البث المباشر

احلى الكلام -٤۲

الأحد 20 يناير 2019 - 14:16 بتوقيت طهران

الحلقة 42

كتب إليّ الأخ عبد العزيز التّميميّ من دار السّلام بغداد - زادها الله عزّا- أن لمن هذا البيت:

ولولا خلال سنّها الشّعر ما درى

بناة العلى من أين تؤتى المكارم

قلت للأخ التّميميّ الكريم: هذا البيت من قصيدة لأبي تمّام حبيب بن أوس الطائيّ الشاعر المجدّد الكبير المتوفّى بالموصل سنة إحدى وثلاثين ومئتين عن عمر ناهز إحدى وأربعين سنة.
وبيته المسئول عنه آخر أبيات مختاره من خمسة وثلاثين بيتاً في المدح، وها هو ذا المختار:

ينال الفتى من عيشه وهو جاهل

ويكدي الفتى في دهره وهو عالم

ولو كانت الأرزاق تجري على الحجى

هلكن إذاً من جهلهنً البهائم

فلم يجتمع شرق وغرب لقاصد

ولا المجد في كفّ امرىً والدّراهم

يرى حكمة ما فيه وهو فكاهة

ويقضى بما يقضي به وهو ظالم

وليس ببان للعلى خلق امرىً

وإن جلّ إلاّ وهو للحال هادم

ولولا خلال سنّها الشّعر ما درى

بغاة العلم من أين يؤتى المكارم

وبعث إليّ غانم المختار من ساحل العاج أن لمن هذا البيت وما قبله وما بعده:

قد كان عندي زعيم القوم عالمهم

فاليوم عندي زعيم القوم من جهلا؟

قلت للأخ المختار: هذا البيت من جملة أبيات للكاتب البارع اللغويّ الأديب محمّد بن عليّ بن أبي بكر اللخميّ المتوفّى سنة ستّ عشرة وستّ مئة.
وقد اختصر الغريب المصنّف، فأتقن فيه وأبدع، وسمّاه حلية الأديب.
وكان جليل القدر، بيته بيت علم وأدب، ورواية وكتابة. وها هي ذي أبياته المشار إليها، وقد خاطب بها شيخه:

سأهجر العلم لا بفضاً ولا كسلا

حتّى يقال ارعوى عن حبّه وسلا

ولا أمرّ ببيت فيه مسكنه

كي لا يمثّل شوقي حيثما مثلاً

قد كان عندي زعيم القوم عالمهم

فاليوم عندي زعيم القوم من جهلا

قلت: وهذا هو البيت الذي سأل عنه الأخ غانم المختار من ساحل العاج، وبعده قوله:

ما إن رأيت الذي يزداد معرفة

إلاّ يزيد انتقاصاً كلّما كملا

وآية الصّدق في قولي وتجربتي

أنّ الجواد على العلاّت ما وألا

ووأل إليه يئل وألا ووءلاً بمعنى لجأ.
وسألني الأخ محمّد المزروع من الرّياض عاصمة الدّيار السّعوديّه عن قائل هذا البيت:

عباد الله أقوام كرام

بهم للخلق والدّنيا نظام؟

قلت للأخ المزروع (دام سالماً): هذا البيت لأبي سعيد محمّد بن عليّ بن عبد الله الحلّيّ الإمام العالم بالنّحو والفقه، المتوفّى سنة إحدى وستّين وخمس مئة. وهذا هو بيته المسئول عنه، وما وجدته معه:

عباد الله أقوام كرام

بهم للخلق والدّنيا نظام

أحبّوا الله ربّهم فكلّ

له قلب كريم مستهام

سقاهم ربّهم بكئوس أنس

فلذّ لهم برؤيته المقام

ومن شعر أبي سعيد الحلّي الأديب النحويّ الفقيه هذا قوله الجميل:

دعاني من ملامكما دعاني

فداعي الحبّ للبلوى دعاني

أجاب له الفؤاد ونوم عيني

وسارا في الرّفاق وودّعاني

وهتف إليّ الأخ يوسف الخليليّ من طهران أن لمن هذا السّحر الحلال:

تلقاك في طيّ النّسيم تحيّتي

ويصوب في ديم الغمام ودادي؟

قلت: للأخ الخليليّ النّبيل: هذا الذي سمّيته السّحر الحلال هو خامس أربعة أبيات تستحقّ الاسم الذي وسمت به خامسها، وهي للشاعر الكاتب البارع الماهر أبي محمّد عبد الجليل بن وهبون القتيل في طريقه من إشبيلية إلى مرسية سنة أربع وثمانين وأربع مئة.
واعتنى ابن بسّام بشعره، ورتّبه في ديوان له سمّاه الإكليل المشتمل على شعر عبد الجليل، وهو من روائع آثارنا المفقودة. وها هي ذي أبياته العذبة:

إن سرت عنك ففي يديك قيادي

أو بنت عنك فما يبين فؤادي

صيّرت فكري في بعادك مؤنسي

وجعلت لحظي في ودادك زادي

وعليّ أن أذري دموعي كلّما

أبصرت شبهك في سبيل بعادي

كم في طريقي من قضيب ناعم

أبكي عليه ومن صباح باد

تلقاك في طيّ النّسيم تحيّتي

ويصوب في ديم الغمام ودادي

والبيت الأخير هو مورد سؤال الأخ يوسف الخليلي (حفظه الله).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة