رسول الله وكنز الاسلام وكنز علم الرسول وعلوم الانبياء ومفاهيم القرآن لذلك كان الطلبة رواد العلم وطلاب العلوم الدينية والعلوم الاسلامية يتخذون من قبر الامام وجوار الامام امير المؤمنين مكاناً باعتبار بركة الامام وفيض الامام يغطيهم في التحصيل فلما وصل الشيخ الصدوق الثاني الى النجف كان يحضر يومياً في حرم الامام ويلتف حوله الناس وخصوصاً الطلبة ويستمعون الى‌ احاديثه والى دروسه وله فتاوى، طبعاً ‌الفتاوى له بعض فتاوى‌ غريبة. الشيخ الصدوق الثاني تفرد بها انا اعرض عن ذكرها ولامجال لذكرها، هذه مدونة في ترجمته ومذكورة توفي في الري وطبعاً لا يفوتني ان انوه على‌ هذه الملاحظة بالذات يقال بأن اباه المرحوم الصدوق الاول وهو الحسن بن بابويه لما ولد ولده هذا وهو الصدوق الثاني محمد احد المحمدين الثلاثة كان دائماً ابن بابويه يطلب الى‌ زوجته ان تحضر او تضع مهد ولدها في غرفة التدريس كان يفدون عليه التلاميذ يدرسهم فسألته ذات يوم بأن ما هو المغزى ان تأمرني ان انقل مهد ولدك محمد الى حجرة التدريس فالفت نظرها هذا المعنى اني اريد ان يتعود سمعه من الطفولة ومن ايام الصبى يتعلم او اول ما يرد سمع هذا الغلام فقه اهل البيت وحديث اهل البيت ومعارف اهل البيت.
طبعاً هذا المعنى مؤكد عليه من خلال ثقافة اهل البيت، العلم في الصغر كالنقش على الحجر وغالباً‌ ما الاشياء التي يتلقاها الاطفال من صغر اسنانهم ايام حداثة طفولتهم لاينسونها ابداً مهما تراكمت عليه الهموم، الذي يحفظ الاشياء وهو ابن خمس سنوات غير الذي يحفظ الاشياء والمعلومات وهو ابن الخمسين سنة وتؤكد المعلومات ان اول الجوارح عملاً وحركة هي جارحة السمع عند الانسان لذلك ابن بابويه كان يطلب دائماً الى ‌زوجته ان تضع مهد ولدها محمد وهو الصدوق الثاني في غرفة التدريس في صالة التدريس ولما تسأله عن السبب يقول اني اريده ان يتشبع سمعه وذهنه بمعارف اهل البيت وبمبادئ اهل البيت وبعلوم اهل البيت. 
وفاته في مدينة الري وله هناك مقبرة كبيرة ومزار كبير وسمعت بتواتر انه في احدى‌ اجراءات الصيانة للمبنى او المرقد، لوحظ ان بدنه باق على ‌حالته يعني الجسد، اثناء عملية الصيانة او التعديل التلحيظ للمشهد شوهد البدن على حالته لم يتعرض ابداً الى ‌التفتت وطبعاً ‌من مكافئات الله لاولياء في الدنيا قبل الآخرة. 
انا هذا سمعت المعنى من الكثير من كبارنا في السن، عام 42 او44 لما كانت تجري عملية توسيع نهر دجلة عثر على قبر حذيفة بن اليمان على ضفة نهر دجلة والجرافات هذه كانت جرفت القبر فشوهد جسد حذيفة بن اليمان باق على حالته، نقل الى جوار قبر سلمان الفارسي المعروف بسليمان باك ومن يزور سليمان باك يلاحظ قبر حذيفة هذا ليس قبر حذيفة، انما نقل الى هناك، الجسد كان على حالته، هذه ايضاً الحالة لوحظت عند الشيخ الصدوق وجد بدنه على‌حالته. نعم وقبره الآن مشهور في مدينة الري قريب من او في طريق قبر او مشهد السيد عبد العظيم. 
نسأل الله تعالى ان يزيد من علو درجاته ويوفقنا للسير على مناهج هؤلاء العظماء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة